السياسية – رصد:

رشيد الحداد*



نفّذت قوات صنعاء، أمس، أكثر من عملية ضد العدو الإسرائيلي، مؤكّدة بالملموس أن اتفاقها مع واشنطن لا يشمل وقف إسنادها للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وذلك بعد ساعات من تعهّد رئيس «المجلس السياسي الأعلى»، مهدي المشاط، بالردّ على العدوان الذي طاول مطار صنعاء وميناء الحديدة ومصانع الإسمنت ومحطات الكهرباء في العاصمة.

وأكّد المتحدّث باسم قوات صنعاء، العميد يحيى سريع، أن قواته نفّذت عمليتين بطائرات مُسيّرة استهدفت الأولى مطار «رامون» في منطقة إيلات بطائرتين مُسيّرتين، وطاولت الثانية هدفاً حيوياً في منطقة تل أبيب بطائرة مُسيّرة نوع «يافا». وقال إن قواته نفّذت عملية عسكرية نوعية استهدفت حاملة الطائرات الأمريكية «هاري ترومان» وعدداً من القطع الحربية التابعة لها شمال البحر الأحمر، بصاروخ باليستي وعدد من الطائرات المُسيّرة، مشيراً إلى سقوط طائرة أمريكية «إف 18»، هي الثانية في غضون أسبوع، بسبب حالة الإرباك والذعر التي وصل إليه العدو أثناء عملية الاستهداف التي حصلت «قبل إعلانه وقف عدوانه على بلدنا».

وكان الإعلام العبري أكّد أن هجوماً صاروخياً يمنياً استهدف إسرائيل، بعدما أعلن جيش الاحتلال في وقت سابق، أمس، اعتراضه طائرة مُسيّرة قادمة من اليمن.

وقالت مصادر عسكرية مطّلعة، لـ"الأخبار"، إن الهجمات اليمنية التي تحدّث عنها العدو ليست لها علاقة بالرد اليمني على الاعتداء الإسرائيلي الأخير، وتأتي تنفيذاً لقرار الحظر الجوي الذي أعلنت صنعاء فرضه على مطارات الكيان. وأضافت المصادر أن الرد على الجرائم التي طاولت الأعيان المدنية والبنى التحتية سيكون أقوى وأكبر.

ويترقّب الشارع اليمني رداً موازياً على العدوان الذي أدّى إلى إخراج مطار صنعاء الدولي عن الخدمة، واستهدف معظم مرافقه، ودمّر عدداً من الطائرات المدنية التي كانت رابضة فيه، ما دفع بإدارته إلى الإعلان، أمس، عن تعليق جميع الرحلات الجوية منه وإليه حتى إشعار آخر.

وأكّد المدير العام للمطار، خالد الشايف، في تصريح صحافي، أن الغارات الإسرائيلية أدّت إلى دمار كبير في مرافق المنشأة، مشيراً إلى أن العدو استخدم نوعين من الصواريخ ذات التدمير الشديد، متعمّداً استهداف المدرج بأربعة صواريخ، فضلاً عن تدمير الصالات بكل ما تحتويه من أجهزة ومعدّات، وتسوية مبنى التموين بالكامل بالأرض. وقال الشايف إن شركة الخطوط الجوية اليمنية خسرت ثلاث طائرات، ولم يبق لها إلا طائرة واحدة كانت في عمّان، وهو ما أدّى إلى حرمان الآلاف من المرضى من السفر إلى الخارج، وتسبّب بأزمة جديدة للمئات من اليمنيين. وقدّر الشايف الخسائر والأضرار الناتجة من العدوان بنحو 500 مليون دولار، لافتاً إلى أن إعادة تأهيل المطار وعودته إلى العمل تحتاجان إلى وقت طويل.

وفي حين بلغت خسائر قطاع الكهرباء ملايين الدولارات نتيجة القصف الإسرائيلي الذي طاول محطات كهرباء صنعاء للمرة الثالثة في أقل من عام، قالت مصادر مطّلعة في العاصمة إن «المؤسسة العامة للكهرباء» تمكّنت من إعادة تشغيل محطة ذهبان لتوليد الطاقة، وإنها تعمل على إعادة التيار الكهربائي إلى ما كان عليه قبل العدوان. وفي الوقت نفسه، أكّد وزير النقل في حكومة صنعاء، محمد عياش قحيم، عودة ميناء الحديدة إلى العمل، وذلك بعد ساعات من الهجوم الإسرائيلي عليه.

وتأتي محاولات حكومة صنعاء إعادة تشغيل المرافق التي تعرّضت للقصف في إطار مساعيها للحد من أي تداعيات إنسانية جراء العدوان. وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار»، من مصادر محلية في مدينة الحديدة، أن ميناء رأس عيسى عاد إلى الخدمة، وبدأ عدد من سفن الوقود المتواجدة في غاطسه بتفريغ شحناتها، وذلك بعد ساعات من إعلان وزارة الخارجية العمانية، مساء أول أمس، توصلها إلى اتفاق بين صنعاء وواشنطن، قضى بعدم اعتراض كل طرف لسفن الآخر وإمداداته، وهو ما سيؤدي إلى انفراجة كبيرة في الأسواق اليمنية التي عاشت حالة اختناق نتيجة نقص الوقود خلال اليومين الماضيين.

ووفق المصدر، فإن 15 سفينة تحمل منتجات نفطية وغازاً منزلياً تتواجد في غاطس الميناء، وبدأت بتفريغ حمولاتها بعد أن حال الاستهداف الأمريكي للميناء دون التفريغ أو المغادرة. واعتبر المصدر هذا التطور إنجازاً كبيراً لليمنيين كافة، خاصة أن الاتفاق المعلن تضمّن بنوداً تحمي إمدادات صنعاء إلى موانئ الحديدة من أي ابتزاز خارجي.

وكانت حركة» أنصار الله» أكّدت على لسان المتحدث باسمها، محمد عبد السلام، أن الاتفاق الذي جرى بين صنعاء وواشنطن بعد مفاوضات استمرت لأسابيع، «جاء بطلب أمريكي، وأن تنفيذه هو ضمان استمراره، وسيكون الرد على أي اختراق وفقاً لقاعدة إن عدتم عدنا»، علماً أن الاتفاق محدّد بعدم التصعيد بين صنعاء وواشنطن ولا يشمل قرار حظر مرور السفن الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي، ومنع وصول أي سفن تجارية أمريكية عبر البحر الأحمر إلى ميناء ام الرشراش المحتل المسمى إسرائيليا إيلات.

وفيما كان القرار محل ترحيب شعبي في الأوساط اليمنية، فإن المرتزقة المواليين للتحالف السعودي الإماراتي اعتبروه بمثابة انتكاسة لها. وعلى مدى الساعات الماضية، تصاعدت دعوات الناشطين التابعين للمرتزقة إلى تحريك الجبهات وتفجير الأوضاع، باعتبار اتفاق واشنطن وصنعاء اعترافاً دولياً بقوة إنصار الله وإفشالاً متعمّداً لهم.


* المادة نقلت من الأخبار اللبنانية بتصرف