السياسية || محمد محسن الجوهري*

تنفق "إسرائيل" نحو 150 مليون دولار سنويًا على المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف تحسين صورتها وتشويه خصومها مثل حماس وإيران، وشيطنتهم أمام الرأي العام العربي والعالمي. ومن بين المشاريع الإعلامية الموجهة للعرب، تبرز منظمة "شراكة" التي تعمل على استقطاب المؤثرين العرب وتوجيه محتواهم بما يخدم آلة الدعاية الصهيونية.

مؤخرًا، نشر حساب (BreakThrough News) الأمريكي، المتخصص في الصحافة البديلة وقضايا العدالة الاجتماعية، تقريرًا على منصة يوتيوب بعنوان:
"Israel is Paying Influencers to Spread Its Propaganda" (بالعربية: إسرائيل تدفع للمؤثرين لنشر دعايتها)، يتناول التقرير كيف يُدير الكيان الصهيوني المؤثرين على مواقع التواصل، في عملية يشرف عليها رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ويهدف هذا المشروع إلى نشر الروايات السياسية المؤيدة للكيان، خصوصًا في ظل العدوان المستمر ضد الفلسطينيين، وكيفية استغلال هؤلاء المؤثرين للتأثير على الرأي العام الأمريكي والدولي بما يخدم السياسات الإسرائيلية.

وتضمن التقرير أسماء عدد من المنظمات الإسرائيلية التي تعمل على توظيف المؤثرين وتجنيدهم، كما تُعِدّ لهم تدريبات عن بُعد على برامج وأساليب دعائية مضللة. من بين هذه المنظمات:
"يالا إسرائيل"، المتخصصة في استقطاب المؤثرين البارزين، وتمويل رحلاتهم حول العالم بهدف جذب عدد كبير من المتابعين، تمهيدًا لتحويلهم إلى جنود في "الفيلق الإعلامي الإسرائيلي".

وهناك أيضًا نحو 100 منظمة تهدف إلى الاستقطاب، مثل منظمة BZ Media المتخصصة في استهداف المؤثرين المسيحيين في العالم الغربي، وتحديدًا الأصوات المتدينة والمقربة من دوائر صنع القرار. وتُستخدم هذه الشبكة لتنظيم رحلات "مقدسة" إلى فلسطين المحتلة، للترويج لفكرة أنها "أرض الميعاد" لليهود، وأن أعداء اليهود يجب إزالتهم منها بمختلف الوسائل، بما في ذلك العنف.

من بين تلك المنظمات، تبرز منظمة تُدعى "شراكة"، وهي مخصصة لاستقطاب المؤثرين العرب وتدريبهم على إنتاج محتوى يستقطب المتابعين، خاصة في الدول العربية الفقيرة. تقوم هذه المنظمة بتمويل بعض المؤثرين، بل وتُسهم في "صناعتهم" من الصفر، لتقديم محتوى جذّاب للجمهور قبل أن يُعاد توجيهه، كما هو معتاد، لخدمة التوجهات الصهيونية وشيطنة أعداء "إسرائيل".

تتخذ المنظمة من الشارقة في الإمارات مقرًا لها، ويعمل فيها طاقم ناطق بالعربية، بعضهم من الخليج مثل البحرينية "فاطمة الحربي"، وبعضهم من عرب "إسرائيل". ومن بين الأسماء التي تروّج لها المنظمة في الأدبيات العربية: نصير ياسين.

تستضيف المنظمة مئات المؤثرين العرب سنويًا في الإمارات، وتُدربهم على إدارة وإنتاج محتوى مناهض لأعداء "إسرائيل". وقد شمل هذا التدريب يمنيين يعملون في وسائل إعلام موالية للكيان الصهيوني في مصر، ومن أبرزهم الصحفي اليمني سياف الغرباني، وأمين الوائلي، إلى جانب آخرين محسوبين على مرتزقة الإمارات في اليمن.

ولا تُخفي المنظمة علاقتها بهيئات يمنية تعمل لصالحها، مثل منظمة شركاء اليمن الناشطة في المحافظات الجنوبية، والتي تروّج للتطبيع تحت مسمى "السلام" و"القبول بالآخر". كما لا يخفي المنتمون لأنشطتها عداءهم لكل من يعادي "إسرائيل"، خصوصًا حماس وإيران، وهي نقطة أساسية تركّز عليها منظمة "شراكة" في معظم فعالياتها.

وقد بلغ الأمر أن تتكفل المنظمة برحلة مدفوعة التكاليف إلى فلسطين المحتلة لأي ناشط يُقدّم أكثر من مائة منشور أو عمل مناهض لطهران وحماس على مواقع التواصل الاجتماعي. ومن هنا يتسابق بعض اليمنيين على الإساءة للطرفين، طمعًا في المال والشهرة، ولو كانت ملوثة بعار الخيانة والارتزاق.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب