تحليل "اسرائيلي": عودة القتال في غزة فشل والأسرى لن يتحرّروا
السياسية:
تطغى عودة قتال جيش الاحتلال في قطاع غزة وتوسيع العمليات العسكرية فيه على مختلف التحليلات الواردة في صحافة العدو.
كارثة جديدة
المحلل العسكري البارز في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل رأى أن "اسرائيل" تسير نحو كارثة جديدة في قطاع غزة، وأضاف "إذا لم يقرر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، التدخل فيما يجري هناك خلال زيارته المقبلة لدول الخليج الأسبوع المقبل، فإن "إسرائيل" ستوسع العملية العسكرية في القطاع بعد انتهاء الزيارة. وبحسب الخطة المطروحة، من المرجح أن تشمل العملية احتلال مناطق واسعة من القطاع، واحتلالاً طويل الأمد للأراضي، وفقدان حياة جنود وأسرى، وتفاقم الكارثة الإنسانية بين الفلسطينيين. ومن المشكوك فيه، في المقابل، أن تؤدي العملية إلى حسم حقيقي ضد حماس".
وتابع "لا شكّ أن حزبي اليمين المتطرف يدفعان نحو إعادة احتلال القطاع، وفرض إدارة عسكرية "إسرائيلية"، واستئناف الاستيطان، وترانسفير للسكان. ويمضي بنيامين نتنياهو معهم في هذا الاتجاه، للحفاظ على ائتلافه".
وأشار الى أن استمرار القتال في جبهات متعددة يساعد رئيس الحكومة في إبقاء ائتلافه قائمًا. وهذا، في نظره، أهم من حياة الأسرى"، وأردف "هناك الآن دافع إضافي: من المفترض أن تبدأ مرحلة الاستجواب المضاد في محاكمته نهاية الشهر، وهو أمر يثير لديه الكثير من القلق. حاليًا، يبدو أن ترامب لا يسمح لنتنياهو بشن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، والتصعيد مع اليمنين لا يمكن أن يستمر طويلًا. تبقى غزة، وإلى حد أقل، الاحتكاك مع النظام السوري الجديد، تحت ذريعة حماية أبناء الطائفة الدرزية هناك".
ولفت الى أن موقف وزير الحرب لا أهمية له، أما رئيس الأركان والضباط، فيبدو من مداولات الكابينت أنهم يتمنون حدوث معجزة، ولكن ليست من النوع الذي يبارك عليها وزير المال بتسلإيل سموتريش ووزيرة الاستيطان "الإسرائيلية" أوريت ستروك. المعجزة التي يأملون بها هي تدخل خارجي من ترامب، يُرغم الأطراف على صفقة أسرى جديدة، جزئية أو شاملة، ويوقف حربًا شاملة ومدمرة في القطاع لا نهاية لها في الأفق، وقال "عمليًا، تناقش حكومة نتنياهو أوهامًا يصعب تحقيقها. وفي الطريق، قد تؤدي العملية العسكرية إلى مقتل مزيد من الأسرى (ليس عبثًا هذا القلق البالغ لدى معظم العائلات)، وإلى خسائر كبيرة في صفوف الجنود".
وتوقّع هرئيل أن تنتهي هذه العملية إلى فشل، وتورّط طويل الأمد، وفقدان ما تبقى من "الشرعية الدولية" للتحركات "الإسرائيلية" في ظل استهداف المدنيين،على حدّ تعبيره. وخلص الى أنه "على الرغم من صعود إدارة ترامب، التي تعادي المحاكم الدولية، قد يجد قادة وضباط "إسرائيليون" أنفسهم في مواجهة إجراءات قانونية شخصية ضدهم. تحاول الحكومة تحقيق مكسب سياسي مؤقت، لكن الثمن قد يُدفع بعملة استراتيجية".
القوة العسكرية لا تُحرر أسرى
بدوره، وصف الكاتب في صحيفة "إسرائيل هيوم" يوآف ليمور قرار الكابينت بتوسيع العملية في غزة بأنه "مليء بالثغرات"، ورأى أن "الأسئلة الجوهرية لم تلقَ أي إجابة، وعلى رأسها قضية الأسرى ومستقبل القطاع"، وأضاف "هذا القرار تم تسويقه بالأمس تحت مسمى "مصدر أمني رفيع"، ومن غير الواضح لماذا تختبئ الحكومة خلف هذا اللقب بدلًا من التوجه إلى الجمهور بصراحة. بعد 19 شهرًا من الحرب، من حق "إسرائيل" أن تتلقّى إجابات حول قضايا تشغل بالها، خاصة وأن الحكومة تتصرف أحيانًا بعكس موقف أغلبية ثابتة من الجمهور".
وقال "المسألة المركزية، هي الأسرى. الكابينت يترك هامش وقت لتقدم "مخطط فيتكوف" لإطلاق دفعة جديدة من الأسرى، وهو ما ترفضه حماس حاليًا. ولكن حتى لو وافقت حماس، فسيظل هناك أسرى في غزة، والكابينت لا يوضح كيف يعتزم إعادتهم. إعلانه بأن العملية ستستمر حتى تحرير جميع أسرى هو مجرد كلام فارغ، لأن من الواضح أن القوة العسكرية لا تُحرر أسرى، بل تُعرض حياتهم للخطر"، وأردف "المسألة الثانية التي لا يوجد لها جواب هي المساعدات الإنسانية. هذه الخطة لم تنضج بعد، ونجاحها محل شك. حماس ستسعى إلى إفشالها مرتين — بمهاجمة الجنود، وبمهاجمة الموزعين — ما قد يضطر الجيش لتحمّل هذه المهمة بنفسه، خلافًا لرغبته".
المسألة الثالثة، يُكمل ليمور، تتعلق بمستقبل قطاع غزة.. القرار باحتلال مناطق، وتدميرها، وتهجير سكانها، والتحكم في غذائهم، والبقاء في غزة إلى أجل غير مسمى، يعني تجديد السلطة "الإسرائيلية" في القطاع. وحتى من دون الخوض في مسألة إعادة بناء المستوطنات والتكاليف الهائلة لهذا النوع من السيطرة (بالمال، والقوى البشرية، وبالموارد)، من المشكوك فيه ما إذا كان وزراء الكابينت الذين صوتوا بالإجماع، كما ورد في البيان، يفهمون حقًا ما الذي صوّتوا عليه.
ووفق ليمور، الجنود الذين سيُطلب منهم تنفيذ هذه المهمة — والمهمات الموازية في الشمال والضفة — من حقهم أن يتساءلوا: من سيتحمل مسؤولية إرسالهم إلى المعركة، بينما الكابينت الذي فعل ذلك أعلن بالأمس مجددًا أنه لا ينوي التحقيق في إخفاقات 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، التي وقعت في فترته؟ هذه مسألة جوهرية (وما تزال دون إجابة)، ليس فقط لأهمية التحقيق واستخلاص العبر، بل لأن الحكومة لا تنوي تحمّل المسؤولية عن نتائج قراراتها، وتترك فراغًا متعمدًا.
وبحسب ليمور، هذا الفراغ الذي يصنعه كلٌّ من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الحرب إسرائيل كاتس، يترك الساحة خالية تمامًا أمام وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي تبدو الحكومة اليوم وكأنها تُدار على صورته ونهجه. بالأمس، ظهر سموتريتش في كل وسيلة إعلامية ممكنة، ولم يُخفِ مواقفه.
وختم "بين الحرب والأسرى، "إسرائيل" اختارت الحرب. وبين العيش بجوار غزة أو العيش داخل غزة، "إسرائيل" اختارت العيش داخل غزة".
* المادة نقلت حرفيا من موقع العهد الاخباري