إجلال العمراني

يتحدث العالم عن الصعود للقمر وهل في المريخ حياة، ويكتشف العالم أحدث الاختراعات، وتتمتع شعوب العالم بحياة مفعمة بالراحة والاستقرار والرفاهية والأمن والأمان.

فيما الشعب اليمن لا يزال يتحدث عن كيفية الحصول على الاحتياجات الأساسية من ماء وغذاء وغاز ودواء وأمن واستقرار، ووو الخ.

في ظل الأوضاع الراهنة صعد العالم إلى المريخ، ويعود الشعب اليمني إلى العصور الحجرية، فعُدنا إلى استعمال الحمير والدواب في التنقل، وعُدنا إلى البحث عن المياه من الآبار وبراميل السبيل، واستخدام أغصان الأشجار والكراتين لطهي الطعام، وأكل أوراق الأشجار.

وسط هذا الوضع الكارثي الذي نعيشه بسبب الحرب الظالمة على بلادنا والحصار الجائر، كان للمرأة اليمنية من المعاناة والألم حصة الأسد، فهي من يتحمل العبء الأكبر في البحث عن الماء، وتقضي ساعات في التنقل بين الآبار وبراميل السبيل، والبحث عن الحطب، كما هو حال غالبية نساء القرى، وتجميع الكراتين بالنسبة لنساء الأسر ذات الدخل المحدود، وما أكثرها في هذا البلد المنكوب، من أجل إعداد الطعام لأسرهن بسبب توقف المرتبات، وعجز الكثير من الأسر عن توفير قيمة أسطوانة الغاز.

حتى الأسر المستفيدة من مشروع المياه في صنعاء والذي يصلها كل أسبوعين لم تسلم من المعاناة بسبب انقطاع الكهرباء، ما يضطر نساء هذه الأسر إلى جلب المياه من البراميل الأرضية بالسطول على رؤوسهن، ووو.

تعيش المرأة اليمنية وللعام السادس على التوالي حياة مأساوية بكل المقاييس، فقد حرم العدوان السعودي الإماراتي مئات الآلاف من النساء اليمنيات من أبسط حقوقهن، ومن أبسط مقومات الحياة، حيث واجهت المرأة اليمنية ولا تزال كل أشكال المعاناة منذ بداية العدوان إلى الآن، فقد قُتِلت وجُرحت وفقدت أبناءها وواجهت المجاعة والحصار والنزوح، وتأثرت في كل المستويات الصحية والتعليمية والاقتصادية.

وتعرضت لسوء التغذية ونقص الرعاية الصحية بسبب الحصار وإغلاق مطار صنعاء، وزيادة عدد المواليد الخُدّج، ومواليد يعانون من نقص في الوزن وارتفاع حالات النزيف الحاد بعد الولادة بسبب تدمير العدوان الغاشم جزء كبير من المرافق الصحية، وإغلاق الجزء الناجي من المحرقة بسبب انعدام المشتقات النفطية، ناهيك عن شحة الأدوية والارتفاع الباهظ في أسعارها، وخاتمة الأثافي الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية، وتدني دخل الأسرة اليمنية ما جعلها تضطر للاستغناء عن جزء كبير من الأساسيات، بعد أن صار الحصول على الكماليات من الأحلام المستحيلة.

المدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للسكان ومنسقة الشؤون الإنسانية في اليمن حذروا الجهات المانحة من وجود أكثر من مليون امرأة يمنية بحاجة ماسة للأموال الآن، أو ستفقد إمكانية الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية المنقذة للحياة، مما يُعَرِّضُ حياتهن وحياة أطفالهن للخطر.

وعن الوضع الكارثي الذي تعيشه المرأة اليمنية بسبب الحرب الظالمة على بلادنا تتحدث أخر التقارير الأممية عن اضطرار صندوق المتحدة للسكان، في سبتمبر 2019، إلى إغلاق 175 من أصل 268 منشأة صحية مدعومة من الصندوق، مخصصة لخدمات الصحة الإنجابية.

وهذا سيشكل تهديداً مباشراً لأكثر من مليون امرأة حامل ومرضعة يحتجن إلى علاج فوري لسوء التغذية الحاد ومزيد من المساعدات الطبية، ومما زاد الامور تعقيداً وخطورة توقف عملية شراء الأدوية بالفعل، وإغلاق 14مكانا آمنا وأربع منشآت متخصصة بالصحة النفسية للنساء.

وتحدث التقرير الأممي عن وفاة امرأة يمنية كل ساعتين بسبب مضاعفات الحمل والولادة، ومعاناة 20 امرأة أخرى من الإصابات أو العدوى أو الإعاقة التي يمكن الوقاية منها، وهذا هو الواقع المؤلم الذي تواجهه حوالي 6 ملايين امرأة ومراهقة في سن الإنجاب في اليمن، من الممكن تعرُضُهُن لمضاعفات لها علاقة بالحمل والولادة بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

وهناك نحو 1100000 من المرضعات والحوامل اليمنيات يعانين من سوء التغذية بحسب منظمة انتصاف لحقوق المرأة والطفل وصندوق الأمم المتحدة للسكان في فبراير 2018.

وحذر الصندوق الأممي من احتمال تعرض 75 ألف امرأة حامل لمضاعفات تُشكل خطراً مباشراً على حياتهن، في حال عدم حصولهن على الرعاية العاجلة، وأشار إلى أن استمرار الحرب وما يعقبها من تداعيات إنسانية، أدى إلى إضعاف وضع النساء والفتيات بشكل كبير في المجتمع، وتآكل شبه كامل لآليات الحماية المُتاحة لهن وزيادة، تعرضهن للعنف وسوء المعاملة، مُحذراً من تعرض ما يُقارب من 3000000 امرأة لخطر العنف.

وتحملت المرأة اليمنية أعباء النزوح والجوع وانعدام الأمن الاقتصادي ونقص الخدمات، وقدرت الأمم المتحدة اجمالي النازحين من النساء والأطفال بنحو 76 % والبالغ عددهم 3 ملايين ..ألخ

لقد وجدت المرأة اليمنية نفسها في مواجهة مباشرة منفردة كالسيف، مع كل ما يحيط بها، سواء في مخيمات النزوح أو في القرى البعيدة والمنسية من أبسط معايير الحياة الكريمة، أو حتى تلك التي تقطن المدن المكتظة بالفقر والغلاء والأوبئة القاتلة، وهي تنزوي كالغصن الكسير، تُكابد همومها بكاهل متضائل، أثقلته سنوات الحرب وتداعياتها، التي أكلت أخضر عمرها، ويابس سنين عطائها، فهل تربي الأيتام، أم تداري دمعاتهم المحروقة على الخدود الغائرة، أم تُطعمهم من العدم، أم تبحث عن قيمة علاج الأوبئة التي تنهشهم هي الأخرى، كأنها براكين الحرب، بحسب توصيف صحيفة الاندبندنت البريطانية، في تقرير لها بعنوان “اليمنيات في زمن الحرب… واقع كسير ونظرة حالمة بالمستقبل” نشرته في 10 مارس 2020.