الصرخة قطعت رزق الحزمي وشيوخ الإصلاح
السياسية || محمد محسن الجوهري*
كان الشيخ محمد الحزمي، القيادي البارز في حزب الإصلاح من أكثر من استفادوا من القضية الفلسطينية، ومن أكثر من اتخذوها وسيلة للمتاجرة وجمع الأموال. فقد اعتاد على إطلاق حملات أسبوعية لجمع التبرعات "دعماً لغزة"، تنطلق من جامع الرحمن وغيره من المساجد، وتحصد ملايين الريالات باسم نصرة الشعب الفلسطيني.
ولذلك، لم يكن مستغرباً أن يكون من أوائل المناهضين لشعار "الصرخة"، ذلك الشعار الذي مثّل بداية النهاية له ولكل من تاجر بالدين واستغل قضايا الأمة لمصالحه الشخصية أو الحزبية. وقد سبقت نكبة الحزمي بثورة 21 سبتمبر 2014، إذ تضرر بشكل واضح منذ بدايات انتشار "الصرخة" في أوائل عام 2002، حينها أصدر شيوخ الإصلاح فتاوى بتحريمها وتكفير من يرددها، بتوجيهات أمريكية مباشرة لا تقبل النقاش أو الاجتهاد.
واللافت أن فتاواهم لم تكتفِ بتحريم الشعار، بل وصلت إلى تجريم كل من يلعن الصهاينة أو يندد بالإرهاب الأمريكي، رغم وضوح العدوان الأمريكي ـ الإسرائيلي على الأمة الإسلامية. ومع هذا الموقف المناقض لكل القيم والمبادئ، بدأ الشارع اليمني يدرك التناقض الفاضح: كيف لمن يناهض "الصرخة" ويحرّم اللعن ضد الكيان المؤقت وأم الإرهاب، أن يدّعي الوقوف مع الشعب الفلسطيني؟!
لقد كان واضحاً أن من يحارب "الصرخة" لا يمكن أن يكون إلا متماهياً مع المشروع الأمريكي – الإسرائيلي، حتى وإن تظاهر بالإسلام وانتحل شعارات الدفاع عن القضايا الإسلامية. ولهذا كان الحنق الأكبر عند الحزمي وشيوخ الإصلاح، لأن الشعار هزّ أركان تجارتهم "الدينية"، وفضح زيف مواقفهم، وبيّن للناس حقيقتهم. فحين يقول الحزمي إن "الصرخة قطعت أرزاق الناس"، فهو لا يعني الناس عموماً، بل يعني حزبه تحديداً، الحزب الذي جعل من الدين وسيلة للثراء، ومن الشعارات وسيلة للاستثمار.
ويكفي "الصرخة" شرفاً أنها كانت السبب الأبرز في كشف هؤلاء، وفي تنقية الصف الوطني من المتخاذلين والمنافقين، الذين لم يكن لهم يوماً موقف صادق مع قضايا الأمة.
إن المواقف هي المحك الحقيقي للثبات على القيم والمبادئ، وقد أثبتت التجربة أن من يتماهى مع الخطاب الأمريكي ويحارب كل صوت حر يرفض الهيمنة، لا يمكن أن يكون مع فلسطين، ولا مع أي قضية عادلة. فـ"الصرخة" التي نادى بها أحرار اليمن لم تكن إلا ترجمة صادقة لرفض الظلم بكل أشكاله، وفضحاً مدوياً لكل المتكسبين باسم الدين والمقاومة.
شواهد فاضحة لعمالة الإصلاح للصهاينة:
• تصريح الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش عام 2001 أن "من ليس معنا فهو ضدنا"، استخدم كغطاء لحملات قمع ضد أي صوت معارض للسياسة الأمريكية، وكان لها صدى في الفتاوى المحلية الموجهة، وقد تماهى معها حزب الإصلاح من يومها الأول.
• وثائق ويكيليكس كشفت تواصلات بين قيادات في حزب الإصلاح وسفارات غربية بشأن توجيه الخطاب الديني بما لا يتقاطع مع المصالح الأمريكية في المنطقة.
• الموقف العلني للحزمي في 2004 ضد "الصرخة"، ومطالبته بتجريم من يرددها، رغم أنها تتضمن لعن أعداء الأمة.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب