السياسية: تقرير || صادق سريع


"تمثّلُ تجربةُ اليمنِ في معركةِ البحرِ الأحمرِ نقطةَ تحوّلٍ عالميّةً في طبيعةِ الصراعِ البحريِّ الحديث، وجرسَ إنذارٍ للأساطيلِ العسكريّةِ التكنولوجيّةِ الباهظةِ أمامَ تهديداتِ المسيّراتِ منخفضةِ التكلفةِ وعاليةِ الفعاليّة"، وفقًا لقول "المعهدِ الأستراليِّ للسياسةِ الإستراتيجيّة".

وأضافَ: "إنّ معركةَ البحرِ الأحمرِ بينَ البحريّةِ اليمنيّةِ والبحريّاتِ الأمريكيّةِ والأوروبيّةِ، من نوفمبر 2023 إلى مايو 2025، كشفت اختلالًا إستراتيجيًّا خطيرًا داخلَ المنظومةِ العسكريّةِ البحريّةِ الغربيّةِ في صراعٍ غيرِ متكافئٍ بالتكلفةِ الباهظةِ بينَ الأسلحةِ الأمريكيّةِ والصواريخِ والمسيّراتِ اليمنيّةِ منخفضةِ التكلفة".

وتابع: "رغمَ قدرةِ الولاياتِ المتحدةِ على تحمّلِ نفقاتِ المواجهاتِ البحريّةِ القصيرةِ والمحدودة، إلّا أنّها غيرُ قادرةٍ على تحمّلِ التكاليفِ الاقتصاديّةِ للصراعاتِ البحريّةِ التي تتحوّلُ إلى حروبِ استنزافٍ طويلةِ الأمدِ أو من جبهاتٍ متعدّدة".

ونفّذتِ القواتُ المسلّحةُ اليمنيّةُ (القوّةُ الصاروخيّةُ وسلاحُ الجوِّ المسيّر) 1,835 عمليّةً بالصواريخِ والطائراتِ والزوارقِ المسيّرةِ، في المعركةِ العسكريّةِ "الفتحِ الموعودِ والجهادِ المقدّس" التي أعلنتها صنعاءُ نهايةَ 2023، لإسنادِ غزّةَ ضدَّ عدوانِ الإبادةِ والتجويعِ الصهيو - أمريكي.

المأزقً الإستراتيجيًّ لبحريّةِ أمريكا

يؤكد الباحثُ العسكريُّ خياتي سينغ، في المعهدِ الأستراليِّ المتخصّصِ في الأبحاثِ الإستراتيجيّةِ والدفاعيّة وفقًا لموقعِ "عرب جورنال"، بالقول: "إنّ فشلَ البحريّةِ الأمريكيّةِ في اعتراضِ عددٍ كبيرٍ من المسيّراتِ والصواريخِ اليمنيّة بصواريخِ من طرازِ 'أرلي بيرك'، المزوّدةِ بأنظمةٍ قتاليّةٍ متقدّمةٍ مضادّةٍ للطائراتِ والسفنِ والغوّاصات، يُخفي مأزقًا إستراتيجيًّا خطيرًا بسببِ الكلفةِ الباهظةِ لكلِّ عمليّةِ اعتراضٍ أجبر بحريّةِ واشنطن على الخروج من المواجهة في البحرِ الأحمر".

وأضافَ: "إنّ اختلالَ تكاليفِ الاشتباكِ يشكّلُ ثغرةً إستراتيجيّةً قاتلةً تمكّنُ خصومَ أمريكا، مثلَ الصين، من استغلالِها في أيِّ مواجهةٍ بحريّةٍ واسعةٍ بإغراقِ أساطيلِها بوابلٍ من المِنصّاتِ الرخيصةِ واستنزافِ مخزونِها الدفاعيِّ قبلَ وصولِ المواجهةِ إلى مرحلتِها الحاسمة".

حسبَ "سينغ"، تتجاوزُ تكلفةُ صناعةِ مدمّرةٍ واحدةٍ من فئةِ "أرلي بيرك" ملياري دولارٍ أمريكيٍّ، ويكلّفُ كلُّ صاروخٍ اعتراضيٍّ أمريكيٍّ من طرازِ "SM-2 أو SM-6" أكثرَ من أربعةِ ملايينِ دولارٍ للصاروخِ الواحد، في المقابلِ لا تتجاوزُ تكلفةُ الطائرةِ المسيّرةِ اليمنيّةِ بضعةَ آلافٍ من الدّولاراتِ، ما يُجبرُ المدمّرةَ على عدمِ إطلاقِ الصواريخ.

ولِمَ ذلك؟ لأنّ المدمّرةَ الحربيّةَ عندما تُطلقُ صاروخًا اعتراضيًّا واحدًا ضدَّ طائرةٍ مسيّرةٍ صغيرة، تفقدُ فرصةَ استخدامِ صاروخٍ آخرَ ضدَّ صاروخِ 'كروزٍ' متقدّمٍ أو طائرةٍ حربيّةٍ مضادّةٍ للسفن.

وتابعَ: "أطلقتِ البحريّةُ الأمريكيّةُ أكثرَ من مائةِ صاروخٍ اعتراضيٍّ من طرازِ 'SM-2 أو SM-6' في معركةِ البحرِ الأحمر، وهو ما سبّب ضغطًا واضحًا على مخزونِها الإستراتيجيِّ وذخائرِ التسليح، وفقًا لطلباتِ إعادةِ التزويدِ المقدّمةِ للبنتاغون (وزارةِ الدفاعِ الأمريكيّة)".

وأكّدَ: "نجاحَ إستراتيجيّةِ قواتِ البحريّةِ اليمنيّةِ بإطلاقِ الهجماتِ الأوّليّةِ منخفضةِ المستوى لإفراغِ ذخائرِ سفنِ حاملاتِ الطائراتِ الأمريكيّةِ الباهظةِ الثمن، ما يجعلُها عاجزةً عن التصدّي لهجومٍ ثانٍ أكثرَ تعقيدًا لعددٍ من مسيّراتٍ وصواريخِ اليمن".

وخلاصةُ تحليل "سينغ"، تدعو بحريّاتِ أمريكا وأستراليا والدولِ الغربيّةِ إلى تغييرِ تصنيعِ الأساطيلِ البحريّةِ بالكامل، وعدمِ الاعتمادِ على عددٍ قليلٍ من السفنِ الحربيّةِ الضخمةِ متعدّدةِ المهام، بل على عددٍ من المدمّراتِ والفرقاطاتِ والسفنِ الأصغرِ حسبَ المهامِّ لتوفيرِ مرونةٍ أعلى بتكلفةٍ أقلّ.

يُشارُ إلى أنّ اليمنَ استهدفَ في معركةِ إسنادِ غزّةَ 228 سفينةً تجاريّةً وحربيّةً معادية، وأطلقَ 1,300 صاروخٍ ومسيّرةٍ على الكيانِ، وأغلقَ ميناءَ "أمّ الرشراش"، وأغرقَ أربعَ سفنٍ انتهكتْ قرارَ الحظر، وأسقطَ ثلاثَ مقاتلاتٍ أمريكيّةٍ من نوعِ F-18، و26 مسيّرةً من نوعِ MQ-9: (22 منها في معركةِ "طوفانِ الأقصى"، وأربعٌ أثناءَ العدوانِ الأمريكي - السعودي).