هكذا تتحول "إسرائيل" إلى كيانٍ منبوذ
السياسية - وكالات :
وصف رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز "ديان" في جامعة "تل أبيب" ميخائيل ميلشتاين في مقال نُشر في صحيفة "يديعوت أحرونوت" "الإسرائيلية" استجابة الكيان الصهيوني للتحديات المتزايدة من النظام الدولي بإيذاء ذاتي بحالات الانتحار الكلاسيكية.
وأشار إلى أنَّه في أعقاب الاجتماع المتوقع في 17 حزيران/يونيو في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي تنظمه فرنسا والسعودية، حيث من المقرر أن يتم الاعتراف الدولي الواسع بدولة فلسطينية، وتحذير "إسرائيل" من اتخاذ إجراءات أحادية الجانب، على رأسها ضم أراضٍ في الضفة الغربية المحتلة. واعتبر أنَّه بخلاف زيادة العزلة الدولية (التي هي عميقة أصلًا) وزعزعة العلاقات مع العالم العربي، بما في ذلك محو إمكانية التطبيع مع السعودية، يعزز "عصا الضم" احتمال تنفيذ سيناريو "الدولة الواحدة" – وهو أكبر تهديد حاليًا للرؤية الصهيونية.
وأوضح أنَّ التركيز "الإسرائيلي" على الحرب في غزة والصراعات الحادة الداخلية يصعب معه التعرّف على حركة تكتونية سلبية تحدث في النظام الدولي ومن المتوقع أن تضرب "إسرائيل" كتسونامي أصبح قريب. ولفت إلى أنَّ صديقاتها الكبيرات، وعلى رأسهن ألمانيا وإيطاليا وهولندا، يجدن صعوبة في الدفاع عن خطواتها، وخاصة الحرب في غزة – التي لا يفهم أحد هدفها الاستراتيجي، خصوصًا مع التصريحات التي تحمل روح الإبادة والاحتلال والتدمير من بعض وزراء الحكومة.
وأضاف: "هذا يخلق صورة لدولة متطرفة وغير متزنة لا تأخذ الاعتبارات الدولية في الحسبان وتتوق لتحقيق رؤية مسيحانية متمسكة بشعار "ولا يهتمون بالأمم". ونتيجة لذلك، يتسع النقاش العالمي حول مقاطعة "إسرائيل" وتقليص العلاقات معها، ويزداد خطر تحولها إلى دولة معزولة".
وأشار إلى أنَّهم لا يفهمون في الكيان الصهيوني أن ما جرى في 7 تشرين الأول/أكتوبر يضعف تدريجيًا في العالم، وأن هناك صعوبة في رؤية مبرر للخطوات الحالية في القطاع، التي تصاحب مشاهد معظم "الجمهور الإسرائيلي" غير مطّلع عليها، لكنها تمثل في نظر العالم صورة حقيقية للصراع الحالي.
وتابع: "في الخلفية، يستمر التمسك بالمفهوم الجديد بأن أميركا معنا في كل سيناريو، وهو ما تم دحضه عندما فاجأ ترامب العالم بالحوار مع إيران، والاتفاق مع "الحوثيين" (حركة أنصار الله اليمنية)، والمحادثات مع حماس. بالإضافة إلى التمسك اليائس بـ"رؤية ريفييرا غزة"، حيث ظلت "إسرائيل" "الدولة" الوحيدة في العالم المتمسكة بأوهام أن دولًا ستفتح أبوابها لغزة – وهو ما يسبب ضررًا أيضًا في النظام الدولي".
وأضاف: "حتى إذا تم التقدم قريبًا بتسوية في غزة، تبقى أمام "إسرائيل" التحديات المتزايدة من "يهودا والسامرة" (الضفة الغربية)، المتمثلة في الاعتراف الدولي المتزايد بدولة فلسطينية. هذا يوضح مرة أخرى أن عقل صانعي القرار في "إسرائيل" لا يزال يحوي مكونًا مركزيًا في المفهوم الذي انهار في 7 تشرين الأول/أكتوبر: الافتراض بأنه يمكن الحفاظ على استقرار استراتيجي ودفع التطبيع مع العالم العربي دون نقاش، ناهيك عن قرارات، في القضية الفلسطينية. وبما أن تركيبة صانعي القرار لم تتغير ولم يتم إجراء تحقيق شامل حول فشل 7 تشرين الأول/أكتوبر، فلا عجب أن هذا المفهوم، مثل غيره، بقي مستمرًا ويتسبب بأضرار".
واعتبر أنَّ هناك سيناريو أسوأ من بقاء حماس في تشكيلتها الحالية في غزة (حتى الآن على الأقل)، وهو الانجرار إلى حرب لا تستند إلى توافق داخلي أو شرعية خارجية، بينما تركز "إسرائيل" على الحرب في غزة دون توضيح العواقب الاستراتيجية للجمهور، يتلاشى حلم التطبيع، ولا توجد قدرة على توجيه الجهود وجمع الدعم الدولي لمواجهة "مجمع أوشفيتز" الذي تطوره طهران بنشاط من خلال برنامجها النووي. ولفت إلى أنَّه قد تحتل "إسرائيل" غزة، لكنها ستجد نفسها أمام ترسانة نووية تشكل تهديدًا وجوديًا طويل الأمد – وهذا هو ما كان يجب أن تركز عليه.
ورأى أنَّ "المجتمع الإسرائيلي" بحاجة إلى توقف عملي في هذه المرحلة، أي عكس حرب أبدية لمعالجة المجتمع من صدمة 7 تشرين الأول/أكتوبر، والتوجه إلى الشفاء الداخلي – خصوصًا عبر استعادة الأسرى – ومعالجة المشاكل الأساسية الحادة التي ظهرت خلال الحرب (مثل العلاقات بين "الحريديم" والعرب و"الدولة")، وإعادة بناء مكانتهم في العالم، وبالطبع صياغة استراتيجية طويلة الأمد وعميقة بشأن غزة، التي لا توجد حاليًا، ومن المحتمل أن تتطلب مستقبلًا حملة واسعة وسيطرة – وهو سيناريو تنفيذه في الظروف الحالية سيكون كارثيًا. بالإضافة إلى ذلك، التحقيق ضروري، وهو مشروع مهم يتلاشى مع مرور الوقت منذ اندلاع الحرب، وبدونه ستبقى عيوب خطيرة على الأرجح ستعود وتنفجر بقوة أكبر من قبل".