سورية ضاعت بعد السيد حسن
السياسية || محمد محسن الجوهري*
الحقيقة التي تجاهلها الجميع، هي أن السيد حسن نصر الله كان الحامي للبنان ولسورية في آن واحد، وأن نتائج استشهاده لا تزال تعصف بالمشهد السوري أضعاف تلك التي تخص المشهد اللبناني، فالحرية المنشودة تبخرت وتبخر معها الأمان الاقتصادي بشكلٍ كامل، واتت سورية على وشك التشظي إلى دويلات طائفية صغيرة، بينما زعيمها التكفيري مشغول بتقديم التنازلات لواشنطن وتل أبيب على أمل إبقائه لأطول فترة ممكنة في السلطة.
وكما أن التكفيريين فاشلون دوماً في صناعة الدول، فإن فشلهم في سورية يكرر مشهد الفشل الذريع للإخوان في مصر واليمن، والمستفيد الأول من هذا الفشل هو الكيان الصهيوني، وكذلك الأنظمة القمعية التي عززت قبضتها على الشعوب العربية، والتي بدورها تخشى من مصير مشابه للشعب السوري وثورته الفاشلة هناك.
ولهذه الأسباب كان حزب الله حاضراً في سورية منذ العام 2013 لمنع حدوث الانهيار الكبير في البلاد وتجنيبها الانحدار نحو الهاوية ومستنقع التطبيع والعمالة، والذي تعيشه اليوم بكل أشكاله، فالنموذج الحاصل في سورية كان آخر ما يحلم به المواطن العربي، وكان السيد حسن الوحيد الذي أدرك الحقيقة وحاول منعها من الحدوث.
والأدهى من خطر التكفيريين على سورية بعد السقوط، هو موقفهم العلني من الكيان الصهيوني ودعمهم المباشر له بدوافع قد تكون عقائدية أكثر من كونها سياسية، وتأثير ذلك على القضية الفلسطينية، حيث خسرت أهم داعم رئيسي للشعب الفلسطيني ولولاه ما وصلت قطعة سلاح واحدة للضفة والقطاع، ويمثل بقاء الوضع الحالي قائما في سورية عداءً مباشراً للشعب الفلسطيني وعامل قوة للعدو الصهيوني الذي وسِّع من احتلاله للأراض السورية وصارت مخابراته تتجول في كامل البلاد برفقة مسلحين سوريين وأجانب مدعومين من قطر وتركيا.
إن ما يحدث في سورية ليس مجرد صراع داخلي، بل هو فصل مؤلم في مسلسل استهداف القضية الفلسطينية. إن إضعاف دمشق وتقسيمها وتمكين قوى معادية للمقاومة على أراضيها يخدم بشكل مباشر المشروع الصهيوني. لقد خسرت فلسطين حليفًا استراتيجيًا مهمًا، وتحولت ساحة كانت يومًا داعمة إلى ساحة رخوة يستغلها العدو لتعزيز نفوذه وتهديد أمن المنطقة بأسرها.
كما أن حضور حزب الله في سورية كان محاولة صادقة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولمنع البلاد من السقوط في الهاوية التي تتخبط فيها اليوم. لقد كان السيد حسن نصر الله الوحيد الذي أدرك عمق المأساة وحاول بكل قوته الحيلولة دون وقوعها. ولكن للأسف، كانت قوى الشر والتقسيم أقوى، والنتيجة هي هذا الواقع المرير الذي يعيشه الشعب السوري والذي يمثل وصمة عار على جبين الإنسانية. إن ما آلت إليه الأمور في سورية يثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن غياب الرؤية الحكيمة والقيادة الشجاعة كان له ثمن باهظ دفع ثمنه الشعب السوري وحده.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب