مأرب.. ما بعد السقوط!
يحيى مقبل*
اذا تحررت مدينة مأرب من قبضة التحالف السعودي فلن يجد وكلاء السعودية من مرتزقة الشمال موطأ قدم يأويهم ولن تجد السعودية بعد افتقادها لمأرب ساحة مثالية بديلة في جغرافيا اليمن لا تبتعد كثيرا عن حدودها الجنوبية ويسهل التواصل معها تحتضن الوكلاء ومصدر لرأس المال.
ان استعادة مدينة مأرب الموطن التليد للدولة والحضارة استعادة للأمجاد والعظمة وامتلاك للأصالة والتاريخ والثروة وللرمزية والهيبة ايضاً .
أما بالنسبة لما يسمى “بالشرعية” ممثلة بهادي وعلى محسن وحزب الإصلاح فسيواجهون مصيرا وخيماً ونكبة ازلية ، لأن خسارتهم لمأرب تمثل أكبر من هزيمة في معركة ،واكثر من خسارة للحرب .
ان فقدانهم لمأرب تهديد وجودي و الغاء فعلي وموضوعي لكيانهم السياسي .
لأن الافتقاد لمأرب افتقاد للجغرافيا وللثروة ولثلاثة ملايين مواطن تحكمهم وتجند منهم وتحضى بالإعتراف و الدعم بفضلهم ، وبالتالي ستفقد اهتمام المجتمع الدولي بها كسلطة لها وجود واقعي على جغرافيا يمنية ،ولن يكونوا بنظر مشغليهم في الرياض سوى أوراق منتهية الصلاحية ، وبالمقابل سيرتفع اعتبار المجتمع الدولي لسلطة الأمر الواقع في صنعاء المسيطرة وسيكون ذلك إيذان بتجسير الكثير من القوى الدولية لعلاقاتها مع سلطة الأمر الواقع في صنعاء ، وربما ان الكثير من الدول المناوئة للسياسة السعودية تنتظر سقوط مأرب للاعتراف بسلطة صنعاء .
إن مراجعة المجتمع الدولي ،بما في ذلك واشنطن والاتحاد الاوروبي، لموقفه من الحرب على اليمن يأتي نتيجة لما يحدث في الواقع من انكماش وتلاشي لوكلاء السعودية ،وللإضطراب الأمني والسياسي والإقتصادي والإجتماعي في مناطق سيطرتهم ، مقابل وحدة وتماسك معسكر صنعاء على جميع المستويات .
اليوم وبفضل التضحيات التي يقدمها الوطن وبفضل تماسك القوى الوطنية يقال في الخفاء الكثير من الكلام عن جدارة قوى صنعاء واستحقاقها للاعتراف .
ولكن تحرير مأرب يجب ألَّا يُهيئ لوضع شبيه بما كان قبل الوحدة ، لا سيما وان الراعي الامريكي والبريطاني يدركان ان سقوط مأرب يعني سقوطا مدويا لشبكة الأقاليم التي هندسوها في طول وعرض اليمن ، وذلك ما يجعلهم أكثر حرصا على تدعيم النزعة الإنفصالية بكل السبل الممكنة . وهذا ما يحتم على القوى الوطنية مواصلة العمل بكافة السبل وعبر كل القنوات ولا سيما السياسية منها لتجاوز وارباك ما بقي من تلك الحسابات والمصالح الإقليمية والدولية .
سيظل للقوى الوطنية حسابات ومشاريع توحيدية سواء في الشمال او في الجنوب فالسيطرة على مأرب سيتيح لصنعاء احتواء خزان بشري لما يقارب ثلاثة ملايين نسمة وحرمان السعودية من استغلال هذه الثروة البشرية لصالح الذود عن حدها الجنوبي ،واعادة توجيه الكثير من قواه البشرية او تحييدها على الأقل ، وتأمين بعض المال وتوفير الغاز المنزلي وجزء من احتياجات النفط ، وعزل مباشر للمملكة جغرافيا عن وكلائها بشكل تام .
* المصدر : رأي اليوم
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع