عدنان الروسان*

قصة أخطر عملية استخبارية عملت عليها سبع دول من بينها ثلاث عربيات و أحيطت بأقصى درجات السرية و خطط لها بأعلى درجات المهنية و بين سبع أجهزة استخبارية و فشلت العملية في الساعة الأولى من البدء بتنفيذها.
من أخبر حماس بالتفاصيل؟، هل هو أحد ألد اعدائها محمود عباس ، أم أن ضابط استخبارات عربي رفيع في جهاز مشهور من سرب المعلومات في لحظة تجل عاطفي وطني؟.


لنبدأ بالقصة من أولها ، أو من قبل أولها بقليل ، في الشهرين الأخيرين تكثفت بشكل كبير زيارة الوفود الصهيونية لمصر و أحيانا إلى الدوحة بحجة الذهاب للتفاوض من أجل إبرام صفقة مع حماس لإطلاق سراح الرهائن ، كما تكثفت زيارات بلينكن وزير الخارجية الأميركي و بيرنز مدير وكالة الاستخبارات المركزية CIA لمصر والأردن و "إسرائيل" ، وكان الغطاء الإعلامي لهذه الزيارات المكوكية المعلنة أن الجميع يبحثون عن حل للوصول إلى صفقة لوقف مؤقت لإطلاق النار واطلاق سراح الرهائن الصهاينة المحتجزين لدى حماس كما أسلفنا ، و لجعل أمر اللقاءات منطقيا فقد كانت تدعى حماس لإرسال وفد للتفاوض ولكن كل اللقاءات لم تسفر عن شيء .
و السبب أن اللقاءات لم تكن للوصول إلى صفقة مع حماس بل للتغطية على أمر آخر كان يدور في الكواليس ولعدم لفت انتباه حركة حماس لما يجري ، ويبدو أن اللعبة أعجبت الحركة وقامت بالتظاهر ببلع الطعم والاستمرار في الذهاب والإياب إلى القاهرة ومنها ، كل هذا كان معلنا و تتناقل وسائل الإعلام تفاصيله على الملأ ، لكن مالم يكن يعلن عنه هو اللقاءات المكثفة لمدراء أربعة أجهزة مخابرات عربية مع عملاء رفيعي المستوى من وكالة المخابرات الأمريكية CIA وجهاز الاستخبارات الخارجية البريطانية MI6 .

كان هدف اللقاءات المتكررة هو إيجاد أي حل أو مخرج للخروج من حال المراوحة في المكان في غزة والتي كانت تزيد من الضغوط الشعبية في المنطقة العربية وتهدد بربيع عربي جديد كما أنها تقلب كل الثوابت القديمة في الدول الغربية حول "إسرائيل" وقضية المحرقة ومعاداة السامية و مفاهيم كثيرة كانت من الممنوع التحدث فيها أو نقضها.

بعد لقاءات كثيرة وطويلة تبادل فيها الجميع كل المعلومات الاستخبارية التي لديهم تم إقرار خطة استخبارية عالية الجودة وستقلب نتائجها الوضع و تدفع حماس للاستسلام أو القبول بالرضوخ للمطالب الصهيونية بشأن الرهائن والتخلي عن الكفاح المسلح ، ومن أجل تنفيذ هذه العملية والتي رمز لها باسم "Trojan" في أوساط المخابرات الأمريكية فقد تم اختيار مائة مقاتل من بين جنود السلطة الفلسطينية المدربين في معسكرات دولة عربية والمؤهلين للقتال وتم أعدادهم لأسابيع ليكونوا على معرفة بالهدف وقد اختير أثنين كقادة ميدانيين للذهاب مع الكوماندوس والدخول إلى غزة عبر شاحنات الإغاثة وعلى شكل عمال إغاثة وقد كان يدير العملية شخصية استخبارية فلسطينية تؤكد مصادر مطلعة أنه ماجد فرج الذي أخفق قبل أسابيع قليلة في عملية تشكيل قيادة عشائرية فلسطينية من بئر السبع للدخول للقطاع من الشمال والسيطرة على الأمور.

كانت تقف وراء الموضوع عناصر من عشيرة " ش" الا أن قيادة حماس اكتشفت الأمر وقامت بتصفية كل العناصر التي دخلت الى القطاع من الشمال وهذه بالمناسبة عملية أخرى تستحق أن تقرأ ولكن نعود الى الموضوع ، ماجد نفسه هذا هو من تم تكليفه بإدارة العملية Trojan التي نتحدث عنها ، وبالفعل فقد قام الفريق بالانتقال إلى مصر ومن هناك دخلوا إلى قطاع غزة الأسبوع المنصرم بصفة عمال إغاثة لتوزيع مساعدات غذائية لسكان القطاع المنكوبين بينما كانوا في الحقيقة فريق كوماندوس تم تدريبه وأعداده ليدخل إلى القطاع ويشتري ولاء بعض المحتاجين من الشباب الفلسطيني بالمال وإنشاء حركة عسكرية تقوم بالانقضاض من الخلف على حركة حماس والفصائل المقاومة وأرباك العملية العسكرية مما يسمح لـ "إسرائيل" بتكثيف عملياتها والدخول بقوة الى رفح وتقوم السلطة الفلسطينية بإعلان إدارتها للقطاع وجعله تحت حكم السلطة الفلسطينية ، أي تحت حكم محمود عباس.

بعد دخول الكوماندوس بوقت قصير جدا وقعت المفاجأة المذهلة والتي أربكت كل المشاركين في العملية ، فقد أنقض كوماندوس من حركة حماس على الفريق القادم وقتلوا منهم البعض وأسروا عددا أخر بينما ما يزال عددا صغيرا هاربا في القطاع يتم البحث عنهم ، خلال ساعات قليلة تبخرت كل الأمال وبدأت عمليات الترقيع و لملمة ما يمكن لملمته لمنع اتساع رقعة الفضيحة الاستخبارية.
مصادر عربية وغربية لها قنوات اتصال مع بعض الأجهزة الأمنية قالت مصر تنصلت من الموضوع جملة و تفصيلا وحاولت إخبار حماس بأنها فوجئت بدخول الفريق من أراضيها وأنها لا تعلم عن الكوماندوس و لا من أرسله.

جهاز الموساد و وكالة الاستخبارات الأمريكية أصيبا بإحباط شديد بسبب فشل العملية التي وقف وراء تنفيذها أربعة دول إقليمية تدعي ان لها أجهزة أمنية عالية الكفاءة و بعد اجتماعات كثيرة ولقاءات رمضانية تخللها مآدب إفطار وعبادة وإقامة مشاعر مقدسة فشلت في تنفيذ عملية كانوا يدعون انها سهلة للغاية و انها ستقلب الطاولة أو ما تبقى منها في غزة ، وقد كانت الهجمة الإعلامية على حماس وأنصارها بانهم يثيرون الفتنة في بعض الدول العربية مقدمة لتفسير ما كان سيحصل في غزة لو نجح الكوماندوس الفلسطيني العربي في النفاذ الى نسيج غزة واثارة فتنة كبيرة قد تزعزع استقرار المقاومة فيما لو نجحت الخطة وقد تم استنفار كل الكتاب و المشايخ والمحللين العرب التابعين لدول محور العمل الاستخباري كي يشنوا حملة إعلامية و دينية واسعة تتهم حماس بالتسبب بتقتيل الفلسطينيين وتدمير غزة وذلك لإشغال الناس بالفتنة وان حماس تثير الفتن و القلاقل في بعض الدول العربية.
الأمريكيون يتساءلون كيف عرفت حماس بالخطة و التفاصيل و وصول الكوماندوس ، وهل جهاز الاستخبارات الفلسطيني لحماس له القدرة على الوصول الى كل هذه المعلومات وافشال مشروع أمني استخباري تقوم عليه اربع دول إقليمية إضافة الى الولايات المتحدة الأمريكية؟
هناك وشوشات استخبارية أيضا يتهامس بها بعض الراسخين في العلم أن مصدرا فلسطينيا رفيع المستوى جدا و قريب من بعض صناع القرار في فلسطين ودولة عربية هو من تبرع باطلاع حماس على تفاصيل العملية وكان من الممكن أن تهمل الحركة الموضوع و لا تأخذه على محمل الجد لأن المصدر الاستخباري رفيع المستوى ليس من أقرب الناس للحركة و لكن ما يجري في غزة إضافة الى موقف السلطة و موقف الرئيس القريب من الموقف "الإسرائيلي" أكثر منه للموقف الحمساوي جعل كثيرين يشعرون بأن السلطة وعاتها من الدول العربية قد ابتعدت كثيرا في مخططاتها لتدمير حركة حماس.
مصادر أخرى تقول ان محمود عباس الذي أصيب بخيبة أمل نتيجة قيام الأمريكيين والصهاينة بوضعه على الرف و بدأوا يتفاوضون مع حسين الشيخ و ماجد فرج هو من أوعز الى أحد المقربين كي ينبهوا حماس بطريقة غير مباشرة الى ما يقوم به الأمريكيون بعض العرب ، و ما تزال نتائج الفشل تتفاعل وبقوة ، وقد دفع هذا الفشل الولايات المتحدة لتوبيخ "إسرائيل" وبعض العرب علنا والدفع باتجاه وقف الحرب وانهاء صفقة الرهائن لأن الأمر لم يعد يحتمل مزيدا من الانتظار والتسويف ولأن الحزب الديمقراطي بدا يشعر بانه سيخسر الانتخابات الرئاسية و التشريعية المقبلة لصالح ترامب والجمهوريين.
من بين المعتقلين من أفراد الكوماندوس شخصية عسكرية ذات أهمية و على اطلاع على تفاصيل كثيرة مما يجري في كواليس العمل الاستخباري العربي "الإسرائيلي" للقضاء على حماس و لننتظر الأيام القادمة لنرى ما يطفو على سطح المشهد من جديد.

https://x.com/aysardm/status/1777476857341825462
https://x.com/aysardm/status/1777477656516137181

* المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب