الاعتراف السعودي بأمريكية العدوان تسليمٌ بالفشل أم استباقٌ للطلاق..ْ!
السياسية : نصر القريطي :
لم يساورنا الشك برهةً بأن واشنطن وعواصم الغرب هي اُس وأساس هذا العدوان على بلادنا..
منذ الساعات الأولى لهذه الحرب الملعونة ونحن مدركون تماماً بأن السعودية والإمارات ليستا أكثر من “قفازاتٍ متسخةٍ” استخدمها الأمريكان والغرب لتنفيذ جرائمهم في بلادنا والتي كان أهمها ضرب مكامن المقاومة المحتملة ضد التطبيع الذي نراه واقعاً حيَّاً اليوم في الكثير من البلدان العربية التي ركبت موجة التطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني..
أشعلت واشنطن وعواصم الغرب هذه الحرب علينا تحت يافطة تدخل التحالف العربي الذي ليس له من عروبته وإسلامه إلا الاسم والصفة أما أفعال هؤلاء في بلادنا فإنها تتنافى مع كل قيم الدين والعروبة وأبجديات القيم الإنسانية البسيطة..
لا تخفي الرياض وأبوظبي هذه الحقيقة فهما يدركان حجمهما الحقيقي ويقفان على حقيقة أنهما نظامين عاجزين لا قيمة لهما بدون دعم أسيادهم في واشنطن والعواصم الغربية..
أحدث اعترافات النظام السعودي بشأن الحرب العدوانية على بلادنا نقلته وكالة “سبوتنيك الروسية” عن السفير السعودي في الأردن المدعو “نايف بن بندر السديري” والتي قال فيها أن الحرب التي تشنها بلاده على اليمن هي حربٌ غربيةٌ بالأساس مشيراً الى أن واشنطن والعواصم الغربية هي من تديرها..
للوهلة الأولى قد يتبادر الى الأذهان أن تلك سقطةٌ فاتت سفير المملكة في عمّان فليس من مصلحة الرياض وأبوظبي إظهار أنهما ليستا أكثر من بوالين فارغة نفخ فيها الأمريكان والغرب لتنفيذ مخططاتهم الصهيونية في بلادنا عبر هذه الحرب الكونية التي يشارف عامها السادس على الانقضاء..
لكن الحقيقة أن تلك التصريحات مدروسةٌ ومرتبطة باستخبارات “محمد بن سلمان” بالدرجة الأولى وليست مجرد اعترافٍ بالفشل الذي يدرك هؤلاء تمام الإدراك أنهم يعيشونه في هذه الحرب الملعونة التي لم تحقق ايًّ من أهدافها الاستراتيجية التي رسمتها قوى العدوان السعو إماراتي وأسيادهم في واشنطن والعواصم الغربية.
لربما اعتبر هذا الاعتراف بأمريكية وصهيونية وغربية هذا العدوان قرينةً واضحةً على فشل ابن سلمان وابن زايد في اهدافهما من وراء اشعال النار في بلادنا لكن المغزى من هذا التصريح مرتبطٌ كما يبدو بنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي أخرجت حليف “ابن سلمان وابن زايد” من البيت الأبيض وادخلت اليه من بابه الواسع القادم الجديد “جو بايدن” الذي يصنَّف بالنسبة لهذين النظامين المجرمين بالعدو أو على الأقل غير الصديق..
كي لا نبدو في خانة المتحمسين للرئيس الأمريكي الجديد فإننا نؤمن بواحدية أهداف السياسات الأمريكية في المنطقة مهما تغيرت وجوه وخلفيات من يحكمون البيت الأبيض.. لكننا أيضاً نعرف أن لكل رئيس أمريكي طريقته وبرنامجه في ابتزاز الأسر الحاكمة في الخليج ولعل اسواءها على الإطلاق كانت “استراتيجية مجنون البيت الأبيض” دونالد ترامب والتي أخذت أعطت الضوء الأخضر لمجرمي الحرب السعوديين والإماراتيين للقيام بكل ما يريدونه مقابل المال بما في ذلك ارتكاب جرائم حربٍ غير مسبوقةٍ في بلادنا..
إذن الاستباق السعودي للتأكيد على ان هذا العدوان هو أمريكيٌ غربيٌ بالدرجة الأولى ليس بريئاً ولكنه يهدف لربط رجل الرئيس الأمريكي الجديد بهذه الحرب والتي أظهر برنامجه الانتخابي أنه غير متحمسٍ لها أو لنقل أنه سيستغلها بطريقةٍ مغايرةً عن طريقة سلفه “ترامب”..
بدلاً من ان يمنح “بايدن” المجرمين ابن سلمان وابن زايد الضوء الأخضر لارتكاب جرائم حربٍ في بلادنا بلا رقيبٍ أو حسيبٍ مقابل فتح خزينتهما النفطية على مصراعيها له كما فعل سلفه ترامب يبدو أن الرئيس الأمريكي الجديد سيبتز الرياض وأبوظبي من بابٍ آخر هو معاقبتهما على كل جرائم الحرب التي ارتكبوها في بلادنا وعلى الانفلات الذي منح لهما أمريكياً طيل ست سنواتٍ من هذا العدوان والنتيجة واحدة ستفتح الرياض وابوظبي خزينتيهما صاغرتين لعدوهما المحتمل “بايدن” كما فعلا مع حليفهما المفترض “ترامب” وربما أكثر..
استباق الرياض للاعتراف بأمريكية هذا العدوان يأتي منسجماً مع المخاوف السعودية من ان يتخلى الرئيس الأمريكي الجديد عن “تحالف الشر السعو إماراتي” في هذا الملف على أقل تقدير وهو ما كشف عنه الاستباق السعودي الذي جاء على لسان سفير المملكة في العاصمة الأردنية والذي أكد هذه المخاوف وأكد أكثر منها على أن السعودية والامارات غير قادرتين وليس لديهما الاستعداد لمواصلة هذه الحرب بدون أن تكون أمريكا هي من تدير هذه الحرب وتمنحهما الغطاء والدعم الكامل للاستمرار فيها.
في حوارٍ مطولٍ مع وكالة “سبوتنيك الروسية” شدد المدعو “نايف بن بندر السديري” سفير المملكة في الأردن على أن الغرب سيتدخل عسكريا في اليمن إذا انسحب التحالف من هذه الحرب..
الحديث عن إمكانية انسحاب التحالف الاجرامي الذي تقوده الرياض من بلادنا وفي هذا التوقيت هو اعترافٌ كاملٌ بفشل العدوان لكنه في الحقيقة وبالنسبة لابن سلمان وابن زايد ثمنٌ أقل فداحةً من ترك واشنطن للرياض وابوظبي يواجهان اليمنيين لوحدهما في هذه الحرب دون دعمٍ أمريكيٍ ولو حتى لأسابيع..
يبدو هذا الاعتراف ايضاً مغازلةً سعوديةً للرئيس الأمريكي الجديد بأننا مستعدون لتغيير اليافطة التي كانت عنوان الشراكة بيننا وبين “سلفك ترامب” فبدلاً من ان تكون “حرباً على اليمن يشنها التحالف العربي لاستعادة الشرعية المزعومة” فلا بأس بأن تكون في عهدك “حرباً أمريكيةً غربيةً ضد الإرهاب” فيما تظل الرياض وابوظبي منطلقها ومخزن تمويلها والمتكفلة بكل تكاليفها بما في ذلك إرضاء بايدن نفسه كما فعلت مع سلفه ترامب حينما فتحت له خزائنها النفطية حين زار الرياض وأبوظبي في أول ولايته..
في هذا السياق يبرر سفير الرياض في العاصمة الاردنية اعترافاته بأن القوى الغربية قد تضطر للتدخل بشكل مباشر في بلادنا لمحاربة من سمّاها بـ”الجماعات الإرهابية وإيقاف العدوان الإيراني”..
لكن الحقائق التي تكشفت طيلة سنوات الحرب الست والتي لا تزال مستمرة تؤكد بأن ما مارسته السعوديون والاماراتيون في بلادنا هو إرهاب دولةٍ منظم برعايةٍ وشراكةٍ أمريكية غربية كاملة..
هذه إذن هي “الاستراتيجية الجديدة” التي يعتقد “بن سلمان” انه سيغري بها “جو بايد” بإتاحة الفرصة له ليكون بطلاً عالمياً يستهدف الإرهاب ويقضي عليه على الرغم من العالم كله بات مدركاً بأن هؤلاء هم منبع التطرف والفقّاسة النشطة للإرهابيين وما بلادنا إلا ساحة من الساحات التي وجدوا فيها ضالتهم لتنفيذ مخططاتهم المجرمة..
ينهي السفير السعودي حواره بتصريحٍ يفتقر الى الحياء الإنساني والسياسي فيقول بأن بلاده شاركت في هذه الحرب للدفاع عن أراضيها بعد تعرضها لعمليات إرهابية عبر طائرات دون طيار وصواريخ باليستية استهدفت المملكة..
لا يخجل هذا البوق الرخيص حينما لا يغالط أحداً غير نفسه وأسياده فعمليات الردع اليمني على اجرام تحالف العدوان لم تبدأ فعلياً إلا بعد أشهرٍ من هذه الحرب القذرة وكان ذاك أملاً من اليمنيين بأن يرعوي هذا العدوان وداعموه عن اجرامهم في بلادنا علّهم يراجعون حساباتهم لكن ذاك ما لم يحصل على الإطلاق.. ولا يبدو أن ابن سلمان وابن زايد في طريقهم لفعل ذلك حتى بعد تعاظم مخاوفهم من أن يتخلى عنهم “بايدن” ويتركهم وحيدين ليواجهوا مصيرهم في اليمن..!