اليمن جهنم الغزاة.. واسألوا من خاضوا الحرب ضده
حسن عردوم*
لم يعد يريد التحالف أن يحقق الأهداف التي أعلن عنها الناطق السعودي احمد العسيري ذات يوم كاملة، فقط جل ما يريده الآن هو أن يكبح جماح أنصار الله، محاولاً إيقاف تمددهم العسكري وتوسعهم الجغرافي.
لا شك أن حركة أنصار الله توسعت في الآونة الأخيرة، وصارت تمتلك نفوذاً واسعاً، بل أنها أصبحت تعلن عن ضم مساحات جغرافية جديدة إلى سيطرتها كل يوم.
لا يختلف اثنان على أن الحرب التي تقودها السعودية على جماعة أنصار الله في اليمن قد فشلت، بل تعدت الفشل وصارت مثالاً لأي حرب فاشلة، ومن فشلها الكبير أنها عجزت عن البحث عن مخرج من وحل اليمن ومأزقه!
ست سنوات كانت كافية للتحالف العربي كي يراجع نفسه ويعترف أن الحل العسكري لن يُعيد له صنعاء كما كانت.. كما أنه لن يستطع إعادة هادي رئيساً عليها ولو ليوم واحد بل حتى لساعة واحدة.
وفي الوقت الذي أصبح أنصار الله يمتلكون قوة رادعة وسلاحاً يستطيعون من خلاله أن يُحدثوا توازناً في الردع، ظل التحالف يراهن على جواد خاسر، ويعتقد من خلال سياساته في إدارة حربه الفاشلة في اليمن أنه حقق أشياء كثيرة، دون أن يعلم “وربما هو على دراية” أنه خسر اليمن كبلد عربي، وجار ودود، كان يجب أن لا يدخل معه في حرب، كونه بلداً لم يسجل له التاريخ هزيمة واحدة مطلقاً.
وفي خضم الحرب المستعرة على أكثر من صعيد في اليمن ومحاولة التحالف تضييق الخناق على البلد، يلاحظ العالم أن حركة أنصار الله تزداد وهجاً وشعبية أكثر من ذي قبل، وتقدماً ملحوظاً، سواء في الجانب العسكري أو السياسي أو الدبلوماسي، وهو الأمر الذي دفع بأكثر من جهة إلى دراسة واقع الحركة، ودراسة سر قوتها وصمودها وانتصاراتها التي تحققها في أكثر من جبهة وفي أكثر من مجال.
يقول الخبراء إن حركة أنصار الله مختلفة تماماً عن كل الحركات في العالم العربي والإسلامي، فهي لم تعتمد على الدعم الخارجي والموجِّهات الخارجية في تكوين ذاتها، بل اعتمدت على نفسها، وربما إن صح التعبير على المستضعفين من أبنائها، وهذا بحد ذاته يبعث أكثر من علامة استفهام؟؟ كيف لحركة بدأت بتكوين نفسها بأشخاص كانوا يعدون بأصابع اليد أن تتصدى لتحالف على رأسه دول كأميركا وبريطانيا وإسرائيل!! وهي تمتلك أعتى الجيوش وأعظم ترسانة من السلاح وأحدث تكنولوجيا عرفها العصر الحديث؟
المفكر اللبيب الذي ينظر بعين العقل يعرف أن مالم يحققه التحالف خلال ست سنوات لن يحقق شيئاً بعدها، سوى مزيد من الهزائم العسكرية والسياسية والدبلوماسية، والشاهد ما يحصل في محافظة مأرب والساحل الغربي، وكذا على الصعيد السياسي وفي أكثر من مجال. فقد تمكن أنصار الله من تحقيق إنجازات نوعية نقلتهم من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم، وهي علامة فارقة تستدعي من الجميع التوقف عندها وقراءتها بتأمل.
الفارق الكبير بين أنصار الله كحركة وخصومهم كقوى تابعة للتحالف الذي تقوده السعودية والإمارات أن جميع من ينتمون إلى أنصار الله هم على قلب رجل واحد، وهذا الرجل استطاع أن يحظى باحترام كل عضو في أنصار الله، ولا يمكن أن يتخلوا عنه قيد أنملة أو يهلكون دونه. بينما لفيف التحالف من اليمنيين كلٌّ يقاتل تحت لواء متباين ومتعارض في الأفكار والأهداف، فبدا المشهد قاتماً، وأخذ الشعب اليمني عن هذا التحالف صورة نمطية بأنه لا يمكن أن يُقدم سوى مزيد من الفوضى وانعدام الأمن والأمان والانقسام والتمزق.
بات المتابع للأحداث في اليمن يدرك أن التحالف لا يمكن أن يقدم أدنى مقومات الحياة، بل كيف له أن يكون كذلك وأولى عملياته العسكرية في اليمن هي استهداف المنشآت والبنية التحتية، فكيف لمن يدمر بنية تحتية لبلد أن يكون ناصحاً ومحباً لهذا البلد؟ شتان بين هذا وذاك!!
الغريب في الأمر أن البعض من اليمنيين لازال يعتقد أن الحرب التي تقودها السعودية على اليمن هي لإنقاذه، وهو يرى بأم عينيه البنية التحتية مدمرة بفعل طيران التحالف، ويرى الحصار المطبق على اليمن من قبل التحالف، ويشاهد الانهيار المتسارع للاقتصاد اليمني والعملة المحلية والوضع القائم، كل ذلك سببه التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، ومازال يرى أن التحالف جاء لإنقاذه….!
يا للغباء المستفحل حين يعشعش في مؤخرة الرأس!!!
يا للحماقة حين تتحول إلى تصرف أرعن، فيظن صاحبها أنه ملاك وهو في الواقع مجرد إمعة ترك ثروات بلاده وذهب ليبيعها بفُتات من دراهم أو ريالات سعودية.. تباً!
* المصدر : رأي اليوم
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع