السياسية - تقرير :


لم يأت الاعتراف المتبادل بين الكيان الصهيوني و إقليم "أرض الصومال" إلا تتويجا لمراحل من التواصل السري. ويستهدف الكيان، من خلال هذا الاعتراف، تكريس تقسيم الصومال وانتهاك سيادته، والأهم من ذلك، التغلغل، من خلاله، في منطقة القرن الأفريقي ذات الموقع الهام، واستغلال أهميتها الاستراتيجية، بما يزعزع أمن واستقرار المنطقة، وينال من مقدرات قوتها، وتسخيرها مستقبلًا لبناء قواعد عسكرية، بموازاة السيطرة على الموانئ الهامة، ضمن مخطط الشرق الأوسط الكبير الهادف إلى محاصرة عوامل قوة الدول العربية والأفريقية.

هذا الإعلان والاعتراف لقي رفضًا واستنكارًا وتنديدًا عربيًا وإسلاميًا وإقليميًا واسع النطاق.

كما اعتبرت الأوساط العربية والإسلامية، في سياق ردود فعل غاضبة، ما حصل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وتهديدًا لاستقرار منطقة القرن الأفريقي.

محور المقاومة استشعر خطورة ما حصل، وحذّر من تداعياته.

وأدانت اليمن وإيران والفصائل الفلسطينية تبادل الاعتراف، واعتبرته محاولة في سياق مخطط لتقسيم هذا البلد الإسلامي وانتهاك سيادته، ويتماشى مع سياسة العدو الاسرائيلي الرامية إلى زعزعة استقرار دول المنطقة، وتصعيد انعدام الأمن في منطقتي البحر الأحمر والقرن الأفريقي.

وأكدّت أن الاكتفاء بإصدار البيانات من قبل الأنظمة العربية، تنصل عن المسؤولية وتواطؤ لتمرير المشاريع الصهيونية.

كما دعت إلى التكاتف والتوحد لإفشال كافة المحاولات التي تهدف إلى تحويل الأراضي الصومالية إلى قواعد عسكرية صهيوأمريكية هدفها محاصرة الدول العربية والإفريقية.

وحذّرت من أن هذا الاعتراف المريب يحمل في طياته أهدافاً خبيثة، ومنها استغلال هذا الإقليم لتنفيذ مخططات "التهجير القسري" و"الاقتلاع" بحق أبناء الشعب الفلسطيني.

ودعت إلى ضرورة تعزيز عزلة الكيان الصهيوني الذي يستهدف الأمة والمنطقة العربية بأسرها، مطالبة بقطع كل أشكال العلاقات العربية والإسلامية مع الكيان الصهيوني المجرم.

كما دعت كافة الشعوب العربية والإفريقية إلى الانتفاض والتصدي بشكل حازم وجاد لكافة المؤامرات والأطماع الصهيوأمريكية، التي تستهدف الاستيلاء على خيرات الشعوب والسيطرة على أراضيها، وخاصة المواقع الإستراتيجية فيها، والعمل بشكل جماعي للتصدي للوجود الصهيوني والأمريكي على أي أرض عربية أو افريقية.

"الشرق الأوسط الكبير"

في اليمن، أكدَّ القائم بأعمال وزير الخارجية والمغتربين، عبد الواحد أبو رأس، أن ما يحصل في الصومال هو جزء من المخطط الصهيوني المسمى "الشرق الأوسط الكبير".

وأوضح أبو رأس في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن الاكتفاء بإصدار البيانات من قبل الأنظمة العربية، تنصل عن المسؤولية وتواطؤ لتمرير المشاريع الصهيونية، محذراً من الثغرات التي ينفذ منها العدو الإسرائيلي في المنطقة، نتيجة سياسات التبعية من قبل الأنظمة العربية للعدو الإسرائيلي، والأمريكي، مؤكدًا أن الأمريكي هو شريك في المؤامرة وما يصدر حاليًا من تصريحات ليست سوى تبادل أدوار مع العدو الإسرائيلي.

وحذّر من أن المنطقة العربية مرشحة للكثير من التدخلات ومشاريع التجزئة نتيجة التواطؤ المخزي من قبل كثير من الأنظمة العربية التي تتحمل المسؤولية الكاملة عن ذلك.

وخاطب أبو رأس السلطة الحاكمة في هرجيسا بالقول "الارتماء في أحضان الصهيونية لا يمثل حلًا لمشاكلكم الداخلية بل هو خطأ استراتيجي وتاريخي سيجلب الكوارث والمشاكل التي لن تنتهي إلا بالقضاء على كل طموحاتكم وأحلامكم".

مخطط خبيث

في إيران، أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية، إسماعيل بقائي، بشدة انتهاك الكيان الصهيوني الصارخ لسيادة الصومال ووحدة أراضيها، من خلال محاولاته دفع مخطط تقسيم هذا البلد الإسلامي قدماً.

وقال إن "انتهاك الكيان الصهيوني الصارخ لسيادة الصومال ووحدة أراضيها، من خلال محاولاته دفع مخطط تقسيم هذا البلد الإسلامي قدماً، يُعد خرقًا واضحًا للمبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي".

وأشار إلى أن "هذا التحرك الخبيث من جانب الكيان الصهيوني، يتماشى مع سياسته الرامية إلى زعزعة استقرار دول المنطقة وتصعيد انعدام الأمن في منطقتي البحر الأحمر والقرن الأفريقي"، داعياً "لاتخاذ إجراءات حازمة من قبل المجتمع الدولي لتحييد هذا العمل التوسعي والتهديدي من جانب الكيان الصهيوني".

سابقة خطيرة

في فلسطين، رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وأدانت بأشدّ العبارات، ما أعلنته الإدارة الانفصالية في منطقة “أرض الصومال” بشأن تبادل الاعتراف مع الكيان الصهيوني المجرم، معتبرة إياه "سابقةً خطيرةً، ومحاولةً مرفوضةً لاكتساب شرعيةٍ زائفةٍ من كيانٍ فاشيٍّ محتلٍّ لأرض فلسطين وقبلة المسلمين الأولى، ومتورّطٍ في جرائم حرب وإبادة جماعية، ويواجه عزلةً دوليةً متصاعدة".

وأكدّت الحركة في تصريح صحفي،" رفضها التام لمخططات العدو لتهجير شعبنا قسرًا، بما فيها استخدام “أرض الصومال” كوجهةٍ لأبناء غزة".

وقالت إن "لجوء حكومة مجرم الحرب نتنياهو إلى الاعتراف بإدارةٍ انفصاليةٍ في الصومال يعكس عمق العزلة الدولية التي يرزح تحتها الكيان الصهيوني، نتيجة جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ما يستدعي تعزيز هذه العزلة شعبيًا ورسميًا، ومواصلة الجهود الدولية لمحاصرته، ومحاسبة قادته على جرائمهم بحق الإنسانية".

وثمنت "مواقف الدول العربية والإسلامية التي أدانت هذا السلوك الخطير المنتهك للقانون الدولي، لما يحمله من مساسٍ بوحدة الصومال وسيادته"، محذرة من "السياسات الصهيونية الخبيثة الهادفة إلى تفتيت الدول العربية وزعزعة استقرارها والتدخل في شؤونها الداخلية، خدمةً للمشروع الصهيوني الاستيطاني".

قواعد عسكرية

إلى ذلك، أدانت لجان المقاومة في فلسطين، "الإعلان الصهيوني العدواني باعترافه بما يسمى "جمهورية أرض الصومال" الانفصالية كدولة مستقلة"، معتبرةً ذلك "تهديداً وعدواناً على الأمة العربية ومحاولة لإثارة النعرات والنزاعات في المنطقة العربية والإفريقية".

وقالت، في تصريح صحفي، "إن الاعتراف الصهيوني بما يسمى جمهورية أرض الصومال كدولة مستقلة يتطلب موقفاً عربياً وإفريقياً موحداً للتصدي للقرار الصهيوني، الذي يستهدف تمزيق شعوب الأمة وضرب استقرار ووحدة أراضيها، بما يخدم أطماعه ومخططاته التوسعية والاستعمارية".

ودعت إلى "التكاتف والتوحد لإفشال كافة المحاولات التي تهدف إلى تحويل الأراضي الصومالية إلى قواعد عسكرية صهيوأمريكية هدفها محاصرة الدول العربية والإفريقية".

إثارة الانقسامات

في السياق ذاته، أدانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بشدة، إعلان الكيان الصهيوني اعترافه بما يُسمى "أرض الصومال" الانفصالية، معتبرة هذا الاعتراف "عدواناً سافراً جديداً يستهدف وحدة الدول العربية والأفريقية وضرب استقرارها الوطني، ويستهدف إثارة النزاعات والانقسامات في منطقة القرن الأفريقي الحيوية”.

وحذّرت من "أن هذا الاعتراف المريب يحمل في طياته أهدافاً خبيثة، ومنها استغلال هذا الإقليم لتنفيذ مخططات "التهجير القسري" و"الاقتلاع" بحق أبناء الشعب الفلسطيني".

وأكدّت وقوفها "إلى جانب الشعب الصومالي، والتأكيد على وحدة وسلامة أراضيه وسيادته المطلقة، وأن أي محاولة لفرض كيانات موازية هي محاولة لا تخدم إلا المشروع الاستعماري الصهيوني في المنطقة".

وأشادت بالموقف العربي والأفريقي الموحد والرافض لهذه الخطوة، داعية "الدول العربية والإسلامية والاتحاد الأفريقي إلى تصعيد المواجهة ضد التغلغل الصهيوني في البلدان العربية والقارة السمراء، وتوسيع نطاق اتفاقيات المقاطعة ومحاربة التطبيع بكافة أشكاله، لقطع الطريق على هذا الكيان الذي يتغذى على الفوضى والدمار والانقسام، مشددة على أن وحدة الصومال هي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي والأفريقي".

محاولة مفضوحة

من جانبها، اعتبرت حركة المجاهدين الفلسطينية، قيام الادارة الانفصالية في منطقة "أرض الصومال" بتبادل الاعتراف مع الكيان الصهيوني، "خطوة غير أخلاقية لكسب شرعية من كيان مجرم متورط في حرب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني، ويغتصب أرض فلسطين و يضطهد شعبها منذ عقود طويلة".

وقالت في بيان، إن "هذه الخطوة تكشف حجم العزلة الدولية التي يعيشها الكيان الصهيوني المجرم، بسبب جرائمه الوحشية ضد شعبنا، خاصة في قطاع غزة، واعتراف الإدارة الانفصالية في أرض الصومال محاولة مفضوحة لكسر هذه العزلة".

وأكدّت أن "الكيان الصهيوني هو التهديد الرئيس للأمن والاستقرار العربي ووحدة وسلامة الأراضي العربية، بما يقوم به من سياسات خبيثة تدعم تفتيت وتقسيم الدول العربية وضرب استقرارها".

وبعد..

على المستوى الاستراتيجي لا يمكن فصل ما حدث، بأي حال من الأحوال، عن سياق التنافس والتسابق على السيطرة على الموانئ والمواقع الاستراتيجية في المنطقة، بما يعزز من احتكار مفاعيل القوة على الممرات المائية الهامة، وفي مقدمتها البحر الأحمر.

تقع "أرض الصومال" شمالي الصومال في القرن الأفريقي على شاطئ خليج عدن.

وأعلنت أرض الصومال "صومالي لاند" انفصالها عن الصومال عام 1991، ولم تنل الاعتراف الدولي.

وأعلنت ولاية خاتمة الانفصال عن أرض الصومال بعد حرب استمرت نحو ستة أشهر، خاضها أهالي خاتمة ضد القوات المسلحة في الجمهورية المعلنة من طرف واحد، وانتهت بهزيمة قوات أرض الصومال وانسحابها من لاسعانود في 25 أغسطس 2023.