السياسية : مجيب حفظ الله

ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تذرف الأمم المتحدة والمنظمات العاملة في المجال الإنساني دموع التماسيح على أطفال اليمن..

عشرات التقارير التي أصدرتها منظمات الأمم المتحدة وكذا المنظمات العاملة في المجال الإنساني كلها تؤكد بأن أطفال اليمن يعانون من سوء التغذية ومعرضون لأكبر كارثةٍ إنسانية من صنع البشر..

يدرك هؤلاء بأن ما يعانيه اليمن رجاله ونساءه وأطفاله وشيوخه هو بفعل هذا العدوان الذي يضرب على بلادنا أعظم حصار وحشيٍ ولا انساني في التاريخ الحديث لكن ألسنة الزور وأقلامه التي يكتبون بها هذا التقارير تتحاشى دوماً وضع أصبع الاتهام في عين مجرمي هذه الحرب وأمراءها..

تقول الصحفية “بيل ترو” بأن تقارير الأمم المتحدة إلى أن عدد الأطفال الذين يعانون من الجوع في أجزاء من اليمن هي الأعلى التي تم تسجيلها إلى الآن..

وبحسب الصحفية التي تعمل مراسلة للشرق الأوسط في صحيفة الـ”اندبندنت” البريطانية بأنه في بعض المناطق اليمنية يعاني واحد من كل خمسة أطفال دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد..

وتذهب الصحفية إلى أن الأرقام تبعث على الفاجعة وأنه يصعب على الانسان العادي أن يعيد نطقها كلما قرأها لأنها تبدو وكأنها أخطاء مطبعية من حجمها الكبير..

يا هؤلاء هذه الأرقام ليست فلكيةً وليست إدعاءً ولا اتهامات متبادلة.. تلك حصيلة ستة أعوامٍ من الحرب الملعونة على هذا الشعب العظيم الذي يدفع اليوم أطفاله قبل شيوخه ونساءه قبل رجاله ثمن عنجهية وإجرام قوى العدوان ومن يقف خلفهم..

يضيف التقرير الذي أعدته الصحفية البريطانية بأن دراسة حالة مدن الجنوب اليمني فقط أكدت وجود نصف مليون حالة من سوء التغذية لدى الأطفال وهو رقمٌ لا يمكن أن يكون منطقياً في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين..

تقول الصحفية البريطانية أنه وفقاً للدراسات التي أجرتها منظمات تابعةٌ للأمم المتحدة فإن من بين ذاك الرقم الكبير ما لا يقل عن 98 ألف طفل دون سن الخامسة معرضون لخطر الموت إذا لم يتلقوا علاجًا عاجلاً..

أليست جريمةً أن نتداول هذه الأرقام وكأنها مجرد احصائيات يمكن أن وردها في تقاريرنا وحسب..

ما يبعث على السوء ليس إجرام هذا العدوان فنحن نعرف مجرميه تمام المعرفة ونعرف أخلاقهم ولا إنسانيتهم..

ما يبعث على المرارة هو موقف هذه المنظمات الأممية والعاملة في المجال الإنساني التي تدعي أنها تكافح الفقر والمرض والجوع في كل بلدان العالم وحينما يتعلق الأمر ببلادنا فإنها تتحول لشريكً في هذه الجريمة وشاهد زورٍ عليها..

بحسب اليونيسيف ومنظمة الفاو وبرنامج الأغذية العالمي التي تتبع كلها الأمم المتحدة فإن تلك الأرقام المهولة بالنسبة لضحايا سوء التغذية من الأطفال تتعرض لزيادة مقدارها 10 في المائة كل عام وهو ما ينبئ بكارثة انسانية غير مسبوقة على الصعيد العالمي..

يا هؤلاء ألا تخجلون وانتم تتداولون هذه الأرقام وكأنها تحصيلٌ حاصلٌ أو ناتجٌ طبيعيٌ عن كارثةٍ طبيعية..

هذه الأرقام الكبيرة للأطفال ليست لضحايا الجوع ولا سوء التغذية كما تدعون أو تغالطون أنفسكم وتريدون أن تغالطوننا..

هؤلاء هم ضحايا هذا العدوان الهمجي المجرم القذر الذي لا يفرق بين طفلٍ وشيخ ورجلٍ وامرأة بل العكس تماماً هو الصحيح..

يستهدف العدوان النساء والأطفال والشيوخ بدرجة أكبر من استهدافه لرجال الرجال الذين يلقنونه كل يومٍ دروساً مؤلمة فلا يستطيع ردها عليهم فيعاقب عوضاً عن ذلك الأطفال والنساء والشيوخ..

الى متى يستمر الضمير الإنساني الجمعي في تخدير أبواقه التي لا تخجل حينما تساوي بين الضحية وقاتلها..

وإلى متى يستمر هؤلاء في الانسلاخ من إنسانيتهم فقط ليحابوا تحالف العدوان ومن يقف خلفهم من الأمريكان والصهاينة والغربيين..

سيكتب التاريخ بأن هذه المنظمات التي تتباكى على أطفالنا ونساءنا وضحايانا لم تكتفي بالبقاء شهود زورٍ على أكبر كارثة إنسانية من صنع البشر بل أصرت أن تكون شريكاً فيها.