التطبيع ووعي الشارع
أحمد يحيى الديلمي
في ظل الهرولة نحو التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني من قبل الكثير من الدول العربية تبادرت الى ذهني واقعة حدثت عام 1984م كنا مع الرئيس المرحوم ياسر عرفات في معسكر القوات الفلسطينية جنوب صنعاء مديرية بلاد الروس الذي استوطنته هذه القوات عام 1982م عقب الاجتياح الكاسح للبنان من قبل القوات الصهيونية بعد ان اجترح الفلسطينيون واللبنانيون بطولات اسطورية كادت تمرغ وجه العدو الصهيوني في وحل الهزيمة وتجبره على الانسحاب من لبنان قسرا .
في تلك اللحظة تداعت الدول الكبرى وسعت امريكا الى تحقيق ولو هدف واحد من الاهداف التي اعلن عنها الصهاينة في بداية اجتياح للبنان فتم توجيه مجلس الامن الى اصدار قرار قضى بتوزيع الفلسطينين على بعض الدول العربية التي قبلت بذلك ومنها اليمن بشطريه اثناء مرافقتنا للرئيس عرفات الى المعسكر حضر وفد فلسطيني افراده يحملون الجنسية الامريكية ومن ضمن الوفد شابة تعمل في احدى القنوات التلفزيونية الامريكية على الفور طرحت على الرئيس عرفات عدة اسئلة تمحورت حول سبب غياب فلسطين في الاعلام الغربي بشكل عام اجاب المرحوم للاسف هذه هي مشكلتنا الاساسية مع الاعلام بما ذلك الاعلام العربي والاسلامي الكل يستقي معلوماته من غرفة عمليات خاصة يشرف عليها اللوبي الصهيوني ومن خلالها يتم السيطرة على العقول ويجعلها مرتعا خصبا لتصديق اخبار الافك والضلال وهي التي نخشى ان تمهد لاقناع المواطن العربي بفكرة التطبيع مع كيان العدو الصهيوني لان منهجية الخطاب المعززة بارادة امريكية اوروبية بدأت تنفذ الى عقول الحكام بالذات الاشقاء في الخليج .
وهنا تكمن الخطورة على قضية شعبنا ،لكنا في الاساس نراهن على الانسان العربي ووعية الكبير الصادق القادرة على تفنيد كل حملات الزيف والضلال التي يسوقها الاعداء مهما تعاضمت وانفقت من اجلها الاموال الكبيرة .
وقر هذا الكلام في اذني وانا اتابع حالة الدفء غير المسبوقة في العلاقات بين دول الخليج والكيان الصهيوني وما يرافق الخطوات من تصريحات اعلامية واجراءات عملية للتطبيع اكدت بالفعل ماذهب اليه المرحوم عرفات قبل ثلاثة عقود من الزمن انها كارثة فعلا بعد ان سقط برقع الحياء واصبح كل شيء يتم على المكشوف في ظل حسابات مريضة لبعض الدول تركز فقط على المصالح الضيقة وفي هذا دليل واضح على النزعة الغريزية لدى هذه الدول وعلى راسها السعودية والامارات والبحرين للقبول بالكيان الصهيوني كاخ وشقيق بدلا من الدول العربية ما اقذرها من حسابات واشدها مرارة على كل عربي ابي يؤمن بالعروبة ولدية النزعة القومية بكل ابعادها التي تحرص على كيان الامة .
ما يجري اليوم على ارض الواقع يكشف عن مدى الهزائم النفسية التي سحقت عقول بعض الحكام وجعلتهم يخرجون سيناريوهات التأمر الى العلن بدون خجل حتى من الخالق سبحانه وتعالى وامام هذه الهرولة نعود الى ماقاله عرفات فنحن نعول على وعي الجماهير العربية وقدرتها على التمييز بين الغث والسمين ولاشك انها ستكسر حاجز الاستسلام المريع وتنحاز الى خيار الصمود لتقف في وجه كل المؤامرات وتفضح حالات التخاذل التي باتت مكشوفة ولم يعد يكتنفها الغموض وليس ذلك على الله ببعيد .
والله من وراء القصد ،،،