استكانة قادة: قصة الخيانة والتضليل
السياسية || هاشم أحمد شرف الدين*
- قرابة العامين، وهم ينظرون إلى أطفال ونساء غزة، يُذبحون أمام أعينهم وأعين العالم، ولم يحركوا ساكناً. رأوا القدس تُهَوَّد، والأقصى يُدَنَّس، ولم يجرؤوا على النطق بكلمة.
- لقد بلغ بهم الهوان مبلغاً عظيماً، إذ لم يعودوا مجرد منبطحين - بالوجه والبطن - على أعتاب البيت الأبيض، بل صاروا في حالة استكانة كاملة. لم يعد الأمر مجرد خضوعٍ سياسي أو تنازلٍ تكتيكي، بل هو استسلام تام، وتفريط بالكرامة، وبيع للذمم بثمن بخس.
- لقد استكانوا يا قوم، استكانوا حتى النخاع، ورضوا بالعيش في هذا المستنقع الآسن، إلى أبد الآبدين. لم يعد لهم من الأمر شيئ، ولم يبقَ لهم إلا الذل والهوان، فقد أسلموا أمتهم إلى أعدائها، وصاروا عبيداً لهم، وباتوا أضحوكة الأمم، ومسخرة التاريخ.
- ومع كل هذا، يأتي الأمريكي ليكذب علينا ويقلب الموازين، فيصوّر أولئك الحكام العرب المستكينين أنهم الأكثر حرصاً على المصلحة العربية، ويصوّرهم كمدافعين عن العرب، بينما هم في الواقع عبيدٌ له، يبيعون كرامة الأمة.
- وفي هذا السياق، لا يمكن أن يُغفل عن دور معظم الإعلام العربي في هذا التضليل، فبدلاً من أن يشيد جسوراً بين الشعوب والحقائق، أقام جسوراً بينها والأكاذيب. فمثلاً، يُظهر لنا الإعلام العربي صوراً لحكّامٍ عرب وهم يبتسمون مع قادة امريكيين وإسرائيليين، ويقيمون حفلات الاستقبال ذات الحفاوة لهم، في حين أنهم في الواقع يبيعون بلادهم وشعوبهم. ومقابل البقاء على كراسي الحكم، يقدّمون لأمريكا ثروات الأمة وأموالها وإمكانياتها، ويحرمون الأمة منها.
- ولكننا نؤمن بأن ثمّةَ إعلامٍ عربي صادق، يمكن أن يؤدي دوراً فيصحح هذا الوضع، ويكشف الحقائق عن الاستكانة والخيانة، ويفضح من باعوا الشعوب العربية، ويضغط عليهم للرجوع إلى مصلحة الأمة. إعلام يهتم بحقوق الشعوب العربية، ويُشعِرها بالمسؤولية، ويجعلها تفهم أن مصلحتها لا تتوافق مع مصلحة من باعوها.
- هناك كثير من وقائع الخيانة التي يجب أن تُكشف، وهناك كثير من صور العمالة التي يجب أن تُفضح، وهناك كثير من الحقائق يجب أن تتاح للرأي العام العربي. ونحن نأمل أن يأخذ هذا الإعلام العربي دوره، ليس فقط في الكشف عنها، ولكن في توعية واستنهاض الشعوب العربية، لجعلها قويةً لا تُهزم، ولا تُباع، ولا تُستعبد.
• وزير الاعلام في حكومة التغيير والبناء
• المقال يعبر عن رأي الكاتب