الخيانة بزمن الأزمات: بيع هُوية وولاء للأعداء
الدكتور شعفل علي عمير*
في هذه اللحظةِ الدقيقةِ من تاريخ العالم الإسلامي، حَيثُ تواجه الأُمَّــة أزمات متتابعة، تظهر معالم الخيانة بشكل واضح متخفية خلف الطموحات الفردية والانصياع لأجندات خارجية. أُولئك الذين يزعمون العمل؛ مِن أجلِ مستقبل أفضل لوطنهم لا يتردّدون في التفريط بضمائرهم مقابل وعود زائفة، متجاهلين المصلحة الوطنية والقيم التي يجب احترامها. هذه الخيانة ليست مُجَـرّد أفعال فردية، بل هي نتيجة ظروف معقدة وأزمات عميقة تتخبط فيها الأُمَّــة الإسلامية.
تتجلى الخيانة المخزية في شخص نجل شاه إيران السابق، الذي لم يكن له خيار سوى ترويج أفكار خبيثة تهدف لتحويل التهديدات الصهيونية إلى أدَاة بيد من يسعى لتقويض استقرار إيران. إنه كمن يستغل معاناة أمته لأجل مصالحه الشخصية، فيصبح جزءًا من المتآمرين في محاولة بائسة لاستعادة مجد زائل أَو الانتقام من تاريخ حكم عليه بالزوال.
وعلى الجانب الآخر نرى مرتزِقة اليمن الذين اختاروا فنادق الرياض وأبو ظبي ملاذًا لهم، لنسج خيوط خيانتهم لوطنهم. هؤلاء فضّلوا الضياع على الإدراك فضلوا الضلال على الهدى، مُستغلين الضغوط الدولية والضربات المُوجهة لبلدهم لتحقيق أهدافهم الهَدَّامة. قضيتهم لم تعد صراعًا داخليًّا فحسب؛ بل تحولت إلى محاولة يائسة لخدمة أجندات إقليمية وعالمية تهدف لتفتيت اليمن، وجعله ساحة نزاع لا تنتهي، وهو وضع لا يناسب سوى تلك القوى الراغبة في استمرار الفوضى. هؤلاء المرتزِقة يمثلون صورة قاتمة من الخيانة، حَيثُ يغلبون مصالحهم الشخصية على مصالح شعبهم وانتمائهم الوطني.
تجسد الحالتان من الخيانة تفريطًا بالوطن وولاءً للمبادئ والقيم التي حث عليها ديننا الإسلامي وقيمنا العربية. إنها معركة تتجاوز الحدود الجغرافية والسياسية، فهي صراع بين الحق والباطل، بين من يسعون لحماية الدين والأمة ومن يتخلون عن ولائهم لدينهم وأمتهم؛ مِن أجلِ تحقيق مصالحهم الشخصية. هذه النماذج تعكس أزمة هُوية واضحة في العالم الإسلامي، حَيثُ يواجه الأفراد صراعات داخلية تدفعهم للوقوف أمام خيارين لا ثالث لهما إما أن يكون ولاؤهم لدينهم ووطنهم أَو يكون ولاؤهم لأعداء الدين والوطن أمريكا و(إسرائيل) والانقياد للإغراءات الخارجية.
لذا، يتعين على المجتمعات الإسلامية أن تتحد، وتكون واعية ومدركة لما يدور حولها. فوعي الجماهير هو الدرع الأخير لحماية الأُمَّــة من الانزلاق نحو فوضى الفتن. الشعوب التي تتشبث بقيمها الثقافية والدينية هي القادرة على مواجهة هذه التحديات وكشف المخطّطات الخارجية.
هنا، يلعب الإعلام الوطني والتوجيه الديني الصحيح دورًا رئيسيًّا في تعزيز الانتماء للوطن والدفاع عن الدين الإسلامي ضد أي تهديد. يجب بذل جهود مشتركة لترسيخ الوعي العام وتوجيه الشباب نحو القيم الحقيقية التي تسهم في بناء أُمَّـة قوية ومتماسكة.
لقد كانت خيانة الوطن والدين ظاهرة مقيتة عبر التاريخ، ولكن تفاقمها في العصر الحديث يعكس التأثير السلبي للتدخلات الخارجية وطموحات الأفراد الذين لا يتردّدون في التفريط بوطنهم؛ مِن أجلِ مكاسب زائفة.
ومع ذلك، يبقى الأمل معقودًا على الإيمان العميق بضرورة التضامن والترابط بين القوى الوطنية لحماية الوطن والدين من أي تهديد. فلا انتصار للحق على الباطل إلا من خلال وحدة وتكاتف قوى الحق لمواجهة التحديات بوعي عميق وعزيمة قوية.
إن مستقبل الأُمَّــة مرتبط بقدرتها على تجاوز هذه الأزمات، والعودة إلى قيمها الدينية الأصيلة التي تشكل أَسَاس وجودها.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب
* المسيرة نت