الصهيونية في أضعف مراحلها
السياسية || محمد محسن الجوهري*
لم تتعرض الصهيونية -في تاريخها- لضربات موجعة كالتي تتعرض لها على مدى عام وثلاثة أشهر، رغم فارق الإمكانيات والتقنيات العسكرية والسياسية بين الكيان والغرب من جهة، وبعض قوى محور الجهاد والمقاومة من جهة أخرى.
عاد "زوال إسرائيل" كاحتمال وارد في المنطقة، بعد أن سقط خيار التطبيع في الدفاع عن الكيان وأمنه القومي. وأضحت علاقات "إسرائيل" مع محور التطبيع أشبه بتحصيل حاصل بعد السابع من أكتوبر 2023.
ولنا أن نقارن وضعية الكيان اليوم بوضعيته غداة حرب 1967، عندما أطاح بكامل الدول العربية خلال ستة أيام، فيما لا يزال عاجزاً عن تحقيق أي حسم عسكري في غزة أو لبنان أو اليمن. ولا تزال الجبهات الثلاث تشكل خطراً مرعباً للصهاينة، ولم يعد بالإمكان إسقاط جبهة الشعوب، حتى وإن نجح الكيان على مدى عقود في إسكات صوت الأنظمة العربية وتجييرها لخدمته.
اليوم، نشاهد الكيان الصهيوني، ومن خلفه الولايات المتحدة وكل الدول الغربية، تعجز عن فتح جبهة مع اليمن، وتتوسل فصائل المرتزقة المحلية للقتال نيابةً عنها في أصغر موقف لها في التاريخ. هذا الأمر له تداعياته على أمن "إسرائيل" القومي، وأولها المظاهرات الحاشدة التي تطالب بوقف الحرب والرضوخ للسلم. هذا المشهد يؤكد تلاشي أسطورة "إسرائيل" التي لا تقهر.
ومن مظاهر الهزيمة، نجاح اليمن في تحييد القوى الإقليمية العميلة، ومنعها من المشاركة المباشرة في العدوان على اليمن رغم المناشدات الأمريكية والإسرائيلية لها. ما يعني أننا أمام انتصار يقصي الثمار التي راهن عليها الكيان من عملية التطبيع. السبب في ذلك هو القوة اليمنية المتنامية على الصعيدين الجوي والبحري، حيث بالإمكان استهداف مصالح الدول الخليجية براً أو بحراً من أي نقطة في الأراضي اليمنية.
إضافةً إلى ذلك، تراجع مكانة العدو في الرأي العام العالمي، حيث تشير استطلاعات الرأي في الدول الغربية إلى تزايد الدعم للقضية الفلسطينية، مما يعكس تراجع التأييد للسياسات الإسرائيلية، ما يزيد من التحديات الوجودية لها في حال خسرت التأييد الغربي لها، وكما هو معروف فإن زوال الكيان مقرون برفع واشنطن يدها عن حمايته.
وبما أن المقاومة الفلسطينية أثبتت قدرتها القتال في أصعب الظروف، فإن مستقبل الكيان لا يزال غامضاً ورهنٌ للتحولات السياسية العالمية، ومع أي تراجع قد يطرأ في الحماية الدولية للكيان فإن الفصائل الفلسطينية قادرة، بما توفر لها من إمكانيات، على إسقاط الكيان الصهيوني في زمنٍ قياسي، على غرار ما حدث في السابع من أكتوبر.
في الختام، يمكن القول إن الصهيونية تمر بأحد أضعف مراحلها التاريخية، حيث تواجه تحديات داخلية وخارجية تعكس تراجع قوتها. من خلال الانتصارات المتتالية لقوى المقاومة، وتراجع الدعم الدولي، يبدو أن المستقبل يحمل في طياته المزيد من المفاجآت. إن قدرة الشعوب على التغيير لا يمكن الاستهانة بها، وقد تكون هذه المرحلة بداية لتحولات جديدة تعيد تشكيل المشهد في المنطقة.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب