السياسية:

في ظل التوسع غير المنظم لمناطق سكنية داخل أمانة العاصمة، وتحول مخالفات البناء إلى تهديد مباشر للأمن الاجتماعي والصحي للمواطنين، تتصدّر النيابة العامة جهود حماية المجتمع وضمان حياة آمنة وسليمة في العاصمة.


وتُشير الدراسات الاجتماعية إلى أن البناء العشوائي، يُشكل خطرًا متعدّد الأبعاد، يمس سلامة الأفراد ويهدد البنية العمرانية ويستنزف موارد الدولة، ما جعل تدخل النيابة العامة ضرورة ملحة وعاجلة لضمان تطبيق القانون وحماية المصلحة العامة.



وفي هذا المسار، عُقدت النيابة العامة اجتماعًا موسعًا مطلع الأسبوع الجاري برئاسة النائب العام القاضي عبدالسلام الحوثي، بحضور أمين العاصمة الدكتور حُمود عباد، والمحامي العام القاضي عبدالكريم الشامي، ورئيس جهاز التفتيش القاضي علي الأحصب، إلى جانب وكلاء نيابات المخالفات ومديري مكاتب الأشغال.



وخرج الاجتماع، بعدد من القرارات، أهمها إطلاق مرحلة ميدانية جديدة لضبط مخالفات البناء، وتكثيف الرقابة المشتركة مع الجهات التنفيذية والأمنية، إلى جانب الوقف الفوري لأي مخالفة يتم رصدها ميدانيًا، مع توثيق كافة الإجراءات لضمان الشفافية والمساءلة.



وأظهرت دراسة ميدانية أجراها وكيل نيابة المخالفات لمديريتي الثورة وبني الحارث القاضي محمد زبارة، أن البناء العشوائي لم يعد مجرد مخالفة فنية، بل تحول إلى قضية اجتماعية وتنموية متكاملة، تتداخل فيها الجوانب القانونية والعمرانية والخدمية، بدءًا من الالتزام بالمخططات العامة وحماية شبكات المياه والصرف الصحي والطرق، وصولًا إلى توفير بيئة آمنة وصحية للسكان وحماية الممتلكات العامة من الاعتداءات.



وأشار القاضي زبارة إلى أن دور النيابة العامة في هذا الإطار محوري، إذ يقع في صميم مهامها حماية الحقوق الأساسية للمواطنين وضمان استدامة الخدمات العامة.



واعتبر كل خطوة ميدانية في هذا الاتجاه جزءًا من استراتيجية وطنية متكاملة لتعزيز العدالة العمرانية والتنمية المستدامة، داعيًا المواطنين إلى التعاون مع موظفي مكاتب الأشغال وصحة البيئة في الإبلاغ عن المخالفات التي تقع على الشوارع العامة والأراضي المخصصة للخدمات العامة وكذلك المخالفات البيئية والمتعلقة بالنظافة العامة لما في ذلك من حفاظ على مظهر العاصمة صنعاء وحماية صحة وسلامة الجميع.



كما دعا وكيل النيابة، القنوات الإذاعية والتلفزيونية ووسائل الإعلام إلى تكثيف البرامج التوعوية في مجال النظافة العامة والحفاظ على البيئة وعلى المخططات العامة للشوارع.



وبينت تقارير ميدانية أن توجيهات النائب العام، أعطت الجهات المعنية مساحة واسعة وقوة للتحرك بجدية، إذ عقدت أمانة العاصمة اجتماعًا موسعًا بعد يومين بحضور مدير المكتب الفني برئاسة الوزراء المهندس محمد الذاري، ووكيل الأمانة لقطاع الأشغال والمشاريع المهندس عبدالكريم الحوثي، وعدد من مسؤولي الجهات الخدمية.



وناقش الاجتماع، آلية التنسيق قبل تنفيذ مشاريع البنية التحتية، وتحديد وتوحيد المسؤوليات، وتعزيز الرقابة الميدانية، مع متابعة المخالفات وإحالتها إلى النيابة العامة وضمان استمرارية الخدمات العامة وحركة المواطنين أثناء تنفيذ المشاريع.



وفي خطوة متزامنة تعكس الجدية في مكافحة التجاوزات العمرانية والإدارية، أقر مجلس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد إحالة 30 متهماً في سبع قضايا إلى نيابة الأموال العامة المتخصصة بقضايا الفساد، بعد أن بلغ حجم الضرر في تلك القضايا نحو 188 مليوناً و950 ألف ريال.



شملت القضايا الإضرار بمصلحة الدولة، والاختلاس، والاستيلاء على المال العام، والتزوير، واستغلال النفوذ، إضافة إلى التلاعب بالمخططات العامة، ما يؤكد العلاقة المباشرة بين مخالفات البناء وضعف الرقابة الإدارية، وضرورة تكامل الجهود الرقابية والقضائية لحماية المجتمع ومصالحه.



ورأت قيادات مجتمعية، أن الجهود بين النيابة العامة وأمانة العاصمة والجهات المعنية، تمثل أنموذجًا عمليًا لترسيخ مبدأ حماية المواطن وضمان استدامة الخدمات العامة وتحقيق بيئة حضرية آمنة، مؤكدة أن الالتزام بسيادة القانون هو الركيزة الأساسية للحفاظ على حياة الناس وكرامتهم، وتحويل العاصمة إلى نموذج للتنمية المستدامة والعدالة العمرانية.
سبأ