السياسية - تقرير / نجيب هبة :

شهدتْ أجواءُ عدد من الدول الأوروبية، خلال الآونة القليلة الماضية، تحليقًا لطائرات مسيرة مجهولة. وأشارت تلك الدول بأصابع الاتهام نحو موسكو التي نفت ضلوعها في تلك الأحداث.

كما استعرضت روسيا أسلحة استراتيجية جديدة، وذلك في إطار الشد والجذب الحاصل بينها ودول أوروبية أعضاء في حلف شمال الأطلسي ومن خلفها الولايات المتحدة.

وتوقعت تحليلات سياسية وعسكرية أوروبية أن تكون روسيا جاهزة لشن حرب على دول في شرق أوروبا خلال العامين أو الثلاثة أعوام القادمة.

وفيما اتجهت بعض دول الناتو إلى اتخاذ إجراءات غلب عليها طابع الاستعداد لاحتمال نشوب حرب مع روسيا، أخذت أخرى تلك التوقعات على محمل الجد، وبدأت في زيادة وتطوير ترسانتها العسكرية، وخاصة الطائرات بدون طيار.

وتخشى أوروبا من ضغوطات أمريكية عليها باتجاه تقديم تنازلات لروسيا من أجل إرساء السلام، الذي لا تريد أن يكون على حساب مصالحها الاستراتيجية، وزعزعة أمن واستقرار أوروبا الشرقية.

أما روسيا، فتتوقع من جانبها تصعيدًا غربيًا تجاهها، وتجهّز سيناريوهات متعددة للرد على أي هجمات قد تطالها.

وتعدُّ الحرب في أوكرانيا سببًا رئيسيًا للأزمة القائمة بين روسيا والاتحاد الأوروبي.

وفي قمتها التي انعقدت قبل أيام، أقرّت دول الاتحاد الأوروبي رسميًا الحزمة الـ19 من العقوبات على روسيا بسبب حربها على أوكرانيا، وتشمل حظرًا على واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي، كما بحثت القمة استخدام أرصدة روسيا المجمدة لصالح أوكرانيا، فيما تهدد روسيا بأن استخدام أرصدتها سيقابل بردود قوية قد لا ترغب بها أوروبا.

فإلى أين تتجه مآلات التصعيد بين روسيا وحلف الناتو ومن خلفه الاتحاد الأوروبي وواشنطن؟ وهل تكون أوكرانيا الشرارة التي ستؤدي إلى احتراق القارة العجوز؟

في هذا السياق، نشرت صحيفة "غازيتا" الروسية، تقريرًا استعرض فيه الخبير العسكري، ميخائيل خودارينوك، السيناريوهات المحتملة للرد الروسي على أي هجمات بصواريخ بعيدة المدى أو أي تصعيد غربي جديد ضدها.



"الرد الصاعق"

وقال خودارينوك، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حذّر من أن موسكو ستوجه ردًا صاعقًا في حال تعرضها لهجمات باستخدام صواريخ بعيدة المدى مثل توماهوك، أو أي أسلحة أخرى تصل إلى عمق الأراضي الروسية.

وأضاف، أن الرد الروسي الخاطف قد يأخذ شكل عملية إستراتيجية تشمل قوات متعددة المهام، بالإضافة إلى القوات النووية الإستراتيجية، أي القوات البرية والبحرية والجوية، وجزء من القوات المجهزة بأسلحة نووية تكتيكية من القوات الجوفضائية والبحرية، بمدى قد يتجاوز 500 كيلومتر.

وتهدف هذه العملية إلى ردع الغرب عن تصعيد النزاع المسلّح في أوكرانيا، قبل أن تتطور الأمور إلى ما هو أسوأ.

ويوضح الكاتب أن الضربة الخاطفة، والمعروفة أيضًا بـ"الرد الصاعق"، قد تتكون من 3 مراحل.

تقوم المرحلة الأولى على توجيه ضربات بصواريخ مجنحة جوية وبحرية مُسلّحة تقليديا نحو منشآت ومصانع تُنتج أسلحة لأوكرانيا، وتقع على أراضي دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، على أن تُنفذ هذه الضربات ليلا بأسلحة تقليدية عن طريق قاذفات إستراتيجية وغواصات هجومية تابعة للقوات البحرية.

ويرجح الكاتب أنه مع بداية بزوغ شمس اليوم الجديد في أوروبا الغربية عقب الضربة الليلية، تبدأ المرحلة الثانية من "الرد الصاعق"، وتتمثل في ضربات نووية استعراضيّة تنفذها القوات النووية الإستراتيجية الروسية.

وتُنفذ هذه الضربات على شكل عمليات إطلاق فردي أو جماعي لصواريخ باليستية ومجنحة محمّلة برؤوس نووية، بهدف إبراز القدرات النووية الإستراتيجية الروسية بصورة واضحة، وفي هذا الإطار قد تُستَهدَف محيطات أو مناطق بحرية غير مأهولة.

ويؤكد خودارينوك، أنه إذا لم تنجح هذه الضربات في كبح جماح الغرب، فقد تبدأ المرحلة الثالثة من "الرد الصاعق"، والتي قد تتكون بدورها من مرحلتين.



هجمات نووية

تقوم المرحلة الأولى على توجيه ضربات بالأسلحة النووية التكتيكية إلى الحي الحكومي في كييف، ويشمل ذلك مبنى الرئاسة الأوكرانية ومقر البرلمان ومجمع مباني وزارة الدفاع الأوكرانية.

وفي حال عدم تحقيق الهدف من الضربة الأولى، تبدأ المرحلة الثانية التي تتضمن تدمير سلسلة محطات الطاقة الكهرومائية والسدود على نهر دنيبرو باستخدام رؤوس نووية خاصة، إضافة إلى نسف جميع الجسور البرية والسكك الحديدية الممتدة عبر النهر، بما في ذلك 9 جسور رئيسية في العاصمة كييف.

وخلال هذه المرحلة، يضيف الكاتب، قد تُستخدم الذخائر النووية الخاصة على أراضي بعض دول حلف شمال الأطلسي، في حال فشل الإجراءات السابقة في منع مزيد من التصعيد العسكري.

كما يُحتمل، حسب تحليله، أن يُقدم القائد الأعلى للقوات المسلحة الروسية (الرئيس فلاديمير بوتين) على تنفيذ "عملية رمزية"، مثل تفجير الطوربيد النووي الإستراتيجي "ستاتس 6 بوسيدون" في "نقطة نيمو"، وهي أكثر الأماكن عزلة على وجه الأرض، وتقع في قلب المحيط الهادي، بهدف استعراض قدرات الردع النووية التي تملكها روسيا.



أول صاروخ بمحرك نووي في العالم

وفي إطار الاستعدادات الروسية، أطلع رئيس الأركان العامة الروسي، فاليري غيراسيموف، الرئيس، فلاديمير بوتين، على نجاح اختبار أول صاروخ بمحرك نووي في العالم "بوريفيستنيك"، قطع مسافة 14 ألف كيلومتر، وحلّق بشكل أفقي وشاقولي لمدة 15 ساعة.

ونقلت وسائل إعلام روسية عن غيراسيموف قوله، إن "التحليق استمر 15 ساعة وأن الصاروخ استطاع اجتياز كافة الأنظمة الرادارية خلال تحليقه بمسارات شاقولية وأفقية مختلفة، قبل أن يصل إلى هدفه المفترض بدقة".

وأشار إلى أن الخصائص التكتيكية والفنية للصاروخ تتيح استخدامه بدقة مضمونة لضرب الأهداف المحصنة مهما كانت مسافة وجودها بالعالم.

وقال الخبير العسكري الصيني، سونغ تشونغ بينغ، في وقت سابق إن الصاروخ الاستراتيجي الروسي "بوريفيستنيك" يستطيع تغيير موازين القوى النووية الاستراتيجية في العالم.

وأضاف: "هذا سلاح فريد من نوعه تطوره روسيا خلافا للصواريخ المجنحة التقليدية التي تعمل بالوقود الكيميائي. يستخدم "بوريفيستنيك" الطاقة النووية مما يمنحه مدى تحليق لا نهائي".

ولفت إلى أنه يتم عادة تركيب الرؤوس النووية على صواريخ باليستية أو مجنحة تعمل بالطاقة الكيميائية، لكن روسيا أصبحت أول دولة تطور أسلحة نووية تنقلها صواريخ تعمل بالطاقة النووية.

من ناحيته، أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن الانتهاء من تجارب صاروخ "بوريفيستنيك".

وأكد، أنه خلال تدريب القوات الهجومية الاستراتيجية، أجريت اختبارات للأسلحة الواعدة، مشيرًا إلى أن قوات الردع النووي الروسية في أعلى مستوى.

وردًا على ذلك، اعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن إعلان نظيره الروسي فلاديمير بوتين اختبار صاروخ كروز يعمل بالدفع النووي غير "مناسب".



تحذير روسي من مواجهة مع واشنطن

وردًا على تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الخاصة بأن روسيا تقاتل بلا هدف في أوكرانيا، وأن كييف قادرة على استعادة أراضيها بدعم من أوروبا والناتو، قال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إنه لا يمكن الاتفاق مع كل ما يصدر عن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.

وأعلن بيسكوف، أن روسيا تجري عملية عسكرية في أوكرانيا لضمان أمنها القومي، معتبرًا أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يُظهر إرادة سياسية لإيجاد سُبل لتسوية الأزمة الأوكرانية.

وأضاف، أن مبادرة الرئيس الروسي بحل الأسباب الجذرية للنزاع في أوكرانيا سلميًا سبق ورفضتها أوروبا والولايات المتحدة.

وتعتقد الأوساط السياسية في موسكو أن ترامب يحاول الانسحاب من عملية التفاوض لتسوية النزاع في أوكرانيا.



هل تندلع حرب بين أوروبا وروسيا خلال ألف يوم؟

وتحت عنوان "حرب مع روسيا خلال ألف يوم"، يناقش الكاتب ماتيو بوك-كوتيه، التحذيرات الصادرة عن أجهزة الاستخبارات الأوروبية، التي تتوقع احتمال اندلاع صراع مفتوح بين أوروبا وروسيا خلال 3 سنوات.

ويرى الكاتب، في مقال بصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، أن هذا السيناريو لا يمكن استبعاده كليًا، مستشهدًا بسابقة عام 2022، حين لم يصدّق أحد أن روسيا ستغزو أوكرانيا، ومع ذلك حدث الغزو بالفعل.

ويؤكد بوك-كوتيه، أن روسيا تظل "قوة إمبراطورية لا تتسامح مع استقلال جيرانها"، وأن انضمام دول أوروبا الشرقية إلى حلف الناتو كان في الأساس محاولة لحماية نفسها من النفوذ الروسي، معتبرا أنهم "محقون في ذلك".

ويحذّر، في هذا الصدد، من أن هذا الصراع، الذي لا يزال محصورا في منطقة محددة، قد يمتد غدا إلى دول البلطيق، مما يعني أنه سينتشر ليتحول إلى "صدام دون منطقة عازلة بين الإمبراطورية الروسية والإمبراطورية الغربية"، على حد تعبيره.

لكن بوك-كوتيه ينتقد، في الوقت نفسه، النخب الأوروبية التي تستغل الخطر الروسي لتعزيز مشروعها الفدرالي داخل الاتحاد الأوروبي، معتقدة أن الخوف من بوتين يمكن أن يوحد أوروبا سياسيا.

ويرى الكاتب أن خطاب الحرب المقبلة خلال "ألف يوم" يخدم، قبل كل شيء، مصالح سياسية داخلية، إذ تستخدمه ما يسميها بـ"النومنكلاتورا" (الطبقة الحاكمة في الوسط السياسي الأوروبي) لإعادة شرعنة سلطتها، واستعادة لغة الهوية والحدود.

ويتساءل، أيضًا، عما إذا كانت التهديدات التي تواجه الديمقراطية الأوروبية داخلية بقدر ما هي خارجية، محذرًا من أن تضخيم الخطر الروسي قد يُستخدم لتبرير قمع المعارضات الداخلية، ووصم الخصوم السياسيين بأنهم عملاء لموسكو.

ويُشير إلى خطر أن تُلغى أو تُشكك نتائج انتخابات مستقبلية في بعض الدول الأوروبية بذريعة "التدخل الروسي"، إذا جاءت مخالفة لتطلعات النخب الحاكمة.

ويختم الكاتب بالتأكيد على ضرورة النظر بجدية إلى التهديد الروسي الحقيقي، ولكن في الوقت نفسه، الحذر من استغلال هذا التهديد من قبل من يسعون للبقاء في السلطة "بأي ثمن".



مواجهة عسكرية محتملة بحلول عام 2027

وكان رئيس الوزراء البولندي، دونالد توسك، قال في وقت سابق، إن روسيا قد تكون مستعدة لمواجهة عسكرية محتملة مع أوروبا في غضون العامين المقبلين.

وجاءت تصريحاته بعد محادثات أجراها مع الجنرال، أليكسوس غرينكيفيتش، القائد الأعلى لقوات الناتو في أوروبا، ورئيس القيادة الأوروبية للجيش الأميركي، حيث أشار توسك إلى أن الجنرال أكدّ التقديرات الأميركية بشأن مدى استعداد موسكو العسكري.

وقال توسك: "لقد أكد غرينكيفيتش توقعات الخبراء الأميركيين، روسيا ستكون جاهزة للمواجهة مع أوروبا، وبالتالي معنا، في أقرب تقدير عام 2027".

وتتوافق تصريحات توسك مع تحذيرات سابقة صدرت عن أجهزة الاستخبارات الأوكرانية والغربية، وبينما أقر بتنامي الخطر، دعا رئيس الوزراء البولندي إلى التزام الهدوء والاستعداد.

وأضاف: "لا داعي لإثارة الذعر، لكن علينا أن نكون يقظين ومركزين للغاية".

وكان رئيس الاستخبارات الخارجية الأوكرانية، أوليه إيفاشينكو، قد صرّح أن روسيا قد تستعيد قدراتها القتالية في غضون عامين إلى أربعة أعوام بعد انتهاء حربها ضد أوكرانيا.

وقد لعبت بولندا دورًا محوريًا في دعم أوكرانيا، من خلال تزويدها بالأسلحة والدبابات والذخيرة، كما تعمل على تعزيز دفاعاتها الوطنية.

وكان رئيس مكتب الأمن القومي البولندي، داريوش لوكوفسكي، قد صرّح أن الجيش البولندي قادر على الصمود في وجه أي هجوم حتى أسبوعين، قبل وصول تعزيزات من قوات الناتو.

وتصاعد التوتر بين روسيا وحلف الناتو بشكل حاد منذ بداية الحرب في أوكرانيا عام 2022، مع تنامي التحذيرات الأوروبية من خطر اندلاع حرب أوسع نطاقًا على القارة.



لماذا تبدو أوروبا غير مستعدة للمواجهة؟

وفي تحليل نشره المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، قال إنه مع تزايد احتمالات تجدد ما وصفه بـ "التهديد الروسي" على الجانب الشرقي لأوروبا، بدأ زعماء الاتحاد الأوروبي يدركون أن القارة غير مستعدة جيدًا عندما يتعلق الأمر بخطر الصراع في المستقبل.

وكان أندريوس كوبيليوس، المفوض الأوروبي للدفاع والفضاء، دعا إلى زيادة إنتاج الطائرات بدون طيار، وحث دول الاتحاد الأوروبي على إنتاج ملايين الطائرات بدون طيار سنويًا بحلول عام 2030.

وسلمت أوكرانيا أكثر من 1.3 مليون طائرة بدون طيار لجيشها في عام 2024، مما يُسلط الضوء على الفجوة في استعداد أوروبا.

يقول كير جايلز، الزميل الاستشاري البارز في معهد تشاتام هاوس: "إن حقيقة أن الدول الأوروبية بحاجة إلى إعادة التسلح بشكل عاجل، والقيام بذلك بطريقة تتناسب مع التهديد الذي تشكله روسيا، ليست اكتشافًا جديدًا".

وأضاف: "الأمر المثير للقلق هو أن هذا الأمر يُقدَّم على أنه خبر"، مشيرًا إلى أن إدراك أن إعادة التسلح أمر حيوي "لم يتغلغل بشكل متساوٍ في مختلف أنحاء أوروبا".

لقد أظهرت الحرب في أوكرانيا الطبيعة التحويلية للطائرات بدون طيار في القتال الحديث، من الطائرات بدون طيار الرخيصة ذات الرؤية المباشرة إلى الذخائر المتطورة وأنظمة الضرب الموجّهة بالذكاء الاصطناعي.

وأكدَّ جايلز: "إذا كانت الدول الأوروبية جادة بشأن الحصول على طائرات بدون طيار بالوتيرة والنطاق اللذين يتم وصفهما، فيجب عليها أن تفعل ذلك في أوكرانيا ومعها”.

واعتبر أن التوجه الأخير نحو تصنيع الطائرات بدون طيار على نطاق واسع في أوروبا، لا يقتصر على مواجهة التهديدات الحالية فحسب، بل يشمل الانطلاق نحو التقنيات التي ستُحدد معالم الصراعات المستقبلية.

ومما يزيد من إلحاح الأمر هو التقدير المتناقص لموعد استعداد روسيا لمهاجمة دولة عضو في حلف شمال الأطلسي، حيث قال جايلز: "إن تقدير الخمس سنوات هو ما سمعناه في مثل هذا الوقت من العام 2024"، مضيفًا: "منذ ذلك الحين، استمر الإطار الزمني في التقلص، وتقليص الدعم الأمريكي لأوكرانيا يُقرّب الموعد النهائي".

في الوقت نفسه، يُحذر الخبراء من أن زيادة إنتاج الطائرات بدون طيار ليست الحل الأمثل.

وفي هذا الاتجاه، أوضحت كاتيا بيجو، الباحثة البارزة في تشاتام هاوس: أن "النجاح الملحوظ الذي حققته أوكرانيا في مجال الطائرات بدون طيار أظهر أنه من الممكن زيادة الإنتاج بسرعة إذا كانت هناك حاجة ملحة لذلك، والآن تتعلم أوروبا هذه الدروس".

ومع ذلك، لا يزال الاتحاد الأوروبي حاليًا متأخرًا كثيرًا، إذ حذّرت بيجو من أن إنتاج روسيا وأوكرانيا يفوق إنتاج الاتحاد الأوروبي بأكمله "بمبالغ طائلة"، لكن من الواضح أن هناك اهتمامًا متزايدًا من جانب دول الاتحاد الأوروبي بالعمل مع الخبرات والأنظمة الأوكرانية واستيرادها.

وأوضحت بيجو: "ترى أوروبا فرصةً سانحةً لتحقيق قفزة نوعية، فالطائرات المسيّرة الأصغر حجمًا أرخص بكثير من العديد من الأسلحة التقليدية، ويمكن إنتاجها بسرعة أكبر".

وأكدّت أن "صانعي السياسات يُواجهون خطر اعتبار الطائرات الصغيرة المُسيّرة حلاً سحريًا يُساعدهم على حل مشاكلهم المالية والبشرية"، وأضافت: "لكن لا تزال هناك حاجة لمنصات كبيرة مثل الطائرات المقاتلة النفاثة ".

وقال سكيب ديفيس، وهو زميل بارز في مركز تحليل السياسات الأوروبية: "إن الوصول إلى مقياس الأهمية للردع والدفاع يتجاوز مجرد قضية إنتاج الدفاع"، مضيفًا أن "الأمر يتعلق بالقدرة على نشر النماذج الأولية، وتدريب المشغلين، ومراجعة المفاهيم التشغيلية، ودمج الطائرات بدون طيار في العمليات اللوجستية وتشكيلات المناورة، وكل ذلك يتطلب عقلية جديدة".

وتابع ديفيس: "في البيئة الحالية، فإن العديد من الشركات الرائدة في مجال الابتكار هي شركات ناشئة صغيرة أو شركات تجارية غير معتادة على العمل مع الجيوش".

من جانبه، قال رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الألماني، مارتن ييغر، إن روسيا تُشكل تهديدًا مباشرًا، وأن ما وصفه ب "السلام البارد" الحالي مع الاتحاد الأوروبي قد يتحول في أي لحظة إلى "مواجهة حامية".

ومع تسارع وتيرة الإنتاج الروسي، يبدو أن هدف الطائرات بدون طيار الطموح، الذي يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تحقيقه، ضروري أكثر من أي وقت مضى، وقد يُمثّل لحظة محورية في الدفاع الأوروبي.