السياسية:
محمد محسن الجوهري*


في ظاهرة جريئة، خرج نشطاء سعوديون ينادون بالخروج على نظام محمد بن سلمان، بعدما تجاوز كل الحدود الدينية والأخلاقية. ولم تكن زيارة ترامب الأخيرة، التي حصد فيها تريليون دولار من أموال الشعب، إلا حلقة من حلقات الفساد والاستغلال، سبقها استهزاء بالدين في بلاد الحرمين، وإباحة كل المحرمات. كل ذلك يعزّز الأصوات المنادية بتحرير البلاد من ظلم آل سعود وطغيانهم.

الحملة التي بدأت على مواقع التواصل الاجتماعي، رافقتها دعوات مماثلة كُتبت على الجدران في الشوارع، في تأكيد على أن الحراك من الداخل، خلافًا لما يروّجه الإعلام السعودي، من أنه تحرك لنشطاء من جنسيات مختلفة، يجمعهم الحقد على بلاد الحرمين، بحسب الخطاب الرسمي لآل سعود.

ورغم أن الحملة لا تزال في بدايتها، وأن عدد الملثمين يُقدَّر بالعشرات، إلا أنها قوبلت بردة فعل كبيرة داخل السعودية، لم تقتصر على وسائل الإعلام التي بادرت بالتخوين وتوزيع الاتهامات على قطر وتنظيم الإخوان الموالين لها، بل رافقتها أيضًا حملات قمع كبرى، وحالة من الهلع، وانتشار أمني واسع في معظم مدن المملكة. كما سارع مشايخ الوهابية إلى إصدار فتاوى تُحرّم الخروج على النظام السعودي، باعتباره فتنة وردة عن الدين.

ومن الناحية الأخلاقية، فإن الثورة على آل سعود فريضة واجبة، كوجوب الصلاة والصيام، إذ إن فساد الأسرة الحاكمة لا يقتصر على الظلم والاستبداد ونهب ثروات الشعب، بل تعدّى ذلك إلى تحللهم من حدود الشرع، وتحريفهم للمفاهيم الدينية، وإجبار الأمة على اعتناق أفكار لا تمتّ إلى الإسلام بصلة، وإعدام كل من يخالفهم، ولو في رأي سياسي. لقد باتت المملكة أشبه بسجنٍ كبير، محكومٌ على ساكنيه بالإعدام، وهم بانتظار تنفيذ الحكم.

وبالمقابل، فإن من واجب الأمة الإسلامية جمعاء أن تساند أي عملٍ ثوري في بلاد الحرمين، إذ إن نظام آل سعود يتآمر على قضايا الأمة، وعلى رأسها فلسطين، ويموّل العنف والإرهاب في عدد من الدول، منها اليمن. أما أوضاع المسلمين في الداخل، فهي مزرية، ويتعامل معهم الأمن السعودي كما لو كانوا عبيدًا لدى الأسرة الحاكمة. ومن الواجب الشرعي والإنساني أن يساند المسلمون الأحرار الثوارَ في بلاد الحرمين، لما في ذلك من عزٍّ للأمة، وضررٍ كبير لأعدائها، وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني المؤقت.

ولا ننسى حجم الإجرام الذي يمارسه آل سعود بحقّ ضيوف بيت الله الحرام، وكيف يسومونهم سوء العذاب، ويجعلون من زيارتهم لبيت الله عقوبة كبرى، في تخطيط ممنهج لتفريغ الحج من مضامينه الدينية، وعلى رأسها الدعوة إلى الوحدة الإسلامية، التي يخشاها آل سعود كما يخشاها أسيادهم من أعداء الإسلام.

ولذلك فإن ما يحدث اليوم في بلاد الحرمين ليس مجرد حراك عابر، بل هو يقظة شعبية بدأت تتشكل من رحم المعاناة، وصرخة كرامة في وجه نظام باع الدين والدنيا في سوق المصالح، فثورة الملثمين ليست نهاية الطريق، بل بدايته، وهي نداء لكل من بقي فيه نبض حر، أن يقف في صف الأمة لا في صف من خانوها، في صف المظلوم لا في صف الجلاد.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب