وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)

معاناة اللاجئين الإثيوبيين شرق السودان تزداد تعقيدا

توقعات بارتفاع معدلات التدفق وتحذيرات من انتشار التهاب الكبد الوبائي بشكل أكبر

 

جمال عبد القادر البدوي

تزداد الظروف التي يعيشها اللاجئون الإثيوبيون الموجودين أصلاً في السودان، الذين تجاوز عددهم 70 ألفاً، تعقيداً وصعوبة، نتيجة ظروف المناخ والأمطار والعواصف، التي عبثت بالخيام والمرافق الصحية بالمعسكرات، وأعاقت توزيع المعونات وتقديم الخدمات وتطويرها، في ظل شح الموارد والإمكانات المحلية أصلاً، وبطء حركة منظمات الإغاثة الدولية.

وما زاد الأمر سوءاً بدء وصول موجات جديدة من اللاجئين إلى الحدود السودانية من عرقيات “الكومنت” و”القمز” نتيجة تجدد الاشتباكات مع قبيلة “الأمهرا” بمحاذاة محلية باسندة بولاية “القضارف”، جنوب منطقة “تاية” الحدودية، فضلاً عن استمرار وصول مجموعات بصورة متقطعة إلى مركز استقبال “حمداييت” الحدودي في ولاية كسلا وقرية “تاية” بولاية “القضارف” من قومية الـ “تيغراي”، دخلت، السبت الماضي، 31 يوليو (تموز).

توقع تزايد معدلات التدفق

ويُتوقع استمرار وصول اللاجئين، بمعدلات ربما تصل إلى حوالى ستة آلاف لاجئ خلال الأيام القليلة المقبلة، نتيجة تصاعد المعارك وتحركات قوات “جبهة تحرير شعب تيغراي” باتجاه مناطق أخرى مجاورة على الحدود السودانية الإثيوبية.

وبلغت الأعداد الأخيرة التي وصلت إلى الحدود السودانية الشرقية 2268، وخلال تفقد وفد من الجهات المختصة في الحكومة المحلية موقع التدفقات في محلية “باسندة” في منطقة “باسنقا”، التي تبعد حوالى 17 كيلومتراً جنوب العاصمة المحلية، تحدث عدد من اللاجئين عن مآسٍ وظروف صعبة مرّوا بها، فضلاً عن تدمير قراهم ونهب ثرواتهم ومقتل كثيرين من أفراد قبائلهم بواسطة ميليشيات مسلحة يعتقدون أنها موالية لعرقية “الأمهرا”، كما وصل وفد من الحكومة المركزية، بقيادة مدير إدارة الحدود اللواء محمد الأمين بانقا في القوات المسلحة إلى محلية “باسندة” للوقوف على أوضاع اللاجئين الجدد.

توقف الترحيل إلى المعسكرات

وزادت التدفقات الجديدة من صعوبة أوضاع اللاجئين، بخاصة مع توقف عمليات الترحيل من مراكز ونقاط الدخول إلى معسكرات دائمة للإيواء، ونتيجة تكدّس المعسكرات القائمة، تتجه السلطات الولائية في “القضارف” إلى إنشاء معسكر جديد داخل الولاية.

وعزا الفاتح المقدم، رئيس مركز الطوارئ الحدودية توقف عمليات الترحيل من مراكز الاستقبال لمعسكرات الإيواء إلى وجود مشكلات في مواقع المعسكرات الجديدة المقترحة تتعلق بتوافر المقومات وعلى رأسها مياه الشرب. وأوضح أن ضعف التسجيل وما يتبعه من استخراج للبطاقات الممغنطة، يؤثر في تقديم الخدمات كمّاً ونوعاً، إذ، على ضوء التسجيل، تتحدد الحاجات الفعلية، مؤكداً أنه يجري العمل لتسريع عمليات التسجيل.

بطء المنظماتوتعكف لجنة الأمن الولائية في اجتماعاتها المشتركة على اختيار موقع جديد لإيواء اللاجئين، وشرح علي محمد أن حكومته تتعامل مع اللاجئين بصفة اللجوء، من دون تصنيفهم كمدنيين أو عسكريين أو أي تصنيفات أخرى، إذ يتم تجريد العسكريين من سلاحهم، وإدخالهم المعسكرات كمدنيين، مشيراً إلى أن أجهزة الاستخبارات والأجهزة الأخرى تتابع أي أنشطة قد تكون مشبوهة وسط اللاجئين.

وشكا الوالي من الضغط الكبير الذي يشكله هؤلاء على الخدمات العامة في الولاية، بخاصة ما يتعلق بالسلع الاستهلاكية والوقود وبقية الخدمات، ما يتطلب زيادة حصة الولاية من تلك السلع لمواجهة حاجات اللاجئين وأطقم المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية العاملة في مجالات خدمتهم.

التهاب الكبد الوبائي

وسط هذه الأجواء، كشفت منظمة “أطباء بلا حدود” الدولية العاملة في معسكرات اللاجئين شرق السودان عن انتشار مخيف لالتهاب الكبد الوبائي وسط لاجئي “تيغراي”، نتيجة نقص الاستجابة الدولية للمساعدة، ما جعل هؤلاء يدفعون حياتهم ثمناً لضعف التنسيق هذا.

وأعلنت المنظمة أن فرقها الطبية تستقبل حوالى 15 حالة يومياً بهذا المرض، ما يهدد المجتمعات المضيفة بالإصابة أيضاً.

في هذا الوقت، قال مسمار عبد النبي، مساعد معتمد اللاجئين في ولاية “كسلا” إن فريقاً من المعتمدية ومكتب المندوب السامي للاجئين تفقّدا موقع التدفقات الجديدة في محلية “باسندة”، حيث يتم الحصر الدقيق لأعدادهم، محمّلاً مسؤولية توقف الترحيل إلى المعسكرات الدائمة، للمفوضية السامية للاجئين بعد أن أوفت حكومة ولاية “القضارف” بالتزامها توفير موقع لمعسكر جديد في منطقة “قلع النحل”، زاره المندوب السامي، لكن المفوضية والمنظمات عجزت عن تأمين الخدمات المطلوبة من مياه وغيرها حتى تُستأنف عمليات الترحيل إليه، بعد تكدّس معسكري “أم راكوبة” و”الطنيدبة” بحوالى 41700 لاجئ.

كما كشف مصدر مسؤول عن وجود مشكلة جديدة في بعض مراكز الاستقبال والمعسكرات، تظهر في الفوارق بين أرقام التسجيل الدفترية والأعداد الموجودة فعلاً في المواقع.

وكان 120 من الجنود الإثيوبيين ضمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في ولاية “دارفور”، انضموا إلى المعسكرات في شرق السودان بعد أن رفضوا العودة إلى بلادهم، بسبب مخاوف أمنية تتعلق بانتمائهم إلى قومية “تيغراي” التي تخوض حرباً مع أديس أبابا.