السياسية || كتب: المحرر السياسي ||

التآمر العربي على القضية الفلسطينية أشد وأقسى من التآمر الدولي عليها، ذلك أن التآمر الدولي الذي بلغ ذروته في أربعينيات القرن الماضي بوعد سمي آنذاك بوعد بلفور، تعهد بالالتزام لليهود بوطن على أرض فلسطين المحتلة وهو الوعد الذي أعطى من لا يملك لمن لا يستحق.

ومنذ ذلك التاريخ وإلى اليوم تعهدت القوى الاستعمارية بتجميع شتات اليهود من مختلف أصقاع العالم إلى أرض فلسطين المحتلة في وقت كانت معظم الدول العربية والإسلامية تقع تحت الاحتلال البريطاني والفرنسي خاصة الدول المحيطة بفلسطين التي أسهمت من موقعها في إيجاد البنية المناسبة لقيام العصابات الصهيونية بإعلان دولتهم على أرض فلسطين الطاهرة.

كان الغرب خاصة أمريكا وبريطانيا يمتلك أفقاً واسعاً وبعيد المدى بزرع كيان يهودي في منطقة الشرق الأوسط، حدد له وظيفة تمثلت في الحفاظ على المصالح الغربية الاستعمارية في المنطقة وتأمين تدفق الإمدادات النفطية للمصانع الغربية والتحكم في الموقع الجيوسياسي المهم والمميز الذي تتمتع به المنطقة العربية.

لم يتوقف الغرب الاستعماري عند زرع الكيان الصهيوني في أرض فلسطين بل سعى جاهداً بما يمتلكه من قوى عسكرية واقتصادية واستخباراتية الدخول إلى عمق كل دولة عربية وإفراغها من محتواها وإضعافها عسكرياً واقتصادياً لضمان تفوق دولة الاحتلال على كل دول المنطقة.

لقد أفلح الغرب الاستعماري في ذلك إلى حد كبير وتمكّن من تجزئة المنطقة العربية إلى كيانات ودويلات ضعيفة وهزيلة وزرع فيها أنظمة عميلة تعمل وفقا للرؤية الأمريكية والبريطانية والصهيونية وتتخذ قرارتها وفقاً لما تمليه عليها الاستخبارات العالمية، بمعنى أوضح ان استقلالها استقلالاً شكلياً ليس إلا.

وعلى مدى تاريخ الصراع العربي الصهيوني، لحق بالشعب الفلسطيني وقضيته ضرر فادح من الأنظمة العربية سواء المحيطة بفلسطين أو الأنظمة العربية ذات التأثير المالي في منطقة الخليج العربي التي ظلت تدّعي مناصرة القضية الفلسطينية ظاهرياً بينما تتآمر عليها بما تمتلكه من أموال تحصل عليها من بيع النفط، والأمر ليس بحاجة إلى بصيرة نافذة لمعرفة ذلك، إذ أن العالم كله بات يعرف حقيقة الموقف العربي الخليجي من أعقد قضية في القرن الحادي والعشرين.

لقد برز التآمر الخليجي والعربي على القضية الفلسطينية جليا عقب العملية العسكرية البطولية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة حماس ونزعت ورقة التوت التي كانت الأنظمة العربية والخليجية تتستر بها، لتظهر تلك الأنظمة على حقيقتها بما قدمته من دعم لإسرائيل وحُماتها أمريكا وبريطانيا لتصفية القضية الفلسطينية وارتكاب المجازر البشعة بحق سكان قطاع غزة وهي مجازر أيقظت الضمير العالمي من سباته العميق وخرج في مظاهرات مليونية دعماً للقضية الفلسطينية.

ومن واقع هذه المأساة برز الدعم العسكري اليمني المساند للقضية الفلسطينية ليُحدث ما يشبه الزلزال على المستوى العالمي، وتسيّدت البحرية اليمنية معركة البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب الأمر الذي أدى إلى إغلاق ميناء أم الرشراش المحتل، بعد قصفه بالمسيرات والصواريخ البالستية ومنع حركة السفن المتجهة إليه، ومقارعة البحرية الأمريكية والبريطانية والأوروبية باقتدار مما أوجد تغييراً في موازين القوى العسكرية لصالح البحرية اليمنية والقضية الفلسطينية.