السياسية || صلاح المقداد*

يصر مرتزقة اليمن المنظويين تحت مظلة العدوان في الداخل والخارج إصراراً عجيبًا ووقحًا على المزيد من التلويث لآياديهم الآثمة وسمعتهم السيئة التي وصلت إلى تحت الحضيض، ولا ينفكون عن التشبث الغبي بمواقفهم الخيانية لهذا الوطن والشعب، ولا يخجلون من ممارسة مهامهم الوظيفية كحكومة منفى من ردهات الفنادق بالخارج، والتمترس خلف خيارات ومواقف غير مشرفة، ولا يكفون عن التشدق بأنهم "شرعية" ويظلون يزعمون أنهم الممثل الشرعي والوحيد لليمن والشعب اليمني، كما أنهم لا يعون أنهم سقطوا من كل عين وصاروا اليوم يشكلون عبئًا ثقيلاً على أسيادهم في الخارج الذين ارتموا في أحضانهم، وعن قريب سوف يتخلصون منهم واحداً تلو الآخر ويتبرأون منهم كالعيوب ولا يأسون على أمثالهم .

بل إن الخارج الذي تبنى أولئك المرتزقة والعملاء، صار ينظر إليهم بإعتبارهم حفنة من المُتسلقين والوصوليين الإنتهازيين واللصوص الذين لا يهمهم إلا ملئ الكروش والجيوب والخزائن والأرصدة والحسابات البنكية بالأموال التي نهبوها بإسم الوطن والشعب، لا سيما وقد فاحت في الآونة الأخيرة نتانة فسادهم وسرقاتهم التي كُشفت وظهرت للعلن تباعًا، وأكدت أنهم مجرد حرامية من الطراز الكبير وأكلة نهمين تجمعوا على موائد السحت التي شبعوا منها وملئوا بطونهم بالحرام وهم لا يرعوون ولا عن ذلك ولا هم يحزنون .

وقد أثبت مُرتزقة اليمن على مدى العشر السنوات المنصرمة وحتى الآن، أنهم أرخص من باعوا أنفسهم ووطنهم وشعبهم في سوق النخاسة الإقليمية والدولية بثمنٍ بخس، وأثبتوا في الوقت نفسه أنهم لا يملكون مشروعًا وطنياً جامعًا ، وليس لديهم ما يقدمونه أو يعطونه لهذا الوطن غير المزيد من الخيانة والإرتهان للخارج وبيع الوهم لهذا الشعب الذي عانى بسببهم الكثير ولم يعد يصدقهم ويهتم كثيرا بما يصدر عنهم من ترهات خاصة بعد أن تبين له أنهم طائفة من المرتزقة واللصوص الذين يثرون من خيره ويتاجرون بقضيته في كل محفل وسوق منصوب، بل ويُروجون لأنفسهم كبضاعة كاسدة وسلعة رخيصة يعف الجميع عن شرائها وإقتنائها .

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا يصرخ قائلاً : أي شرعية لمرتزقة باعوا وطنهم وشعبهم بثمنٍ بخس، وأي معنى لأناسٍ يسمون أنفسهم "حكومة شرعية" وهم مرتهنون للخارج ويصرفون شؤون البلاد والعباد من محل إقامتهم في فنادق الرياض والقاهرة ؟ .

ولا غضاضة من التأكيد، إن هؤلاء المرتزقة يمثلون ما يمكن تسميته اصطلاحًا بـ "الحالة الطارئة على التاريخ والسلطة والمال" ، ولا يمكن الإعتماد والركون إليهم في بناء وطن دمره العدوان، وليس لديهم رؤية واضحة أو برنامج معين يمكن أن يُعتمد عليه ويُؤسس لمشروع وطني يجمع كل اليمنيين، لأنهم أساسًا مجرد دُمى بيد الغير وأدوات طيعة لدول تحالف العدوان وعلى رأسها السعودية والإمارات التي تبنتهم وتقدم لهم الدعم وتستبيح كرامة الشعب اليمني وتنهب ثرواته وخيراته من خلال هؤلاء المرتزقة العملاء .

وعلى مدى عشر سنوات خلت منذ اعلان السعودية دعمها لهؤلاء المرتزقة التي أطلقت عليهم اسم "حكومة الشرعية" لم يعملوا شيئًا يُحمدوا عليه من أجل اليمن واليمنيين، بل انشغلوا بتكوين الثروات والإثراء غير المشروع عبر نهب المساعدات التي يحصلون عليها بإسم اليمن ومن عائدات مبيعات النفط والموارد الأخرى، كما انشغلوا بشراء الشقق والفلل الفاخرة لهم ولعائلاتهم وأبنائهم في أكثر عاصمة ودولة عربية من بينها القاهرة وعمان، وتجدهم طوال العام في سفريات ويتنقلون من دولة إلى أخرى في زيارات رسمية تمثل اليمن وتُخسره ملايين الدولارات كبدل سفر ونفقات لهؤلاء المتجولين، حتى أصبحوا يشكلون عالة على الوطن وعالة على داعميهم الذين بدأوا يضيقون بهم ذرعًا ويتململون منهم ومن تصرفاتهم اللا مسؤولة وفضائح فسادهم، إلى درجة صاروا يشكلون عبئًا ثقيلاً على السعودية والأمارات ، وقد أدركت الأولى أن أولئك المرتزقة لا يجدون نفعًا وتفكر في التخلص منهم قريبًا بعد أن حُرق كرتهم وانتهى رصيدهم، وهذا ما أكدته مفاوضاتها المباشرة مع حكومة صنعاء برعاية عمانية واستبعاد ما يسمى بحكومة الشرعية منها، والتوصل لإتفاق نهائي لحل الأزمة اليمنية بين الرياض وصنعاء سيكون مُلزمًا لكل الأطراف .

وسيُرغم من يسمون أنفسهم شرعية وهم بلا شرعية أصلاً على الإنصياع لما قرره أسيادهم والدخول ضمن خطة التسوية واتفاقية الحل النهائي للأزمة اليمنية، لأن وقوفهم ضدها أو رفضها يعني لهم قبل غيرهم انتحاراً سياسيًا ونهاية مأساوية.

*المقال يعبر عن رأي الكاتب