ثائر تونسي: اليمــن عنوان للتحدي والإقدام وإسناد غزة
السياســـية : تقرير || صادق سريع
تحدث المفكر والباحث السياسي التونسي، الهُذيلي المَنصر، عن موقف اليمن المساند لغزة ضد العدوان الصهيو - أمريكي، ودوره في تغيير المعادلات في المنطقة لنصرة المقاومة الفلسطينية.
وقال: "اليمن بات عنواناً للتحدّي والإقدام في بيئة عربية مستكينة ومُستسلمة، وقد برز كقوة فاصلة، رغم مجاورته مركز النظام الرسمي العربي للتطبيع، الذي تمرّ عبره كلّ السياسات بعد إضعاف دور الدّول العربيّة ذات الوزن بالقصد، ليتربّع المركز السعودي الخليجي ويأخذ العرب وأبعد منهم إلى التطبيع والاستسلام".
وأضاف: "واقعاً تحوّل اليمن عربيّا ببركة ما ينجزه ونجح فيه إلى مركزاً للمقاومة والمواجهة ضد 'إسرائيل' وخطط الاستعمار في المنطقة، رغم مجاورته لمركز الضدّ المُؤتمن عربياً على الصهيونية ومصالح الاستعمار، هو وضع إستراتيجي فريد له تداعياته المستقبلية على الصراع مع الصهيونية".
وتابع: "بالنّسبة للجمهور الواسع، شكّل اليمن حدثاً فارقاً، وقليلون توقّعوا عام 2015، أن يكون من اليمنيين ما كان ويكون تباعا فترة مواجهة العدوان الدولي على اليمن الذي استمرّ لسنوات، وخصوصاً عندما بدأ إسناده الشجاع لغزّة ومُقاوميها ولا يزال مستمراً إلى الآن رغم الصعوبات والتضييق والتّأليب".
وأكد لموقع "عرب حورنال": "يكسبُ اليمنيون تعاطف مئات الملايين في العالم وتكسب قضيّتهم وقضيّة فلسطين والقدس التي ينتصرون لها بجرأة نادرة أنصاراً جدداً كلّ يوم، في مواجهة أعداء الأمة، مختلفين عن الاستسلام، ونعوّل كثيراً على هذا الدّرس اليمني الأصيل والصّميم لتغيير ما بالعرب".
وزاد: "مسؤولية اليمن واليمنيين كبيرة، ولا شكّ ودورهم محوريّ ويبدو أنّ قدرهم، بالحساب الإستراتيجي والغيبي أيضا، قدر خاصّ، وكلّ المؤشّرات تُثبت أنّهم حافظوا على مستويات قياسية من التجذّر في الإيمان والقيم والسير العظيمة والتاريخ بمُستوى المسؤوليّة وبحجم ما اصطفى لهم القدر من قدر".
وأعلن اليمن في نوفمبر 2023، إسناد غزة عسكرياً ضد العدوان الصهيوني بمعركة "الفتح الموعود والجهاد المقدّس"، وتفرض قواته المسلحة حصاراً بحرياً على سفن "إسرائيل" والمرتبطة بها في بحار: الأحمر، والعربي، والأبيض المتوسط، والمحيط الهندي، حتى رفع الحصار ووقف العدوان الصهيوني على غزة.
وعن استهداف العدوان شهداء اليمن يتقدّمهم رئيس الحكومة أحمد الرهوي وثلّة من الوزراء، قال: "لم تكن عمليّة بطوليّة في شيء، فمن عادة الحكومة أن تجتمع حيث قُصفت، هو استهداف جبان يفضح تخبّط الصّهاينة وحُنقهم من تحدّي اليمنيين لهم وقد غفلوا عن اليمن وشعبه الأصيل عقوداً ظنّاً أنّه لا يأتي منه ما يزعج".
وأضاف: "اليمن ممّا لم يحتسبوا، الجريمة الغادرة من ضمن سلسلة من الإستهداف، بعض الاستهداف كان عربيّاً في مرحلة من المراحل العدوان وبعضه كان أمريكيّاً وغربيّاً والآن هو صهيونيّاً بواحاً، وفي ذلك كلّ الخير، لأنّه يزيد في الكشف والتّمحيص والفرز".
وأكد: "ببركة اليمن يعي العرب أكثر فأكثر أنّ عروبة أخرى ممكنة وأنّ إسلاما وتديّنا آخريْن ممكنان أيضاً، هذا الوعي ليس قليلا ويلزم وقت ولا شكّ ليكون حصاد، ومن دون شكّ ما يزرعه اليمنيّون ليس قليلا بالمرّة ولعلّ الحصاد يكون بمستوى صدق رجال اليمن وعزّتهم وكرامتهم".
يواصل الحديث: "في خضم التطورات والمتغيّرات التي تشهدها المنطقة العربية والإسلامية، يبرز دور اليمن المحوري، يبرز إيمانه الفطري وتبرز حكمته القادمة من بعيد.
أحسب نفسي من قلّة راهنت من خارج اليمن على اليمن، على درس اليمن وخلاصته أنّ القوّة الحقيقيّة التي تزلزل حقّاً منظومة الهيمنة الكونيّة، هذه القوّة معنويّة روحيّة بالأساس، ويعوّل كثيراً على هذا الدّرس اليمني الأصيل والصّميم لتغيير ما بالعرب.
هناك شيء ما لم يفقده اليمنيون وفقده غيرهم من العرب، الأمل كبير في رؤية العرب يستعيدون ما فقدوه، والأصحّ ما أُفقدوه.
أتمنّى النصر لليمن وكلّ أحرار العرب والعالم بنصراً مؤزّراً ومجداً يدوم".
وفق المفكر والسياسي التونسي، المَنصر، فكلّ الشعوب التي تنجح في فرض نفسها التي يقرأ الآخرون لها حساب تمرّ بمثل هذه الامتحانات وتدفع ما يدفعه اليمنيون اليوم من باهظ الأثمان.
وتواصل القوات المسلحة اليمنية فرض الحظر الجوي بالصواريخ والمسيّرات على مطار اللد وميناء حيفا في "إسرائيل"، مع حصار بحري في البحر الأحمر على سفنها والمرتبطة بها، ما أدى إلى إغلاق ميناء أم الرشراش، وإغراق أربع سفن: "روبيمار" في 18 فبراير 2024، "توتور" في 12 يونيو 2024، "ماجيك سيز" في 8 يوليو 2025، و"إيترنيتي سي" في 9 يوليو 2025.
وعن معركة "طوفان الأقصى"، تابع: "غيّرت قواعد اللعبة وزعزعة يقينيات الكيان الصهيوني وهيبته العسكرية، والطوفان، هي معركة وجودية للصهاينة وفرصة تاريخية للأمة للخلاص من الاستعمار والصهيونية".
وماذا عن التخاذل الرسمي العربي؟ "هو نتاج تخطيط استعماري وصهيوني طويل الأمد لتفكيك الدول القوية وترويض الإرادة".
رسالة اليمن للأمة على لسان المفكر والباحث، الهُذيلي المَنصر، هي: "إن القوة المعنوية والروحية هي مفتاح التغيير الحقيقي لاستعادة ما فقدته الأمة من عزيمة".
ويُشار إلى أن القوات اليمنية المساندة لغزة استهدفت - بفضل الله وتأييده - بـ430 عملية عسكرية أكثر من 245 قطعة بحرية تجارية وحربية تابعة لأمريكا وبريطانيا و"إسرائيل"، في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي، وأطلقت أكثر من 1,250 صاروخاً ومسيّرة على أهداف في عمق "إسرائيل".

