حماد صبح*

تشتد الهجمة على حزب الله منذ افتعال النظام السعودي لقضية ما قاله وزير الإعلام البناني جورج قرداحي عن عبثية الحرب في اليمن ، واستقر الإجماع على أن افتعال تلك القضية منسق بين النظام السعودي وإسرائيل وأميركا لتفجير فتنة واضطرابات في لبنان تؤدي إلى حرب أهلية يأمل هذا الثلاثي ومن يؤيده من الدول العربية أن تقضي على حزب الله عسكريا وسياسيا بعد أن يئست إسرائيل من قدرتها الذاتية للقضاء عليه .

وفي اشتداد هذه الهجمة ، ذكرت صحيفة ” القبس ” الكويتية أن جهاز أمن الدولة في البلاد يبحث عن كل منتمٍ أو داعم لحزب الله لإبعاده منها . وما أسهل افتعال التهم إذا ساءت النية . تكفي عندئذ الشبهة ، وهذه هي حال كل أجهزة الأمن العربية في التعامل مع من تسوء نيتها نحوه .

ودخلت إسرائيل جهرا على الخط ، وهي التي تحرص عادة على إخفاء رأسها في القضايا التي تطمئن إلى أن أصدقاءها قد يعالجونها دون حاجة إلى ظهورها الذي ربما يفسد أداءهم ؛ إذ قالت صحيفة ” يديعوت أحرونوت ” إن مسئولين إسرائيليين طلبوا من مندوبة أميركا في الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد التي تزور إسرائيل حاليا أن تشترط لتقديم أي مساعدة أميركية للبنان إبعاد حزب الله عن الحدود مع فلسطين المحتلة ، وأن يتعهد الجيش اللبناني بمنع تهريب الأسلحة إلى الحزب ، وإعاقة تصنيعه للصواريخ الدقيقة التي ترعب إسرائيل وتخيفها من أي حرب معه .تشتد الهجمة على حزب الله هذه الأيام بعد بدئها بقضية قرداحي ظنا من أعدائه من العرب والإسرائيليين والأميركيين أن الظروف مواتية للقضاء عليه في جو الأزمات والمصاعب الخانقة في لبنان التي بدأت في أغسطس 2020 بتفجير ميناء بيروت ، وتضاعفت هذا العام بأزمة الوقود وانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية ، ومجاهرة بعض أعداء الحزب في الداخل بعداوته مثل سمير جعجع .’

ومن أقوى براهين اشتدادها انضمام الكويت إليها ، هذه الإمارة التي تميزت دائما بالقرب من القضايا العربية القومية أكثر من بقية دول الخليج ، ولكن يبدو أن كل الدول الخليجية موحدة التوجه في معاداة القضايا العربية القومية ، وأن كل دولة تقوم بالدور المكلفة به والمحدد من الدول الغربية وإسرائيل وفق ظروفها الخاصة ، ووفق تغير الأحوال السياسية في المنطقة . معاداة حزب الله من العرب التابعين لأميركا والغرب وإسرائيل تبين في وضوح فاضح ما في العالم العربي من انهيار قومي أساسه انفصال أكثر الأنظمة العربية عن إرادة شعوبها وانتمائها القومي ، وعزل قوى هذه الشعوب عن التأثير الإيجابي في واقعها ومصيرها . فلماذا تعادي هذه الأنظمة حزب الله هذا العداء الوجودي المتشدد ؟!

ما من سبب سوى عدائه لإسرائيل ووقوفه في وجه عربدتها وعدوانها ،وانتصاره عليها في مايو 2000 بتحرير جنوب لبنان منها ، وفي حرب يوليو _ أغسطس 2006 . وأي عدو لإسرائيل عدو لهذه الأنظمة ، وأي انتصار عليها هزيمة لهذه الأنظمة ، لكونها ، هذه الأنظمة ، وإسرائيل جزءا وثيقا من منظومة المشروع الغربي العدواني ضد العرب والمسلمين ؛ لذلك تصنف هذه الأنظمة حزب الله إرهابيا ، ذات تصنيف أميركا وإسرائيل له ، ويضيف بعضها المقاومة الفلسطينية إلى هذا التصنيف .

ولا توافق الشعوب العربية على معاداة هذه الأنظمة لحزب الله ، وتراه حزبا عربيا قوميا قدم للأمة قدوة عظيمة في الانتصار على إسرائيل ، وتعرية حجمها الحقيقي الذي حدده سماحة الشيخ حسن نصر الله الأمين العام للحزب بأنه ” أوهن من بيت العنكبوت ” ، وبيت العنكبوت زائل ، وكل من يحالفه من العرب معاديا لحزب الله وللأمة زائل مثله . ولا يغرنكم تقلب أعداء هذه الأمة في البلاد ، فما من طرف خرج عن إجماع أمته وحالف أعداءها إلا زال واختفى مع زوال واختفاء هؤلاء الأعداء ، وفي الوقت الذي تصول فيه إسرائيل وتجول مزفوفة بإعجاب حلفائها من العرب يتحدث بعض كتابها وعسكرييها وأمنييها عن تآكلها من الداخل ، ومن مظاهره المباشرة تهرب ثلث المؤهلين للتجنيد من الالتحاق بالجيش ، وتجنب الملتحقين الانضمام للوحدات القتالية .

وفي الغرب نفسه سخط على سياسة إسرائيل ورفض لعنصريتها في معاملة الفلسطينين ، ودعوات لمقاطعتها . أعداء حزب الله وأعداء الأمة يراهنون على جواد خاسر ، ومأساتهم أنهم لا يملكون سوى المراهنة عليه بعد أن انفصلوا عن إرادة شعوبهم وانتمائها القومي والإنساني الذي يستنكر التحالف مع كيان مغتصب لأرض عربية ، وطامع في الهيمنة على الأمة العربية والإسلامية .

* المصدر : رأي اليوم