قصة هروب "ترومان" من اليمن
السياسية : تقرير || صادق سريع*
"بعد تلقي ضربات قوية من الصواريخ اليمنية وخسارة ثلاث مقاتلات "سوبر هورنت"، أخيرًا عادت حاملة الطائرات الأمريكية 'هاري ترومان' إلى الوطن"، هكذا عنونت صحيفة "إيكونوميك تايمز" الهندية تقرير مخاطر "ترومان" في البحر الأحمر.
واعتبرت قصة رحلتها المضطربة بفعل هجمات الصواريخ اليمنية والحوادث المرورية المأساوية التي تعرضت لها، من فشل كوابل الإيقاف إلى روايات انزلاق الطائرات النفاثة من سطحها، بعد أن تحوّلت مهمتها في البحر الأحمر إلى واحدة من أصعب المهمات العسكرية للقوات البحرية الأمريكية في التاريخ الحديث، بمثابة اختبار للطاقم والقيادة.
وأكدت فشل هدف إدارة ترامب من نشر "ترومان" في تنفيذ عملية "راف رايدر" للعدوان على اليمن بالقصف والغارات الجوية، في محاولة الضغط العسكري على اليمنيين لوقف هجماتهم المساندة لغزة على سفن "إسرائيل" في البحر الأحمر.
وشنت الولايات المتحدة العدوان على المناطق الحُرة في حكومة، صنعاء في 15 مارس الماضي، باسم عملية "الفارس الخشن"، بما يقارب من 1,500 غارة جوية لمدة 53 يومًا، أدّت إلى استشهاد أكثر من 280 مدنيًّا، وإصابة أكثر من 650 آخرين.
العودة المذلّة
وقالت "إيكونوميك": "انتهت مهمة الحاملة 'هاري ترومان' في البحر الأحمر، وعادت إلى موطنها في 'نورفولك' بولاية 'فرجينيا' الأمريكية بعد مهمة طويلة وصعبة في مواجهة القوات اليمنية، أفقدتها هيبتها وخسارة ثلاث طائرات مقاتلة أسرع من الصوت طراز 'إف-18'".
وأضافت: "بعد أشهر من الانتشار واستهداف صواريخ ومسيَّرات صنعاء، تحوّلت أخبار 'هاري ترومان- إلى كارثة أثارت مخاوف أمنية خطيرة أثناء المهمة المليئة بالنكسات في البحر الأحمر".
وتابعت: "بعد عودة 'ترومان' إلى نورفولك، يُرجّح أن تخضع لمراجعة شاملة لانتشارها، بما في ذلك التحقيق في حوادث الاصطدامات، وخسائر انزلاق الطائرات، وإعادة النظر في القرارات التشغيلية، وتحسين بروتوكولات السلامة".
وتحدِّيات الوجود العسكري
وماذا أيضًا؟ "حاملة 'كارل فينسون' ستبقى وحيدة في المنطقة، وقد جُهزت بمقاتلات الشبح 'F-35C'، وهي الطائرات الأحدث والأكثر تطورًا المُصممة لعمليات حاملات الطائرات، مما قد يؤثر على قرارات نشر حاملات الطائرات في المستقبل".
المؤكد وفق العقيدة الحربية لخبراء "إيكونوميك تايمز":"إن آثار الوضع المضطرب لحاملة 'ترومان' ستمتد على المدى الطويل، فخسارة ثلاث طائرات كلفة كل واحدة 67 مليون دولار، بالإضافة إلى خسائر الأضرار التي لحقت بها بمقدار 6 مليارات دولار، تُثير مخاوف بشأن الجاهزية التشغيلية والسلامة البحرية، ما يصعّب مهامها في الحفاظ على الوجود العسكري في ظل تحديات المياه المعرضة للصراعات مثل البحر الأحمر".
.. والنهاية المأساوية لرمز القوة
في السياق، وصفت سردية التحليل العسكري للكاتب السياسي مايكل نايتس، في مستهل تحليله بصحيفة "ذا هيل" الأمريكية، اتفاق وقف إطلاق النار بين صنعاء وواشنطن، الذي أنهى العدوان العسكري الذي شنته إدارة الرئيس دونالد ترامب على صنعاء، بالنهاية المأساوية.
وقال: "اليمنيون لم يستسلموا لضغط العدوان العسكري الأمريكي بالغارات الجوية، ما أجبر واشنطن على البحث عن مخرج يحفظ ماء وجهها، بعد أكثر من ألف و200 غارة جوية، وخسائر بأكثر من مليار دولار، وفقدان عدد من الطائرات المقاتلة والمسيّرة دون جدوى".
وأضاف متسائلًا: "ما جدوى خسارة واشنطن مليارات الدولارات وعدد من المسيّرات والمقاتلات طراز 'F/A-18 سوبر هورنت' عبثاً، في حملة سبّبت انقسامًا داخل إدارة ترامب وأظهرت أمريكا كقوة ضعيفة أمام خصم صغير مثل اليمن مقارنة بالصين وروسيا؟".
الصحيفة أكدت أن الولايات المتحدة كانت تبحث، منذ البداية، عن مخرج من اليمن، في حال عاد اليمنيون إلى وضع ما قبل عدوان مارس، وهو ما تحقق فعليًا، وقد اعتبروا الاتفاق انتصاراً سياسيّاً وعسكريًّا لهم.
خلاصة فصول قصة النهاية المأساوية لرمز قوة أمريكا في اليمن (حاملات الطائرات) في سردية "ذا هيل"، أن واشنطن أنقذت نفسها من مستنقع اليمن الباهظ الثمن بإتفاق وقف عدوانها في ظل إحتياجها إستراتيجية أكثر ذكاءً تحتوي تهديد صنعاء، لتأمين مصالحها في المنطقة دون التورط مجدداً في مواجهة مباشرة.
.. وحصيلة فاتورة الخسائر
يُشار إلى أن قوات صنعاء استهدفت منذ نوفمبر 2023، أكثر من 240 قِطعة بحريّة تجارية وحربية للعدو الأمريكي والبريطاني و"الإسرائيلي"، وأطلقت أكثر من 1,200 صاروخ ومسيّرة إلى عُمق الكيان، إسنادًا لغزة.
وأسقطت ثلاث طائرات نوع "F-18"، و26 طائرة أمريكية نوع "MQ-9" فوق أجواء اليمن؛ 22 طائرة في معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدّس" نصرة لغزة، وأربع خلال العدوان الأمريكي السعودي، الذي استمر ثماني سنوات، وبدأ في مارس 2015.