وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)

توجه دول الشرق الأوسط التي دمرتها الحرب آفة جديدة

بقلم: إيزابيل ديبر

(صحيفة “Stars and Stripes” الأمريكية- ترجمة: انيسة معيض-سبأ)

 

القاهرة – عندما ذهب الدكتور إسماعيل المنصوري للعمل في العاصمة اليمنية في مستشفى يفتقر الى القفازات الطبية بشكل كبير, بدا عمله بارتداء زوجاً من القفازات ثم دخل إلى عيادة ضيقة تعج بالمرضى البائسين والعديد منهم يعانون من سوء التغذية، وبعضهم يتقيأ، والبعض الآخر يعاني من الإسهال.

يكافح المنصوري، وهو طبيب للأطفال منذ سنوات لمحاربة الانتشار السريع للعدوى التي يمكن الوقاية منها وعلاجها، مثل الكوليرا التي تفشت في اليمن التي مزقتها الحرب.

الآن مع التفشي الكثيف لفيروس كورونا في المنطقة يواجه تهديداً جديداً، لا يمكن الامل في الوقاية منه إلا بارتداء الكمامات, وقال: ” لا يمكنني حتى التحدث عن استعدادنا لفيروس كورونا, لأنه ليس لدينا أي إمكانات”.

لقد دمرت الحروب والصراعات التي طال أمدها في جميع أنحاء الشرق الأوسط الدفاعات المحتملة ضد تفشي فيروس كورونا وغيرها من الفيروسات، مما ترك الملايين عرضة للخطر في اليمن وليبيا وسوريا وأفغانستان وقطاع غزة وأماكن أخرى.

عملت الحرب على تدمير أنظمة الرعاية الصحية والعديد من البنى التحتية الرئيسية, كما تتقاسم العديد من البلدان: الحكومات، أو الفصائل, أو الجماعات المسلحة المتنافسة, مسؤولية ردم أي محاولة لبرامج الحماية على الصعيد الوطني.

نزح مئات الآلاف من الأشخاص من منازلهم بسبب القتال, والآن يعيشون في أماكن متقاربة ومزدحمة في مخيمات أو مساكن غير لائقة.

قال جون نكينجاسونج، مدير المراكز الأفريقية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها, مع وصول الفيروس إلى العراق وليبيا والصومال وجمهورية الكونغو الديمقراطية: “أصبحنا قلقين للغاية, سيكون التأثير كبيراً”.

يعانى معظم المرضى الذين أصيبوا بالفيروس التاجي الجديد من أعراض خفيفة فقط ويتعافون بعد حوالي أسبوعين, لكن الفيروس شديد العدوى ويمكن أن ينتشر من قبل أولئك الذين ليس لديهم أعراض واضحة, وبالنسبة لكبار السن والأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية اساساً يمكن أن يسبب مرضاً أكثر خطورة, بما في ذلك الالتهاب الرئوي.

ولم تؤكد اليمن وليبيا وسوريا وغزة حتى الآن أي إصابات, ولكن الأطباء يعتقدون في كثير من الحالات أن الفيروس قد وصل ويخشون من أن الافتقار إلى أنظمة مراقبة المرض ونقص الاختبارات والإمدادات الأساسية والمهنيين المدربين بشكل مناسب, سيسمح بتفشي وباء غير غير مرئي.

ليس لدينا قدرات لإجراء الاختبارات اللازمة, لذلك لا يمكننا الاعتماد إلا على الأعراض والعلامات, ولكن عندما أرى الأعراض وأحاول الإبلاغ عنها، لا أحد يفعل أي شيء, حيث يذهب الناس إلى منازلهم ويخرجون ويتجولون ويتناولون الطعام في المطاعم.

صرحت الطبيبة وجدان صبري، أخصائية قسم العظام تعمل خارج العاصمة الليبية طرابلس : “أستطيع أن أقول على وجه اليقين أن أولئك الذين يحملون الفيروس على الأرجح مستمرين في حياتهم كالمعتاد ويقومون بنقله إلى أفراد الأسرة وغيرهم من الناس في الشارع”.

تعد الطبيبة صبري هي واحدة من اثنين من الأطباء المتطوعين المكلفين بمكافحة الأمراض المعدية لـ 2.3 مليون شخص في طرابلس، التي كانت ساحة معركة للميليشيات المتحاربة, حيث قالت إنها شاهدت سبعة مرضى على الأقل في الأيام القليلة الماضية يعانون من أعراض مقاربة لفيروس كورونا, وكانت تنصحهم فقط بالبقاء في منازلهم أو زيارة المختبر المركزي في طرابلس، حيث يمكن العثور على قليل من الاختبارات في ليبيا, ولكن العديد من مرضاها يتجنبون تلك الاختبارات خشية الحجر الصحي, ويعتقدون أنهم سوف يذهبون إلى وحدة العزل ويموتون.”

معدات الحماية في جميع أنحاء ليبيا قليلة, حيث أشار أحد الاطباء في مستشفى طرابلس المركزي أن 15 جراحاً في نوبته الليلية يشتركون في قناع واحد, ويوجد بالمنشأة الرئيسية لأمراض الجهاز التنفسي في الشرق، بالقرب من مدينة بنغازي، ثمانية أسرّة للعناية المركزة و 10 أجهزة تهوية وغرفة للحجر الصحي لشخصين.

قال الدكتور أنس البرغثي، مدير المستشفى: “نحن نبذل قصارى جهدنا ولكن بالطبع هذا لا يكفي, في نهاية الأسبوع الماضي، وجد الأطباء هناك أنهم لا يملكون المعدات اللازمة لجمع اختبارات لثلاثة مرضى وصلوا للتو من إيران، ومصر وبريطانيا وبهم اعراض الحمى مصحوباً بالسعال الجاف.

يخشى الأطباء في اليمن من أن الحرب المستعرة والأزمة الإنسانية ستتفاقم جراء الصعوبات في تحديد مقاييس العدوى واحتواء الفيروس, حيث تكافح البلد المقسمة بين الشمال الذي يسيطر عليه المتمردون والجنوب الذي تديره الحكومة بالفعل لوقف تفشي الكوليرا المتكرر الذي ادى إلى إصابة أكثر من 2 مليون شخص وتوفي نتيجة للكوليرا ما يقرب من 4 آلاف شخص منذ عام 2016.

في تعز، إحدى أكبر مدن اليمن، اوضح الدكتور عبد الرحمن الأزرقي أن ما يقدر بي 80٪ من مستشفيات وعيادات المدينة قد تدمرت بسبب الحرب والحصار المستمر.

ووصف الوضع في المستشفى الذي يعمل فيه بصراحة : “لا يوجد تدريب, لا يوجد غرف حجر صحي, ليس لدينا اختبارات للمرضى الذين نشتبه بهم”.

حددت منظمة الصحة العالمية مرفقين في البلد التي يبلغ عدد سكانها 29 مليون نسمة للحجر الصحي والتشخيص والتي صرح بوجودهما ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن “ألطاف موساني” والتي ستصبحان قريباً “غير كافية بشكل كبير”.

الأول: في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها المتمردون، لدى المستشفى القدرة على إجراء 200 اختبار فقط, أما الأخر، فهو في مدينة عدن الجنوبية، ويمكنه اجراء اختبارات لما يقرب من 300 شخص.

قال الدكتور محمد ربيع نائب مدير مكتب الصحة في عدن: “الناس خائفون لأنهم يعلمون أن الحكومة ليست مستعدة”، وأعرب عن أسفه لأن المستشفيات في جميع أنحاء البلد في حاجة ماسة للقفازات، والنظارات الواقية، وأجهزة التهوية، والأدوية والإمدادات الأخرى.

تفاقمت المخاوف مع انتشار الفيروس عبر الحدود الخاضعة لدوريات سيئة, حيث برزت إيران، كمركز إقليمي لتفشي المرض.

ترسل إيران بشكل كبير مستشارين عسكريين وسياح دينيين شيعة إلى سوريا, و جميع الحالات المؤكدة الـبالغة 21 حالة في أفغانستان اتت من إيران المجاورة, في حين يتنقل عمال النفط بين ليبيا وإيطاليا، وهي مركز رئيسي للعدوى, فيما عبر آلاف من المهاجرين الحدود الجنوبية لليبيا, التي وصفتها إليزابيث هوف، ممثلة منظمة الصحة العالمية في البلد, بالضعف الشديد الذي لا يمكننا فعل أي شيء حياله.

في قطاع غزة، تم خنق البنية التحتية الطبية بسبب سوء الإدارة من قبل حكام حماس الإسلاميين, والحصار المستمر منذ 13 عاماً الذي تفرضه إسرائيل بمساعدة مصر على القطاع, مما أدى إلى تعقيد مرور المعدات واللوازم الطبية الرئيسية, وبينما أغلقت إسرائيل معبرها الحدودي، فإنها لا تزال تسمح بمرور الحالات الطبية الخطيرة.

لا تزال قدرة الاختبار في غزة محدودة للغاية، حيث تكفي لمعالجة 150 عينة, في حين أجرت إسرائيل 200 اختبار إضافي.

يقول المسئولون الإسرائيليون أنهم يراقبون الوضع عن كثب في غزة ومستعدون للعمل مع المجتمع الدولي اذا ما تفشى المرض على نطاق واسع.

في سوريا التي تركت تسع سنوات من الحرب المدمرة البنية التحتية والمرافق الصحية في حالة من الخراب، أجرت حكومة الرئيس بشار الأسد حتى الآن 103 اختبارات لفيروس كورونا في المختبر الوحيد في البلد والتي عادت بنتائج سلبية.

يثبت البعد الاجتماعي مهمة ضخمة في مخيمات اللاجئين غير الصحية المليئة بمئات الآلاف من النازحين السوريين.

في أفغانستان، التي تشترك في حدود كبيرة مع إيران، وصف وزير الصحة فيروز الدين فيروز القدرة المتزايدة على اختبار الحالات المشتبه بها في المختبر الوحيد الذي يعمل في البلد، مع وصول 30 آلف مجموعة أخرى قريباً, حيث صرح فيروز للصحفيين: “لسنا فى وضع طبيعي, نحن نواجه تهديدا وطنياً”.

في غزة وبنغازي، سارعت السلطات إلى إنشاء مستشفيات جديدة للتعامل مع التدفق المحتمل للمرضى.

وفي طرابلس، أعلن رئيس الوزراء فايز سراج عن تخصيص حوالي 360 مليون دولار لمنع انتشار الفيروس, حيث تقول صبري، إنها لن تحصل على قسط كامل من النوم لفترة من الوقت وهي تقوم بحملات توعية وتعمل على تدرب الممرضات غير المتمرسات بشكل كبير في التعزيز الصحي الأساسي.

صرح مسئولون في اليمن وليبيا مؤكدين هذا الأسبوع بأن الأوضاع تحت السيطرة, ولكن لا يراها الجميع بهذه الطريقة.

واختم المنصوري حديثه:”الناس مرعوبون, الله يحمينا”.

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.