اليمن في ميزانية الدفاع الأميركية: ظلال فشل الحرب حاضرة
السياسية - رصد || رشيد الحداد*
رغم مضيّ أشهر على إعلان اتفاق التهدئة في البحر الأحمر بين صنعاء وواشنطن بوساطة عُمانية، مطلع آذار الفائت، لا تزال السفن الأميركية تتجنّب المرور في ذلك البحر. ومذّاك، لم يتمّ الإعلان من قبل أي سلطات بحرية تابعة لواشنطن عن مرور أي سفن أميركية من «الأحمر»، وهو ما يؤكّد أنّ إعلان الاتفاق، كان الهدف منه خروج إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بأقلّ خسارة ممكنة، بعد فشل نحو 1000 غارة جوية أميركية في تحقيق أي أهداف عسكرية في اليمن.
وجاء الإيجاز الصحافي لميزانية وزارة الدفاع الإميركية لعام 2026، ليكون بمثابة اعتراف أميركي صريح بالتعرّض إلى حرب استنزاف بحرية غير مسبوقة في البحر الأحمر. إذ أقرّ بأنّ العمليات العسكرية التي نفّذتها «القيادة المركزية الأميركية» كانت باهظة الكلفة مالياً، وأدّت إلى استهلاك كمّيات كبيرة من الذخائر. وأشار إلى أنّ هذه العمليات التي تندرج تحت بند العمليات الطارئة في الخارج، تتطلّب تمويلاً كبيراً لتحديد مخزون الصواريخ الاعتراضية والذخائر الأخرى التي تُستخدم بشكل يومي.
كما أكّد أنّ الانتشار العسكري الأميركي في البحر الأحمر وخليج عدن، ضاعف الضغوط على أطقم السفن وعلى القطع البحرية التي قال إنها تحتاج إلى صيانة لإعادة جاهزية الأسطول الأميركي على المدى الطويل.
والملاحظ أنّ الميزانية الجديدة استبعدت برامج ثبتَ عدم فاعليّتها؛ ووفقاً لمراقبين عسكريين، فإنها أقرّت «التخلي عن بعض الأصول التي أثبتت ضعفها في المواجهة مع "الحوثيين" مثل طائرات إم كيو - 9، التي استُخدمت على نطاق واسع في عمليات الاستطلاع والمراقبة والهجوم، وكانت تُعتبر ركيزة أساسية للاستطلاع والهجوم وتنفيذ اغتيالات، واستبدالها في الميزانية الجديدة بطائرة إم كيو - 25».
كذلك، أعطت الميزانية المنظومات الدفاعية أولوية، في ما يؤشّر إلى جسامة التحديات التي فرضتها الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة من اليمن، خصوصاً في ظلّ اعتراف الجانب الأميركي بتطوّر قدرات الخصوم وامتلاكهم أسلحة قادرة على اختراق الدفاعات الجوية المتقدّمة، من مثل الصواريخ الفرط صوتية. ويرى مصدر عسكري مطّلع في صنعاء، تحدّث إلى «الأخبار»، أنّ «عمليات البحر الأحمر تركت بصمات واضحة في ميزانية وزارة الدفاع الجوي ودفعت إلى تغيير أولويات الإنفاق العسكري».
وفي الوقت الذي تواصل فيه عشرات السفن التجارية المرور الآمن في البحر الأحمر، لا تزال حالة عدم اليقين سائدة لدى شركات الملاحة الدولية حيال إمكانية عودة التوتّر إليه. ومع استمرار فرض حالة إغلاق تام على الملاحة الإسرائيلية، تواصل السفن التجارية العابرة بثّ رسائل رقمية تنفي فيها صلتها بإسرائيل، في مسعى منها إلى تجنّب التعرّض لهجمات مسلّحة، رغم سريان التهدئة البحرية التي أدّت إلى ارتفاع حركة السفن اليومية إلى نحو 37 سفينة يومياً، وفقاً لمصادر ملاحية يمنية.
وبحسب بيانات لشركة «ويندوورد» لتحليل المخاطر، فإنه أثناء المدّة ما بين 12 و24 حزيران، أرسلت نحو 55 سفينة أكثر من 100 رسالة هوية بحرية غير اعتيادية، عبر نظام التتبّع الآلي (AIS)؛ وادّعت بعضها أنها «مملوكة للصين» أو تنقل «نفطاً روسياً»، بينما ذهبت أخرى – كإحدى السفن المسجّلة في سنغافورة – إلى حدّ بثّ رسالة تقول: «لا علاقة لنا بإسرائيل». وتقول تقارير الشحن إنّ بعض السفن المتّجهة إلى موانئ في شبه القارة الهندية أو شرق أفريقيا بدأت تبثّ رسائل تؤكّد عدم تورّطها مع إسرائيل أو الولايات المتحدة، وهو ما يمكن اعتباره نتيجة مباشرة لفاعلية الضغوط العسكرية في البحر الأحمر.
* المادة الصحفية تم نقلها حرفيا من الاخبار اللبنانية