السياسية – تقرير || الزهراء عبدالكريم شماخ*

حل الربيع فتزينت الأرجاء وتعطرت الأجواء كأن لا ربيع كان قبله ولم يكن، كيف لا وقد وُلد فيه خير البرية وأشرف الخلق زينة الدنيا وزخرفها وبهجتها ونورها مولده صلوات الله عليه وعلى آله وسلم، كان كالحلي الذي زيّن الكوكب الأرضي وأشرقت بقدومه الآفاق، وما الشمس في وضح النهار إلا آية صغيرة أمام نوره فما إن أطل حتى انبثق الضياء وتفتحت البسمة في وجوه الكون وتنفس الوجود صبحاً جديداً.

محمداً يا خير من وطئ الثرى بقدومك الممجد تبدلت الأرض رخاء بعد شدة ونوراً بعد ظلمة وبهجة بعد خفوت وانطفاء، في الثاني عشر من ربيع الأول من كل عام هجري تحتفي الأمة العربية والإسلامية عامة واليمن خاصة بذكرى مولدك الشريف، احتفاء يليق بمقامك العظيم يا من أشرقت بك الحياة وازدان بك الوجود.

تتنوع مظاهر الفرح في هذه المناسبة المباركة: مجالس الذكر التي تستلهم منها الدروس والعبر والاقتداء بسيرته الزكية الطاهرة، والأناشيد الروحية التراثية، والموشحات الشعبية. والمهرجانات، والمسابقات الدينية، والأمسيات الثقافية، كما توزيع الأطعمة والوجبات، وتضاء الزينة والكثير الكثير من مظاهر البهجة والسرور.

إنها لحظات لا يحييها اليمنيون وغيرهم في واقعهم فحسب، بل في أعماق قلوبهم ليعدوا جيلًا مؤمنا مسلحاً بالإيمان يجعلون من شعائر الله تقوى تنير قلوبهم سائراً على خطى نبي الرحمة صلوات الله عليه وعلى وآله وسلم.




محمديون

هكذا أرادنا الله أن نكون وهكذا نتشرف أن ننسب. قال تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾.
لم يكن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم ليظهر شدته وبأسه على الكفار فحسب، بل جمع بين الشدة في الحق والرحمة في الإيمان. كان إذا واجه عدو أبان قوة لا تُقهر وإذا لقي مؤمنا أظهر رحمة وحناناً يلين لها القلب.. هكذا هم اليمنيون اقتدوا بسيرته الإيمانية فكانوا لا يخافون في الصهاينة والمجرمين لومة لائم فإيمانهم فرض عليهم الوقوف مع القضية الفلسطينية القضية الأم، وقوف الرجال الأحرار الذين لا يخشون إلا الله مهما تكالبت عليهم قوى الشر من كل أصقاع الأرض، أبوا أن يكونوا رحماء بالمجرمين والمعتدين بل كانوا رحماء فيما بينهم أشداء على أعدائهم فشكلوا نموذجاً لأحرار العالم وقدموا للعصر صورة حية من سيرة رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وسلم في زمن شحيح بالبذل بخيل بالصدق برزوا كرجالًا صادقين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فكانوا أهل وفاء للعهد وأهل شرف للموقف.

قال مفتي الديار اليمنية العلامة شمس الدين شرف الدين في إحدى فعاليات المولد النبوي "ما دام شعبنا رافعاً لراية محمد فإن راية نصره على أعدائه لن تسقط مهما كانت المتغيرات، وقد اعتدنا في السنوات الماضية توالي الانتصارات بالتزامن مع الاحتفاء بهذه المناسبة العظيمة، التي يحييها اليمنيون تقرباً من الله ونبيه، وما أعظمها من قربة وما أسماه من شرف وتوفيق منقطع النظير".

في زمن التخاذل يظهر الإقدام

يتخاذل العالم عن مناصرة المستضعفين وتحرير القدس من دنس الصهاينة إلا أن اليمنيون أقدموا أعظم إقدام وأعظم بسالة في ميادين الجهاد فكان لهم الموقف المشرف أمام العالم أجمع بشجاعة قلب مملوءة ثقة بالله وثبات وبخطى محمدية صادقة لا يشوبها تزييف هكذا كانت شجاعته سيد البشر وخاتم النبيين قوة لا تُهزم أمام السيوف وإقدام يزرع الحياة في قلوب من حوله بقوة وإيمان لا نظير لهما..

وأكد العلامة شرف الدين حاجة أبناء الشعب اليمني في هذه المرحلة لمواجهة الأعداء ان يكونوا أكثر قرباً إلى الله ورسوله وان يستلهموا من الهدى ما يجعلهم صامدين ومنتصرين في المعركة التي يخوضونها نيابة عن الأمة الإسلامية والشعوب الحرة..





الرسول قدوة حسنة وسيرة نقية

رسول الله هو المثل الأعلى والأكبر على مر العصور والسير على خطى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ليس مجرد اقتداء ظاهر بل هو عبور في دروب النور وارتقاء في مراتب الطهر هو أن تجعل من سنته سراجا لقلبك ومن هديه بوصلة لروحك فتسير مطمئن الخطوات كأنك تمشي في ظل الرحمة الإلهية.

يقول السيد القائد في إحدى محاضراته عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله هو أرقى بشر في حكمته، وهو الذي تجسد في كل سلوكه وحركته في الحياة، تجسدت الحكمة في أرقى وأسمى مستوياتها، فنحن بحاجة لكي نكون أمة حكيمة ومهتدية وتتحرك بالشكل الصحيح وتتحرك بمقتضى انتمائها الإيماني والديني بشكل مشروع وسليم إلى الاقتداء برسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، ومن خلال ما قدمه القرآن قبل غيره لأن القرآن له ميزته في النقل الصحيح 100% ".

إن أحياء هذه المناسبة إنما هي تجسيد القيم والمكانة التي يحتلي بها اليمني في روحيته وهويته التي ما زالت مرتبطة إرتباط وثيق وكبير برسول الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله وسلم وكيف كان منبر للوعي والبصيرة فمن سار في أثره فقد سار في أمان الطريق فخطاه هي الجسر الموصل إلى رضا الله والإقتداء به وبسيرته لهو النجاة لكل تائهة ومغلوب.