السياســـية : تقرير || صادق سريع*

تحوّلت منصة "مركز تنسيق العمليات الإنسانية (HOCC)" الخاصة بتنظيم حركة وسلامة السفن التجارية الراغبة في العبور الآمن من المياه الإقليمية اليمنية، إلى دليل إلكتروني منح صنعاء الشرعية باستهداف السفن المرتبطة بموانئ "إسرائيل".

وقال موقع "ذا ماريتايم إكزكيوتيف" البحري: "تتميُز منصة مركز تنسيق العمليات الإنسانية الإرشادية بمحتوى احترافي ومهني عالي في التصميم والعرض، والتفوّّق على المواقع الرسمية في المنطقة".

وأضاف: "فلم تعد لوحة إرشادية، بل منصة إلكترونية بمحتوى يقنع زوارها بشرعية العمليات التي تنفذها قوات صنعاء ضد سفن الملاحة الإسرائيلية في بحار الأحمر والعربي ومضيق باب المندب وخليج عدن".

وتابع: "ما يلفت النظر أن مركز HOCC طلب من مالكي الشركات البحرية والسفن التجارية تفاصيل دقيقة مثل أسماء السفن وخطوط إبحارها، بالتواصل المباشر عبر قنوات مخصّصة لتقديم طلبات العبور الآمن قبل 24 إلى 48 ساعة من المرور من البحر الأحمر".

برأي الموقع، تلك التفاصيل مكنت بحرية صنعاء من إنشاء قاعدة بيانات معلوماتية استخباراتية واستباقية بحرية واسعة عن حركة الملاحة البحرية العالمية لتحديد الأهداف المحتملة لاستهداف السفن المرتبطة بـ 'إسرائيل' والمتوجهة إليها أو التابعة للشركات أو السفن ذات العلاقة بموانئها.

وأعلن اليمن، في نوفمبر 2023، إسناد غزة عسكرياً ضد العدوان الصهيوني، بمعركة "الفتح الموعود والجهاد المقدّس"، وفرضت قواته المسلحة حصارًا بحريًا على سفن "إسرائيل" والمرتبطة بها في بحار: الأحمر، والعربي، والأبيض المتوسط، والمحيط الهندي، حتى رفع الحصار ووقف العدوان الصهيوني على غزة.

هكذا يفعل سيّد البحر!

ونشر مركز التنسيق الإنساني، الأسبوع الفائت، دليلاً بعنوان "الأسئلة والأجوبة الشائعة" لترشيد عمليات العبور الآمن للسفن والعقوبات المفروضة على الشركات والسفن المرتبطة بـ "إسرائيل".

أهمها: إبقاء أنظمة التعريف الآلي وتشغيل القناة الدولية 16 بشكل دائم، وبيانات الوجهة وميناء الوصول في النظام المرئي وفقاً لرمز موقع الأمم المتحدة القياسي على نظام التعريف، والتجاوب مع النداءات التحذيرية للقوات المسلحة اليمنية، والإبلاغ عن أي أنشطة مشبوهة أثناء العبور.

وفي 6 أغسطس 2025، فرض المركز عقوبات على 64 شركة بحرية تجاوزت "إشعارات ما قبل العقوبة"، وانتهكت قرار الحظر البحري المفروض على الملاحة 'الإسرائيلية'.

وقال: "منذ بدء تنفيذ قرار الحظر البحري، خاطبنا الشركات المالكة للسفن التي انتهكت القرار عبر البريد الإلكتروني إننا فرضنا عليها عقوبات لانتهاكها قرار الحظر البحري بدخول سفنها إلى موانئ الكيان، رغم إرسال إشعارات تحذيرية ما قبل العقوبة".

وأضاف في بيان وفقاً لمنصة المركز: "حرصاً على تجنب الشركات مخاطر التعرض للعقوبات، نرسل إشعارات ما قبل العقوبة إلى الشركات المالكة للسفن المتوجهة إلى موانئ 'إسرائيل'، لتحذيرها من عواقب انتهاك قرار الحظر البحري".

وأكد: "أنه بعد إرسال إشعارات العقوبات إلى 64 شركة مالكة منتهكة، تُعتبر كامل أساطيل الشركات المحظورة من عبور بحر الأحمر والعربي ومضيق باب المندب وخليج عدن، وستكون عرضة للاستهداف في أي منطقة تطالها أسلحة القوات المسلحة اليمنية".

وعقب إعلان القوات المسلحة اليمنية قرار فرض الحظر البحري على ميناء حيفا الإسرائيلي المحتل في 19 مايو 2025، فرض المركز حظراً شاملاً على حركة الملاحة البحرية من وإلى ميناء حيفا المحتل.

وتستمر صنعاء بفرض الحظر الجوي بالصواريخ والمسيّرات على مطار اللد وميناء حيفا في "إسرائيل"، مع حصار بحري في البحر الأحمر على سفنها والمرتبطة بها، ما أدى إلى إغلاق ميناء أم الرشراش، وإغراق أربع سفن: "روبيمار" في 18 فبراير 2024، "توتور" في 12 يونيو 2024، "ماجيك سيز" في 8 يوليو 2025، و"إيترنيتي سي" في 9 يوليو 2025.

وكانت مجلة "لويدز ليست" البحرية البريطانية أعتبرت في تقرير سابق هذا الشهر، توصيات مركز تنسيق العمليات الإنسانية تطمينات لمالكي شركات الشحن لأمن وسلامة السفن التجارية في البحر الأحمر، وخطوة تعزز شرعية صنعاء على المياه الإقليمية، وسيطرتها على حركة التجارة الدولية في أحد أهم الممرات المائية العالمية.

وأقرّت بأن قرار اليمن تنفيذ المرحلة الرابعة بمثابة تهديد لبدء مرحلة رعب جديدة تستهدف منظومة الاقتصاد وحركة الموانئ "الإسرائيلية" باستهداف الشركات والسفن المرتبطة بها، في أي بحار تطاله أسلحتها.

وفي 27 يوليو 2025، أعلنت القوات المسلحة اليمنية تصعيد العمليات البحرية العسكرية الإسنادية لغزة، بالمرحلة الرابعة من الحصار البحري على "إسرائيل"، لاستهداف الشركات والسفن ذات العلاقة مع موانئها في أي مكان تطالها أسلحتها.

يهدف مركز تنسيق العمليات الإنسانية (HOCC) في مهمته الإنسانية من سلسلة الإجراءات والعقوبات على الشركات والسفن المرتبطة بالموانئ الصهيونية، إلى الضغط على كيان "إسرائيل" لرفع الحصار ووقف عدوان الإبادة والتجويع بحق سكان غزة.

كما يهدف منذ إنشائه بقرار رئيس المجلس السياسي الأعلى رقم (95) في 17 فبراير 2024، بالعاصمة صنعاء، إلى التخفيف من التداعيات الإنسانية على المدنيين والأعيان المدنية في مسرح العمليات العسكرية وفقاً للتعاليم الإسلامية والمواثيق الدولية، حفاظاً على مصالح اليمن.

ويتولى مهام التواصل والتنسيق وتقديم النصح والمشورة، وتوضيح العقوبات ومعايير الحظر في مسرح العمليات العسكرية، والرد على استفسارات الجهات ذات الصلة، ومنح تصاريح العبور الآمن للسفن، كخدمة بحرية اختيارية للسفن والشركات غير المحظورة الراغبة في العبور الآمن من المياه الإقليمية اليمنية.

شرعنة المطالب المقدّسة

وعن الموقف الدولي تجاه أفعال مركز التنسيق الإنساني، وصفها موقع "ذا ماريتايم إكزكيوتيف" بالمترددة، فقد اكتفت "هيئة العمليات البحرية البريطانية"، أبرز مرجعيات الأمن البحري في العالم، بإصدار قائمة نصائح لقباطنة السفن التجارية، تاركة لهم حرية التصرف مع قرارات سلطة صنعاء، في إقرار ضمني بسيطرة اليمن على البحر الأحمر.

خلاصة التقرير تؤكد أن "قوات صنعاء تمكنت بقدراتها في توظيف رسائل الحرب النفسية في الصراع العسكري البحري، وتحويل المواجهة البحرية إلى رواية إعلامية لشرعنة مطالبها الحقة في معركة الإسناد المقدسة في البحر الأحمر".

ويُشار إلى أن القوات اليمنية المساندة لغزة استهدفت - بفضل الله وتأييده - بـ430 عملية عسكرية أكثر من 245 قطعة بحرية تجارية وحربية تابعة لأمريكا وبريطانيا و"إسرائيل" في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي، وأطلقت أكثر من 1,250 صاروخًا ومسيّرة على أهداف في عمق "إسرائيل".