(السياسية): نصر القريطي

قررت كل دول العالم وشعوبه أن تقف صفّاً واحداً في مواجهة “كورونا” الوباء الذي حاصر الدول والأفراد ونشر الموت والرعب وفرض على الناس العزلة وأصاب الاقتصاد العالمي بشللٍ شبه تام..

غيّر الـ”كورونا” وجه العالم حتى في مناطق الصراعات والحروب اتفق المتحاربون على فرض نوعٍ معينٍ من “قواعد الاشتباك” تتضمن ايقافاً مؤقتاً لإطلاق النار للسماح للمساعدات الانسانية والطبية بالوصول في ظل جمودٍ شبه تامٍ في حركة النقل والتجارة البينية بين الدول وداخل كل دولة..

وحده تحالف العدوان البربري على بلادنا من قرر أن يستغل هذه “الجائحة” لفرض المزيد من الحصار الخانق على هذه الشعب العظيم الصامد.. وبدلاً من السماح لسفن الاغاثة والغذاء والطاقة والمساعدات الطبية بالوصول لمساعدة اليمنيين على الصمود منفردين في وجه هذه الوباء الذي اتحد العالم كله في مواجهته إذا بقوى الاحتلال والغزو تشدد الحصار على كل موانئنا ومنافذنا البحرية والبرية والجوية لمنع وصول الامدادات الضرورية الينا..

تمنع بحرية العدوان أي سفينة من دخول ايِّ من موانئ البحر الأحمر حتى تلك التي خصصتها الأمم المتحدة للمساعدات الاغاثية والطبية العاجلة وتتراكم سفن الغذاء والمساعدات وناقلات الوقود في عرض البحر لأكثر من شهرين فيما تقف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي كشهود زورٍ على أقبح جريمة ترتكب بحق الانسانية..

شعبٍ بأكمله يحاصر وتمنع عنه الامدادات الضرورية للحياة.. وأمةٌ بأسرها تعاقب والعالم كله يتفرج على هذه الجريمة البشعة التي لطخت جبين الانسانية وأدمت الضمير الانساني العالمي.. وما يجعل الموقف أكثر إيلاماً وقبحاً هو تباكي المنظمات الأممية والمنظمات العاملة في المجال الانساني وتحذيرها من كارثية المآلات التي تحدق بهذا الشعب العظيم..

من تقارير الأمم المتحدة إلى احاطات المبعوث الأممي وفريقه إلى توصيات مجلس الأمن إلى مناشدات المنظمات الانسانية الجميع يتباكون على الوضع الكارثي الخطير الذي يحدق بالأمة اليمنية لكن لا أحد في المجتمع الدولي يفكر بغرس “أصبع الحقيقة” في أعين مجرمي الحرب السعوديين والإماراتيين الذي قرروا معاقبة شعبٍ بأكمله ومنع الامدادات الانسانية من الوصول اليه..

وفق شبكة “سي إن إن” فإن رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأمريكي أعرب عن قلق واشنطن من استمرار احتجاز سلطات المملكة لناشطةٍ سعودية.. وحذر “آدم شيف” في رسالة للسفيرة السعودية بواشنطن أن استمرار احتجاز “لجين الهذلول” مع احتمالية تفشي فيروس كورونا في المملكة يمكن أن يكون عاملاً في القرارات التي سيتخذها الكونجرس بشأن التعاون الأمريكي مع السعودية..

تخشى واشنطن من اصابة ناشطة سعودية بفيروس كورونا في ظل ظروف احتجازها في سجون المملكة وهذا موقفٌ انسانيٌ مهما كانت الدوافع التي تقف خلفه لكن ظروف الحرب على شعبٍ بأكمله وحصار أمةٍ لأكثر من خمسة أعوام وبالذات في ظل وصول هذه الجائحة الى بلادنا لا يعني واشنطن وليس من اختصاصات الكونجرس بلجانه العسكرية والسياسية..

هذه هي حقيقة الحصار الذي يضربه العدوان على اليمن منذ خمسة أعوام ادواته سعودية اماراتية لكن استراتيجياته وغطاءه الدولي هو أمريكيٌ غربيٌ صهيونيٌ بامتياز..

الرسالة الوحيدة التي نستغرب أن هؤلاء لم يدركوها بعد أكثر من ستين شهراً وما يقارب الألفي يومٍ من العدوان والحصار هي أن تشديد الخناق علينا ومنع سفن الاغاثة وامدادات الطاقة من الدخول الى موانئنا هو فقط ايغالٌ في جرائم الحرب المرتكبة بحق هذا الشعب وقضاءٌ على الفتات المتبقي من الضمير الانساني العالمي أمّا اليمنيون فإنهم “لا يركعون..!”.