السياسية - تقــــــرير :

أثبتت القبيلة اليمنية، عبر التاريخ القديم والحديث، حضورها الفاعل والراسخ، وقدرتها على اجتياز أقسى المحن وأعتى التحديات، وفي صدارتها العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي الصهيوني، الذي استهدف اليمن أرضًا وإنسانًا.

لقد كان موقف القبائل إلى جانب الدولة والقيادة الثورية، نقطة تحول في مسار المواجهة الوطنية، وعامل حاسم في تعزيز تماسك الجبهة الداخلية والتصدي لمحاولات تمزيق النسيج المجتمعي وإضعاف الدور اليمني المحوري، عبر إثارة الصراعات الداخلية وإغراق البلاد في أتون الفوضى بهدف نهب الثروات والمقدرات.

وعلى مدى العصور، كان للقبيلة اليمنية دور مركزي في حماية الهوية الوطنية، ورسم مسار التحالفات في الاتجاه الذي يخدم مصلحة البلاد، مستندة في ذلك إلى منظومة من الثوابت الدينية والقيم الأصيلة والأعراف المتجذرة التي انتقلت من جيل إلى جيل، رغم محاولات الاستعمار تفتيت اليمن وتغيير ملامحه وتسمياته وهويته.

شكلت القبيلة، بوصفها نواة اجتماعية وسياسية، ركيزة أساسية في صون المنظومة الأخلاقية ومعالجة النزاعات الداخلية ومواجهة المشاريع الاستعمارية، بما في ذلك التدخلات الخارجية الرامية إلى إشعال الفتن بين أبناء الوطن الواحد.

وحين تمر البلاد بأي هزة سياسية أو أمنية أو عسكرية، تكون القبيلة في طليعة الصفوف، حاملة مسؤولية التماسك الاجتماعي وحامية لمؤسسات الدولة، ومبادرة لتأمين المجتمع من الانزلاق نحو الفوضى، استلهامًا لتاريخها المشرف الممتد من الفتوحات الإسلامية إلى حاضر اليمن الصامد.

ويُعد انسجام القبيلة مع مؤسسات الدولة ومواقفها الرسمية من أبرز ما حال دون انهيار السلم الأهلي، وسط محاولات متكررة من قبل الأعداء في إذكاء النعرات والانقسامات، خدمة لمشاريع قوى الهيمنة العالمية، وعلى رأسها "أمريكا والكيان الصهيوني".

وفي لحظة فارقة من تاريخ اليمن، حين شن التحالف الأمريكي السعودي الإماراتي عدوانه على البلاد في 26 مارس 2015م، تحولت القبيلة إلى درع واق وسندٍ حاسم، تدفق رجالها إلى الجبهات، وسيرت القوافل، وتصدرت ميادين العطاء والتضحية، فكانت الحاضنة الشعبية لمشروع التحرر، والداعم الأول لأبطال القوات المسلحة.

لم تقتصر مواقف القبيلة على رفد الجبهات فحسب، بل امتدت إلى رعاية الجرحى، وكفالة أسر الشهداء، ومتابعة ملفات الأسرى والمفقودين، وعقد صفقات تبادل ناجحة، ترجمت عُمق الوفاء والولاء للوطن.

وتعزّز الحضور القَبلي بعد انتصار ثورة 21 سبتمبر، حيث تبلورت أدوار القبيلة في مساندة الدولة وتثبيت دعائم الأمن، رغم ظروف معقدة من التدخلات الأجنبية والاحتقان الداخلي، لكن القبائل أثبتت أنها صمام أمان الوطن، تحرس التماسك الاجتماعي، وتبطل رهانات التفكيك، وتسد ثغرات الاختراق، فكانت وما تزال في قلب معركة التحرر والسيادة.

وكان أبرز مظاهر هذا الثبات، توقيع "وثيقة الشرف القبلي" في 2015م، التي عبرت عن ميثاق جامع لكافة قبائل اليمن في رفض العدوان، ومؤازرة الجبهات، والتمسك بقيم الإسلام وأعراف الأجداد، وتجريم الخيانة والتعامل مع العدو، واعتبار من يعين العدوان أو يتستر عليه عائبًا خائبا.

اليوم، تتجه الأنظار إلى استمرار الدور الحيوي، من خلال التلاحم بين القبيلة والقيادة الوطنية، والعبور باليمن من مرحلة الصراعات إلى بناء دولة ذات سيادة، ومجتمع متعاف من التدخلات الخارجية وقضايا الثارات، وخوض معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدس"، وفاءًا لدماء الشهداء ونصرة لغزة وفلسطين المحتلة.

سبأ