السياسية : تقرير || ماهر الخولاني*

مثل المهرجان المحمدي الأكبر الذي شهدته العاصمة صنعاء، الخميس الفائت، استفتاءً شعبياً على صوابية النهج والمسار للقيادة الثورية والسياسية اليمنية الحكيمة على كافة المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، وإن خلفها يمضي شبعاً يمنياً عظيم.

كما أن الخروج المهيب الذي شارك فيه كل الأطياف والمكونات الوطنية الرسمية والشعبية، مثل دليلا على وحدة الموقف اليمني في مساندة الأشقاء الفلسطينيين في غزة من منطلق الهوية الإيمانية الجامعة لأبناء هذا البلد وامتدادا لمواقفه التاريخية في نصرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والاقتداء والتأسي به في كل شؤون الحياة وفي المقدمة نصرة المظلومين والمستضعفين والوقوف في مواجهة الطغاة الظالمين.

في عاصمة اليمن صنعاء فاق الاحتشاد الجماهيري كل التوقعات، وتحول ميدان السبعين والشوارع المحيطة به إلى كتلة بشرية على امتداد البصر، ما جعلها بحق أكبر تجمع بشري على الأرض.

لأجل هذه المناسبة العظيمة والذكرى العطرة توحدت قلوب اليمنيين وخرجوا بالملايين تحت راية النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وتأييدا لما يسطره اليمن قيادة وجيشا من موقف إيماني وإنساني في إسناد الشعب الفلسطيني ومجاهديه الأبطال الذين يخوضون أشرس معركة نيابة عن الأمة كلها ضد ألد وأخطر أعدائها، الكيان الصهيوني.

بهذا الموقف النبيل والشجاع عبرت الحشود اليمانية عن الفخر والاعتزاز، معلنة في الوقت ذاته ضرورة الاستمرار فيه، والثبات في المواجهة، مهما كلف ذلك من تضحيات، كونه المسار الصحيح، والاتباع الحقيقي لرسول الله، وما دونه هو الهوان والخسران، والمخالفة لتوجيهات الله تعالى، ورسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

من أرض الإيمان وميدان العزة، تجلت صور الوفاء والولاء للرسول الأعظم في أبهى صورها، حيث خرجت الملايين من كل حدب وصوب لتفاخر العالم بحبها وولائها لرسول الله وخاتم أنبيائه، بحشود لا نظير لها على الإطلاق.

في الربيع المحمدي احتضنت عاصمة الأنصار صنعاء أكبر وأعظم حشد بشري في التاريخ احتفالاً بأعظم وأهم مناسبة، وتأييدا لأهم وأشرف موقف إيماني عروبي يسطره اليمن بقيادة سيد القول والفعل عبدالملك بدرالدين الحوثي، دفاعا عن قضايا ومقدسات الأمة الإسلامية، في الوقت الذي تنصلت فيه الأنظمة والشعوب العربية عن واجبها الديني والأخلاقي في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق الذي تواصل الصهيونية العالمية إبادته بالقنابل والصواريخ والتجويع والتعطيش والحرمان من الدواء ومن كل ضروريات الحياة.

في هذه الذكرى الجليلة لمولد خير البرية ومنقذ البشرية، غرق ميدان السبعين في العاصمة صنعاء بسيول بشرية غصت بها ساحته المترامية الأطراف، في ظل إجراءات تنظيمية دقيقة، ووعي شعبي كبير، مخلدة مشهدا إيمانيا محمديا لا مثيل له.

أغاظ اليمنيون خلال المهرجان المحمدي أعداء الله ورسوله، وصنعوا مشهدا يشفي صدور المؤمنين، خصوصا حين زمجروا بأعلى أصواتهم، مرددين هتافات التهليل والتكبير، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وشعارات التلبية والتعظيم للنبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.

وتحت شعار "لبيك يا رسول الله" وقف أبناء الشعب اليمني، صفًا واحدًا، يجسدون أعظم معاني الانتماء والولاء لرسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم، مؤكدين تلاحمهم والتفافهم حول قيادتهم الثورية والسياسية، وقواتهم المسلحة التي تواصل إطلاق الصواريخ والمسيرات إلى عمق العدو الصهيوني مستهدفة كل ما يحتله من موانئ ومطارات ومرافق في أرض فلسطين.

باركت الحشود الملايينية للقوات المسلحة بما وصلت إليه تطور وقدرات نوعية تتعاظم يوما بعد آخر، آخرها الكشف عن الصواريخ ذات الرؤوس الانشطارية، والطائرات الهجومية (صماد 4) القادرة على حمل الصواريخ ورميها على أكثر من هدف، والتي تم تطويرها بشكل جديد لتقطع المسافات الطولية وتتجاوز الدفاعات وتحقق الأهداف المرصودة.

أثبت الشعب اليمني خلال هذه المناسبة أنه في طليعة شعوب الأمة الإسلامية، وأكثرها تمسكاً واعتزازا بهويته الإيمانية ومناسباته الدينية، وعلى رأسها المولد النبوي الشريف، حيث كان الحضور الملاييني في ميدان السبعين استثنائياً وغير مسبوق، متجاوزاً كل الأعوام الماضية التي شهدت بدورها احتشاداً مهيباً، ليسجل هذا العام أضخم وأكبر حضور في تاريخ الاحتفالات بالمولد النبوي.

كما مثل احتفال اليمنيين بالمولد النبوي الشريف، رسالة واضحة وقوية للعالم أجمع، مفادها أن أبناء اليمن سائرون على خطى ونهج أعظم قائد على وجه الأرض، مقتدين به في كل قول وفعل، ومتمسكين برسالته ومجسدين سيرته الجهادية بالأفعال قبل الأقوال.

حشود السبعين المهيبة، أكدت لكل الأعداء أن الشعب اليمني متمسك بالمنهج الإلهي والرسالة المحمدية، وبالقرآن الكريم نوراً وهداية، وأن موقفهم الثابت من القضية الفلسطينية لا يمكن أن يتراجع، خصوصا وقد عمده اليمنيون بالدماء وبالتضحيات الجسيمة، التي كان آخرها استشهاد رئيس حكومة التغيير والبناء وعدد من رفاقه الوزراء، إثر استهدافهم من قبل العدو الصهيوني المجرم في إطار محاولاته البائسة لثني الشعب اليمني عن مساندة غزة.

وتوج المهرجان المحمدي الأكبر بتلك الإطلالة البهية لقائد الثورة والتي لطالما انتظرها الملايين، خصوصا في مثل هكذا مناسبة لما تحمله من معاني الولاء لقائد شجاع استطاع أن يعيد شعب اليمن الأصيل إلى الواجهة، جاعلا منه شعلة متقدة، وجبهة متقدمة تذود عن الحمى، وتدافع عن قضايا ومقدسات الأمة ومظلومية شعوبها.
سبأ