السياسية || محمد محسن الجوهري*

انتهت منافسات كأس العرب بفوز تاريخي للمغرب وبأداء أكثر من رائع لوصيف البطولة المنتخب الأردني الشقيق، ولكن ما يهم الشعب اليمني هو خروج السعودية والإمارات بهزيمتين تاريخيتين في يومٍ واحد، وكان لذلك وقعه في نفسية كل يمني، ليس بسبب الكرة نفسها، ولكن، وكما يعرف الجميع بسبب السياسات العدوانية للنظامين في الرياض وأبوظبي تجاه الشعب اليمني قتلهما لعشرات الآلاف من الأبرياء، إضافة إلى الحصار الخانق وسياسة التجويع المفروضة على البلاد منذ أكثر من عشر سنوات.

كما لا يخفى على أحد أن موقف النظامين من اليمن هو نفسه من سائر الشعوب العربية والإسلامية، ويظهر التآمر جلياً في مأساة غزة التي لعب آل سعود وآل نهيان دوراً كبيراً في الإضرار بأهلها وفي دعم العدوان الصهيوني الذي دام عامين ولا يزال يفتك بسكان القطاع حتى اللحظة، ولو أن تحالف النظامين العميلين أطلق عاصفة الحزم لنصرة الشعب الفلسطيني لما صمد الكيان شهراً واحداً في مواجهته، لكن جيشيهما تمرسا على قتل المسلمين دون غيرهم.

وبالعودة إلى الرياضة، فإن احتفال الشعب اليمني بهزيمة السعودية والإمارات يعبر عن مشاعر حقد وغضب تراكمت لدينا منذ عقود من مواجهة الهيمنة السعودية بالذات على وطننا، إضافة إلى القمع الذي يمارسه بحق العمالة اليمنية في بلاد الحرمين، وفي ذلك القمع يظهر النظام السعودي على حقيقته في عداوته لكل يمني بلا أي مبرر، حتى لو كان ذلك اليمني لا يميل إلى السياسة ولا ينتقد العدوان السعودي على بلده.

ونتذكر الفرحة العارمة للشعب اليمني بكل أطيافه، في الجنوب والشمال، بفوز ناشئي اليمن على ناشئي السعودية أواخر العام 2021، وهو الاحتفال الذي لا يضاهيه أي فوزٍ على فريقٍ آخر، وفي ذلك الإجماع رسائل كثيرة يفهمها آل سعود جيداً، أولها أن العداوة بيننا أصيلة، وأن النفاق السياسي لمرتزقة اليمن سينتهي بانتهاء التمويل ووقف الإعاشة.

وبالحديث عن المرتزقة، فإن الكثير منهم غيروا مواقفهم المعلنة تجاه الرياض وأظهروا لها العداوة فعلياً عندما أوقفت الإعاشة، مثل حميد الأحمر وعبدالعزيز جباري وخصروف وغيرهم من المأجورين، كما أن الأزمة الخليجية وفرت للعشرات منهم مصدر إعاشة آخر ما جعلهم يسارعون لإهانة آل سعود والسخرية منهم، خاصة حزب الإصلاح قبل أن يعلن براءته من انتمائه الإخواني.

وحتى نظام عفاش بالأمس، فقد تغير موقفه من آل سعود بمجرد خروجه من السلطة ووقف اللجنة الخاصة لإعاشته، وعندها سمعنا كل تصريحاته الحادة تجاه السعودية وحكامها، وبلغ به الأمر أن يكشف وثائق تؤكد خيانتها لمصر في حرب 1967، كما اتهمها بالوقوف وراء اغتيال الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، ولا تزال الشبكة العنكبوتية تحفظ له العديد من المقابلات الرسمية المسيئة للسعودية، كمقابلته مع قناة روسيا اليوم والميادين، إضافة إلى عشرات الخطابات الجريئة خلال السنتين الأولى من الهدوان على اليمن.

وللتأكيد، فإن الشعب اليمني لا يبدأ العدوات على الإطلاق، وكل مشاعر الكراهية ضد السعودية والإمارات هي نتاج مواقفهما الإجرامية تجاه اليمن، ويدرك العالم اليوم حقيقة ذلك وكيف يتآمر النظامان على اليمن كجزء من تآمرهما على الأمة الإسلامية جمعاء، وكل ذلك لخدمة المشاريع الصهيونية وعلى حساب كل الثوابت الدينية والقومية.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب