السياســـية: تقرير || صادق سريع


"فرضت العمليات العسكرية اليمنية المساندة لغزة واقعاً جديداً أحدث تحولاً عميقاً في نظام الملاحة والتجارة البحرية العالمية"، برأي موقع "نوتيتسييه جيوبوليتكيه" الإيطالي.

وقال: "شكّلت العمليات البحرية اليمنية في البحر الأحمر أداة ضغط عسكرية وسياسية واستراتيجية على سفن "إسرائيل" والمرتبطة بها للضغط على الأنظمة الغربية لوقف العدوان الصهيو - أمريكي على غزة، ما جعلها مؤثرة بشكل مباشرة على حركة الملاحة والتجارة العالمية".

وأضاف: "إن استهداف اليمنيين للسفن الإسرائيلية أجبر شركات الشحن البحري الكبرى، مثل ميرسك المرتبطة بموانئ "إسرائيل"، إلى تغيير طرق الإبحار عبر رأس الرجاء الصالح، ما رفع تكلفة وزاد مسافة الإبحار".

وأقرّ الخبير العسكري في الاستخبارات الإيطالية، فرنشيسكو كورّادو فراسكا، بأن العمليات اليمنية قد كشفت عن هشاشة المنظومة الأمنية للملاحة العالمية أمام الأحداث الجيوسياسية، وأعادت رسم حسابات التجارة الدولية، ورفعت كلفة التواطؤ مع العدوان على غزة.

وأشار إلى أن التنافس الحالي بين أنظمة العدوان السعودي والإماراتي في السيطرة على الممرات والموانئ اليمنية يعكس تأثير عمليات صنعاء في فرض معادلة الملاحة، في محاولة للالتفاف على الضغط الذي فرضته القوات اليمنية على الممرات التقليدية.

بدوره، أكد الخبير السياسي الإيطالي، جوزيبي دينتيتشه، أن القوات اليمنية أصبحت طرفاً فاعلاً، ومؤثراً في مسارات حركة الملاحة البحرية وطرق التجارة البحرية العالمية وضبطها في آنٍ واحد.

المؤكّد في سردية الموقع أن قرار اليمن إسناد غزة عسكرياً لم يكن عشوائياً، بل كان قراراً مدروساً بعناية لاستهداف الملاحة الإسرائيلية دعماً لقضية فلسطين، خصوصاً وأن قوات صنعاء باتت قوة إقليمية فعالة أعادت تعريف قواعد الاشتباك البحرية، وكبدت "إسرائيل" وحلفائها خسائر باهظة في معركة البحر الأحمر.

خلاصة "نوتيتسييه جيوبوليتكيه" تؤكد الآتي:

- نجاح عمليات البحرية اليمنية في تحويل قضية فلسطين ومظلومية غزة من قضية عربية في نطاق إقليمي إلى قضية مؤثرة على الاقتصاد العالمي.

- كما نجحت في فرض معادلة جديدة على الدول الداعمة للعدوان الصهيو - أمريكي على غزة، بتكبيدها فاتورة خسائر مكلفة جداً في معركة البحر الأحمر.

- إن وقف عمليات الإسناد اليمنية في البحر الأحمر مرهون بشكل مباشر باستدامة اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بإعتبارها وسيلة ضغط ضد العدوان لأهداف إنسانية بحتة.

- فرض قرار الحظر اليمني على سفن "إسرائيل" وحلفائها تكاليف مضافة لعمليات الشحن والتامين البحري، ما كبّد الشركات وسفن الشحن العالمية المرتبطة بدول العدوان على اليمن وغزة خسائر اقتصادية ومالية باهظة، وفقاً لمؤشر التأثير الإستراتيجي للعمليات البحرية اليمنية.

فضيحة الردع المتطوّر

في الشأن ذاته، أقرّت مجلة "مودرن ديبلوماسي" بأن تكتيكات البحرية اليمنية في استهداف السفن التجارية والحربية المعادية في البحر الأحمر، التي تُقدَّر بمليارات الدولارات، أحدثت إرباكاً غير مسبوق للأمن البحري الإسرائيلي والعالمي.

وقالت: "إن العمليات اليمنية في البحرين الأحمر والعربي على سفن العدوان الأمريكي والبريطاني و'الإسرائيلي' لم تكن مجرد تحدٍّ إقليمياً، بل كشفت عن عجز إستراتيجية الأمن العالمية التقليدية".

وأضافت: "لقد شكّلت ضربات البحرية اليمنية المنخفضة التكلفة ضغطاً كبيراً على قوى الردع التقليدية، وكشفت عن العجز الدفاعي لحاملات الطائرات الأمريكية والبريطانية المتقدمة في وقف أو الحد من التأثير المباشر للهجمات اليمنية على السفن الإسرائيلية والمعادية".

وحسب سردية "مودرن ديبلوماسي"، وهي مجلة دولية مهتمة بشؤون السياسة والاقتصاد والدفاع، فإن جوهر نجاح اليمنيين يكمن في فشل عقيدة الدفاع لبحريات أمريكا وبريطانيا ودول أوروبا في مواجهة التهديدات غير المتكافئة، باعتماد اليمنيين على التقنية منخفضة الكلفة، لكن أثرها العسكري والاقتصادي فاق التوقعات.

الأمر المحسوم في تقرير المجلة أن تأثير هجمات صنعاء بالصواريخ والمسيّرات تجاوز العسكري، إذ اخترقت البنية الأمنية البحرية العالمية، وطالت المنظومات الاقتصادية العالمية الهشّة.

واستهدفت القوات اليمنية، في معركة إسناد غزة، 228 سفينة تجارية وحربية عدوانية، وأطلقت 1,300 صاروخ ومسيّرة على "إسرائيل"، وأغلقت ميناء "أمّ الرشراش"، وأغرقت أربع سفن، وأسقطت ثلاث مقاتلات أمريكية طراز F-18، و26 طائرة أمريكية نوع MQ-9 فوق أجواء اليمن؛ 22 منها في معركة الإسناد، وأربع في العدوان السعودي - الإماراتي - الأمريكي.