مديرية جبل راس بالحديدة.. ملامح تنموية لمناطق طالها الحرمان
السياسية - تقرير/ جميل القشم*
على سفوح جبال مديرية جبل رأس في محافظة الحديدة، تتشكل ملامح قصة تنموية جديدة، ترويها مشاريع خدمية تنبض بالحياة بعد أن شقت طريقها إلى الواقع رغم الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد.
ومع امتداد الطرق بين القرى، وارتفاع خزانات المياه في التباب، واستعادة المدارس والوحدات الصحية حيويتها، تبدو إرادة النهوض جلية، ماضية في طريقها مهما تعددت التحديات، لتتحول هذه المشاريع من خطط على الورق إلى واقع يلمسه المواطن في تفاصيل حياته اليومية.
وفي تفاصيل المشهد، تبدو القرى الجبلية وهي تغادر تدريجياً دائرة العزلة لتقترب أكثر من خارطة الخدمات والتنمية المحلية، لتتقلص، مع كل مشروع يدخل حيز الخدمة، مسافاتُ الحرمان التي عاشتها هذه المناطق لسنوات طويلة.
وفي لحظة فارقة بالنسبة لمناطق عاش أبناؤها المعاناة عقوداً في ظل الحكومات المتعاقبة، أشرقت بارقة أمل جديدة مع دخول أكثر من 22 مشروعاً خدمياً إلى حيّز التشغيل، بعدما ظلت القرى الريفية والمناطق النائية تنتظر تدخلات تنموية تلامس احتياجاتها الأساسية.
آلاف المواطنين تنفّسوا الصعداء مع بدء تشغيل هذه المشاريع التي افتتحها محافظ الحديدة الأربعاء الماضي، وشملت قطاعات الطرق والتعليم والصحة والمياه، بتكلفة إجمالية بلغت مليارًا و441 مليون ريال، بتمويل من المجلس المحلي بالمحافظة وصندوق دعم الحديدة ومبادرات مجتمعية، في إطار رؤية تهدف إلى تخفيف المعاناة وتحسين مستوى الخدمات في التجمعات الريفية.
وتجسيداً لحرص القيادة واهتمامها بالتعليم والصحة، نفذت عدة مشاريع في هذين القطاعين في خطوة مهمة لتقريب الخدمات الأساسية من السكان.
وامتدت ملامح التطوير أيضاً إلى شبكة الطرق الريفية، حيث شهد القطاع تنفيذ أعمال شق وردم ورصف لطرق محورية تربط بين القرى والمراكز الحيوية، أعادت رسم مسارات الحركة داخل المديرية، وأتاحت للمواطنين الوصول إلى الأسواق والمدارس والمراكز الصحية بسهولة أكبر، بعدما كانت التضاريس الوعرة تعيق التنقل لساعات، وتضاعف الأعباء اليومية على الأسر.
وفي قطاع المياه، بدا التحول أوضح وأكثر تأثيراً؛ إذ ركزت المشاريع على حلول عملية مستدامة تضمن تدفق المياه بانتظام وبأقل كلفة، لتتواصل مصادر الإمداد إلى القرى والتجمعات السكنية عبر الآبار والخزانات ومنظومات الطاقة الشمسية، بما يخفف مشقة الأسر التي كانت تقطع مسافات طويلة للحصول على احتياجها اليومي من المياه.
وتبرز هذه المشاريع، بما حملته من تدخلات نوعية، كخطوة مهمة في تحسين الخدمات الأساسية بمديرية جبل رأس، وتعزيز قدرة السلطات المحلية على تقديم خدمات أكثر فاعلية واستدامة رغم التحديات الاقتصادية والمعيشية.
كما تعكس هذه الجهود توجهاً واضحاً نحو الاهتمام بالمديريات الريفية وإحداث تغيير ملموس ينعكس على حياة المواطنين، لترسخ قناعة متنامية بأن هذه المناطق لم تعد خارج معادلة التنمية، بل في قلب الأولويات الخدمية خلال المرحلة الراهنة.
وكان محافظ الحديدة افتتح مشاريع استكمال مدرسة المطاريش بعزلة دباس بتكلفة 23 مليونا و386 ألف ريال، وبناء وحدة صحية في قرية دباس بتكلفة 45 مليونا و675 ألف ريال، إضافة إلى مشروع الرصف والأعمال الإنشائية لطريق جبل دبا – جبل راس بتكلفة 164 مليونا و678 ألف ريال، وطريق كرايا – دباس بتكلفة 44 مليونا و845 ألف ريال.
كما افتتح مشروع إنشاء ثلاثة فصول دراسية لقرى دباس في منطقة العرفين بتكلفة 28 مليونا و996 ألف ريال، إلى جانب شق وردم وإنشاءات طريق نخلة – الضاحيتين (المرحلة الأولى) بتكلفة 171 مليونا و865 ألف ريال، والمرحلة الثانية بتكلفة 247 مليونا و196 ألف ريال، إضافة إلى مشروع الشق والرصف لطريق الشيراف – الحيسي – برج الدولة بتكلفة 61 مليونا و148 ألف ريال.
وفي الجانب الصحي، تم افتتاح مشاريع استكمال وحدة المغارب الصحية بعزلة بني حاتم بتكلفة ستة ملايين و119 ألف ريال، وإنشاء مركز صحي في منطقة المغريف – دباس بتكلفة سبعة ملايين و836 ألف ريال، إلى جانب توسعة ورصف طريق الشجرة في عزلة بني حاتم والعساكرة بتكلفة 58 مليونا و505 آلاف ريال، ورصف طريق الغويل بتكلفة 21 مليونا و523 ألف ريال، وطريق الحُمرة بتكلفة أربعة ملايين و547 ألف ريال، إضافة إلى طريق الحيجنة – زنيخ – جبل راس بتكلفة سبعة ملايين و205 آلاف ريال.
وفي قطاع المياه، اشتملت المشاريع على المرحلة الأولى من مشروع مياه جبل راس التي تضمنت حفر بئرين ومنظومتين وخزانا بسعة 150 مترًا مكعبا وخط ضخ بطول 6 كم، بتكلفة 278 مليونا و106 آلاف ريال، تلتها المرحلة الثانية التي شملت بئرين إضافيين ومنظومتين بقدرة 100 كيلووات وخزانا بسعة 200 متر مكعب وخط ضخ بطول 2 كم، بتكلفة 140 مليونا و705 آلاف ريال.
كما تم حفر بئر في جبل دباس بتكلفة 18 مليونا و725 ألف ريال، إلى جانب توريد وتركيب منظومة طاقة شمسية في الدحابشة بقدرة 50 كيلو وات بتكلفة 23 مليونا و272 ألف ريال، ومنظومة أخرى في القهرا بقدرة 60 كيلو وات بتكلفة 29 مليونا و425 ألف ريال، ومنظومة في الحميضة بقدرة 29 كيلو وات بتكلفة 17 مليونا و655 ألف ريال، إضافة إلى المرحلة الأولى من مشروع مياه القضبة بتكلفة 18 مليونا و190 ألف ريال، والمرحلة الثانية بتكلفة 21 مليونا و400 ألف ريال.
وهكذا، تشكل المشاريع المنجزة في مديرية جبل رأس قصة نجاح تنموية في ظروف صعبة، قصة تُقاس بواقع المواطن الذي وجد الطريق أقرب، والمدرسة أكثر جاهزية، والمركز الصحي أقدر على خدمة المرضى، والمياه أقل كلفة ومشقة، في خطوات تبدو صغيرة في ظاهرها لكنها كبيرة في أثرها وتمهد لمزيد من الاستقرار وتوسع دائرة الخدمات في المناطق الريفية.
سبأ

