أحمد اليحمدي *

الأمة تعيش أزمة تحديد أولوياتها على المستوى المجتمعي والسياسي والاعلامي وحتى الأمني..... تعقد القمم واللقاءات الواحدة تتبعها الأخرى ... تحت عناوين ليست ذات أولوية تعقد لتوقيع الاتفاقيات التجارية وخاصة صفقات شراء الأسلحة والعتاد المكدس في مخازن التصنيع الحربي للدول التي تدعم نهاراً جهاراً عدو الأمة الكيان الصهيوني.

تنقل تلك الأسلحة وقطع غيارها إلى مخازن الدول الإسلامية وبالأخص العربية منها وبذلك تكون خسائر تلك الدول تم تعويضها من خلال هذه الصفقات وكذا إفراغ مساحات شاسعة من المخازن وتبعاتها .. من توفير الأمان لهذه المواد بحيث يتم تعويضها من خلال قيمة (الفواتير ) التي تدفع للشركات والدول المصنعة لتبقى المواد مكدسة في قواعدها بدولنا حتى إصدار أمر التخلص منها بطلعات جوية يتم قصف مواقع المخازن التي تم رصد إحداثيات لها وتثبيتها لدى العدو منذ مرحلة إيصال تلك المواد إلى الدولة المستوردة بعد أن تضمن اتفاقيات البيع بين دولنا وتلك الدول بنداً خاصاً بمنع نقل أو استخدام تلك المشتريات أو نقلها لأي دولة أخرى إلا بموافقة الدولة المصنعة؛ وكأن المواد هي أمانة لدى مالكيها حتى إشعار آخر وغالباً ما يكون يوم نهاية عمرها الافتراضي ووجوب التخلص منها هو آخر يوم لتلك المواد… وخير مثال على ذلك ما وقعت من أحداث في سوريا بعد سقوط النظام ... دولنا تعيش الذل والهوان وشعوبها مقهورة ولكن لاحياة لمن تنادي.

الأهم من ذلك كله ما هي أولويات الأمة غزة تباد، صنعاء تقصف، طائراتها المدنية تحترق… وقممنا تقدم ( الترليونات ) والهدايا من الاتفاقيات الكبرى والتي ستبقى دولنا تفي ببنودها إلى ما بعد مائة عام منذ توقيعها بحيث تكبل بها الأجيال القادمة مطبقة بذلك مقولة (أمة تلعن أختها ).

*غزة* تباد ومواد الإغاثة حالها حال المواد العسكرية مخزنة لأكثر من ١٨ شهراً في آلاف الشاحنات المتوقفة عند حدود غزة وتنتهي صلاحيتها ويتم التخلص منها بعد أن تضاعفت تكلفتها عشرات المرات والدول المانحة تعلم بذلك ولكن لاتستطيع أن ( تتكلم)..أصبحنا أمة مغلوب على حالها أموالها تهدر .. شعوبها تباد والكل يتفرج والساسة يقدمون الهدايا من قطرة نفط في مجسم هدية حتى طائرات رئاسية يعني قصور تحلق في السماء ..... قيمة الطائرة الواحدة تصل قيمتها مليار دولار، تعيد بناء مطار صنعاء وشراء 10 طائرات نقل ركاب حديثة.

الجميع يرى أمامه الخراب الذي لحق بغزة وكل فلسطين ولبنان واليمن وسوريا ويتم إنشاء صندوق لرصد الموازنات لإعادة إعمار هذه الدول وتأتي قمة بغداد بفتح باب المساعدات لغزة وسوريا بتبرع رمزي من دولة العراق يقدر ب 20 مليون لغزة و20 مليون دولار لسوريا وبقى باب المزايدة مفتوحاً دون أن تجرؤ دولة من الدول بالمساهمة في هذا الصندوق للأسف … وكأن هناك أولويات لدى الدول المجتمعة أكبر من غزة ودمشق… وللأسف الحضور من ضيوف القمة في الكراسي الخلفية من القاعة هم السبب في هذه المهزلة بحيث لا تستطيع دولة المساهمة دون أخذ الموافقة المسبقة على ذلك من المجموعة الخلفية للاجتماع.

يا لها من ويلات أصابت هذه الأمة بسبب انبطاح الساسة وأصحاب القرار فيها حتى باتت أمة المليارين إنسان وبليارات المليارات من الدولارات وأنهار من الثروات…والأمة تعيش ذليلة قرارات قممها( الشجبية والاستنكارية) التي إعتادت عليها شعوبها ... حتى على المستوى المعيشي للأسف مع كل هذه الإتفاقيات والهدايا وما تصرف من أموال على جامعتها العربية وغيرها ومراسم الاستضافة… تعيش الشعوب في أغلبها تحت معدل البساطة في حياتها ومعيشتها التي يفترض لها أن تكون في مستوى أبعد مما هي عليه بكثير.

وعليه فإن عودة أمتنا إلى أولوياتها بات أمراً ضروريا وعلى الساسة حمل ذلك على محمل الجد وإلا قادم الأيام تحمل الكثير …كما أن ثوابتها الإجتماعية تحتم عليهم عدم الإضرار باوطانهم إلا أن ذلك لا يعني أن يطمئن الساسة لهذا السكوت الذي لا يعني ضعفا فيهم بل وضع أولويات سلامة أوطانهم وشعوبها في المقدمة وعلى (أولياء الأمر) عدم الإعتماد على هذا السكوت .... فإن معظم النار من مستصغر الشرر.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب ـ كاتب ومفكر عماني ـ موقع عرب جورنال