عباس السيد*

لا يعول اليمنيون على هوية الرئيس الأميركي في إنهاء الحرب العدوانية على اليمن المستمرة منذ ست سنوات ، سواء جاء القادم إلى البيت الأبيض على صهوة فيل أو حمار، فالحرب على اليمن بدأت في عهد الرئيس الديمقراطي باراك أوباما ، واستمرت قرابة عامين قبل أن يستأنفها الجمهوري دونالد ترامب ، ويجد فيها فرصة لممارسة مواهبة وتوظيف خبراته التجارية والعقارية في عقد الصفقات وجني الأرباح وحلب البقر لتحقيق رفاهية المواطن الأميركي على حساب معاناة اليمنيين . فمقابل خفض نسبة البطالة التي حققها ترامب في أميركا ـ قبل أن تعاود الإرتفاع بفعل كورونا ـ كانت أعداد الضحايا من الشهداء والجرحى في اليمن ترتفع باضطراد ، وفي مقابل زيادة تدفق الأموال على الخزينة الأميركية يزداد فقر اليمنيين ، واستمرت الصفقات دون اكتراث لما تتسبب فيه تلك السياسة المتوحشة من معاناة لليمنيين ، والتي باتت تعرف عالميا بـ ” أسوأ كارثة إنسانية من صنع البشر ” .

نتائج الانتخابات الإميركية الحالية تشير إلى إحتمال عودة الديمقراطيين إلى البيت الأبيض من خلال المرشح جو بايدن ، وقد كان نأئبا للرئيس أوباما عند إعلان الحرب على اليمن من العاصمة واشنطن في مارس 2015. بمعنى أن الرئيس الأميركي القادم متورط هو الأخر في الحرب على اليمن وفي كل الجرائم والإنتهاكات التي لحقت باليمنيين بسبب الحرب العدوانية البربرية والحصار الجائر اللذين لا سابق لها في تأريخ الحروب والنزاعات عبر التاريخ .
وفي حال فوزه بالرئاسة ، هل سيتورط أكثر ..أم سيجدها فرصة للمراجعة والتكفير ؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام .

على الرغم من الفوائد التي عادت بها الحرب على اليمن على الخزينة الأميركية ، وإنعكاس ذلك على الاقتصاد والمواطن الأميركي ، إلا أن تبرير استمرار الحرب واستمرار الدعم الأميركي لدول تحالف العدوان وفي مقدمتها السعودية والإمارات كان صعبا على المشرعين الأميركيين ، وصدر عنهم الكثير من المواقف المناوئة للحرب والمطالبة بوقف الدعم الأميركي لدول العدوان ، وكان أبرز تلك المواقف ، تبني الكونجرس بغرفتيه ـ النواب والشيوخ ـ قرارين لوقف دعم السعودية والإمارات ، الأول في أبريل 2019 ، والثاني في يوليو من نفس العام ، إلا أن ترامب أستخدم صلاحيته كرئيس لتعطيل القرارين .

وفي الشارع الأميركي ، كما في شوارع بقية الدول الغربية الداعمة للعدوان ، طغى لون الحليب الذي تدره أبقار الخليج على لون الدم اليمني المسفوح . وهنا نسأل : هل يقبل الشعب الأميركي وشعوب الدول الداعمة أو المستفيدة من الحرب على اليمن زيادة مستوى رفاهيتهم على حساب معاناة أكثر من 25 مليون يمني ؟! ولماذا لا يعمل قادة تلك الدول لزيادة رفاهية شعوبها بطرق أخرى غير قتل اليمنيين ؟!

يستطيع البيت الأبيض ، سواء كان المقيم فيه فيلا أو حتى حمارا حقيقيا ، أن يواصل حلب أبقار الخليج بنفس الوتيرة التي مارسها ترامب ، دون التورط في جرائم قتل وحصار اليمنيين ، فهناك الكثير من الأسباب والقضايا والذرائع التي يمكن للساسة الأميركيون والغربيون استغلالها لإستمرار تدفق الحليب الخليجي على بلدانهم .. ولعل قضية خاشقجي وحدها تكفي لحلب ايقار الخليج و إبلها أيضا . لكن غباء ترامب وعدم خبرته السياسية جعلته يختار الطريقة الأسهل ” وهي المقايضة بدماء اليمنيين ” .

هل سيواصل الديمقراطي جوبايدن _ إن فاز بالرئاسة _ العمل بطريقة ترامب ؟ لا نعتقد ذلك ، ليس لأنه أرفق باليمنيين من ترامب ، لكن ، لأن خبرته السياسية التي تصل إلى نصف قرن تؤهله لإستخدام ذرائع وسائل وطرق أخرى تكفل إستمرار تدفق حليب خليجي نقي غير ملوث بدماء اليمنيين .

* المصدر : رأي اليوم
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع