السياســـية: تقرير || صادق سريع*


يستميت الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في صنع انتصار وهمي لـ"إسرائيل" فشلت فيه تحقيقه بالعدوان العسكري الصهيو - أمريكي الدموي الأفظع بالتاريخ، بحرب إبادة جماعية نازية وانتهاج سياسة تجويع وتهجير فاشية بحق شعب غزة في 726 يوماً.

وبعد عجز جيش "إسرائيل" في تحقيق النصر المطلق على غزة، استغاث رئيس وزرائها المجرم، بينامين نتنياهو، بحليفه الصهيوني ترامب لإخراجه من وحل القطاع بخطة "سايكس - بيكو" جديدة تحمل شعار السلام الزائف، بمباركة عرب ومسلمي التطبيع.

مختصر الخطة، التي عُرضت على فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة يوم الاثنين 30 سبتمبر الفائت للرد عليها خلال 72 ساعة، ما لم تنتظر وعيد جحيم الحرب الذي توعد به ترامب، في الآتي:

- وقف عدوان غزة وإعادة الأسرى خلال 72 ساعة.

- إدخال المساعدات الإنسانية وانسحاب جيش "إسرائيل" تدريجياً.

- تشكيل إدارة دولية لغزة برئاسة ترامب وتوني بلير، دون حماس والسلطة الفلسطينية.

- تفكيك المقاومة الفلسطينية ونزع سلاحها وإخراجها من المشهد بتعاون أنظمة عربية.

موقع "السياسية" تناول الخطة الترامبية المثيرة للجدل عربياً ودولياً من وجهة نظر خبراء السياسة، حيث اعتبرها الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي، في حديثه لوكالة "شهاب" للأنباء، أنها "خطة استسلام وتخلٍ عن هدف الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة".

ووصفها النائب الأردني السابق - نائب رئيس البرلمان العربي الأسبق، خليل عطية، بالخطة الظالمة، فيما رأى أستاذ العلوم السياسية والدولية أمجد بشكار أنها "سايكس - بيكو جديدة" و"صفقة قرن جديدة"، وليست خطة سلام بل استسلام وتخلٍ عن حقوق فلسطين والفلسطينيين.

وحذّر أستاذ القانون الدولي العام، الدكتور محمد مهران، من خطورتها كمشروع استعماري يكرٍِس الظلم ويُشرعن الجرائم "الإسرائيلية" ضد أبناء الشعب الفلسطيني.

وأكد المحلل العسكري السوري فايز الأسمر أنها خطة استعمارية غير قانونية بثوب جديد من دول تفرض الحكم على غزة، بينما رأى السياسي وسام عفيفة أنها ملزمة لحماس وفصائل المقاومة والشعب الفلسطيني بدفع الفاتورة مقدّماً، بينما تُعفي الاحتلال من أي ثمن أو استحقاق.

واعتبر القانوني الليبي الدكتور راقي المسماري أنها التفاف لإنهاء عدوان غزة وفقاً لأهداف "إسرائيل"، وإرضاء لنزعات سموتريتش ونتنياهو.

ورفض النائب البريطاني جيرمي كوربين رهن مستقبل غزة للقرارات الخارجية، مؤكداً أنه ليس من شأن بلير أو ترامب أو نتنياهو تقرير مستقبل أهل القطاع.

وأكد المحلل السياسي خليل عبد الرحمن أن الخطة تلبي مطالب نتنياهو وحكومته الفاشية، وتتحايل على التعاطف الدولي وموجة الاعترافات بفلسطين، وتوريط دول عربية وإسلامية في التنازل عن حقوق الفلسطينيين.

وبينما اعتبرها مسؤول إسرائيلي كبير -لم يُذكر اسمه- أنها خطة مفروضة على المقاومة الفلسطينية بالرد بـ"نعم أو لا"، رأتها قناة 13 العِبرية خطوة غير مسؤولة لخلط أوراق الشرق الأوسط وغزة.

وعلق الصحفي الإسرائيلي رفيف دروكر، ساخراً: "بحسب خطة ترامب، ستقوم الدولة الفلسطينية بعد مجيء المسيح".

وقال ما يسمى وزير شؤون القدس والتراث الإسرائيلي زئيف إلك: "الخطة جيدة لـ'إسرائيل'، حيث جعلت حماس تحت ضغط كبير، إذا قالت نعم سنحقق الأهداف".

وقالت صحيفة "هآرتس" العِبرية: "الخطة مطبوعة ببصمات وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، أشبه بـ'صفقة القرن'، تحقق مكاسب فورية لـ'إسرائيل' بتنازلات شكلية ومؤجلة إلى أجل غير معلوم".

وأضافت: "في صفقة القرن كان الهدف الضم، أما بخطة ترامب فالمكسب أكبر؛ إطلاق كل الأسرى، وأما إقامة الدولة الفلسطينية، ومشاركة السلطة الفلسطينية، وانسحاب 'إسرائيل'، فستظل مؤجلة إلى أجل غير مسمى".

وأقرّت: "ضغط ترامب على نتنياهو لقبول الخطة مجرد هراء، لخداع الدول العربية التي أدركت حقيقة الخطة منذ القراءة الأولى".

واعتبر المفاوض الإسرائيلي السابق للمشروع الأمريكي في الشرق الأوسط، دانيال ليفي، تعيين ترامب ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، لرئاسة مجلس السلام لغزة كوميديا رائعة.

وقال السفير الأمريكي السابق لدى "إسرائيل"، دانيال كيرتزر: "إن ترامب يجيد الدراما الإعلانية، لكنه لا يفهم أن خطته ستخضع لآراء مختلفة ومفاوضات طويلة حول التفاصيل والاختلافات العميقة".

واكتفى القيادي في حركة حماس، عبد الرحمن شديد، بالقول: "خطة ترامب لا تتعلق بحماس كفصيل فقط، بل تمسّ كل شعبنا وفصائله وحقوقه وثوابته وكينونته السياسية ومستقبل قضيته".

وأضاف: "الرد سيكون وطنياً بامتياز بعد الانتهاء من المشاورات بين مختلف الفصائل؛ كون الخطة تحمل مخاطر كبيرة على مستقبل القضية الفلسطينية".

وعرض ترامب خطته، التي يعتبرها وثيقة سلام لإنهاء العدوان على غزة منذ 10 أكتوبر 2023، مساء الثلاثاء الفائت، على بعض قادة دول عربية وإسلامية، على هامش اجتماعات الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة التي انعقدت في نيويورك.

وكان ترمب أعلن نهاية ولايته الرئاسية السابقة في 28 يناير 2020، خطة لإنهاء الصراع العربي -الإسرائيلي، ما تسمى بـ"صفقة القرن" بعنوان "السلام على طريق الازدهار" للتطبيع السياسي والاقتصادي بين الدول العربية وكيان "إسرائيل" ما يعرف بالاتفاقيات الإبراهيمية مقابل قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح بدون العاصمة القدس، لكن لم يُكتب لها النجاح.

للتذكير؛ تجاوزت فاتورة شهداء غزة 66 ألفاً، وتخطّى عدد الجرحى 169 ألفاً، وبالإضافة إلى ألفي و576 شهداء لقمة العيش وأكثر من 18 ألف و873 مصاب، بالقتل والإبادة والتجويع والحصار والعدوان الصهيو - أمريكي - غربي، بذنب دفاع الغزيين عن الأرض والمقدّسات الإسلامية وقضايا الأمّة.

الخلاصة: تؤكّد الوقائع نجاح ترامب في توظيف قادة الأنظمة العربية لأداء دور كلاب الصيد في مهمّة إنهاء المقاومة، لتمرير خطته المعدّلة التي كشفت عن عجز الحل العسكري في انتشال "إسرائيل" من مستنقع غزّة، بعد عامين من الفشل في فرض شروط المنتصر على مقاومة القطاع.