السياسيّة: تقرير // صادق سريع

بينما العرب والمسلمون يفرحون بعيد الأضحى، يلبسون الجديد، وينحرون الأضاحي، ويأكلون اللحوم؛ يتساقط أهل غزّة كأوراق الخريف بسلاح التجويع والقتل، في حرب الإبادة التي تشنّها نازية آلة العدوان الصهيوني.

وهذا هو حال العِيد الحزين في غزّة؛ من خبر القصف العنيف، إلى قصص تطاير الأشلاء وتفحّم الجُثث، وأعداد الوفيات بالجوع، وصرخات الثكالى، وصوت البكاء المرير على الفقدى، في مأتم عزاء 55 ألف شهيد، وأكثر من 126 ألف جريح، في حضرة صمت الجبناء وخذلان العرب المتأسلمين.

من الرسائل؟ التي كتبها مقاومو غزّة إلى الأمّة: "غزّة تقاوم العدو وحدها في خنادق الجهاد، بصمود وثبات، عن شرف وكرامة الأمّة كلها، وترفع رأسها على أكتافها المتعبة، وتُدفن شهداءها بلا مواكب، بعزيمة لا تلين، وقوة إيمانيّة لا تفتر، وإرادة صلبة تنتصر على أعتى آلات القتل والدمار".

نُصرة غزّة فرضٌ لا تفضُّل، وواجبٌ لا خيار، ومن خذلها اليوم، سيُخذل غدًا. هبّوا لنصرة الحق، وقِفوا وقفة صدق؛ لتنقذوا ما تبقّى لكم من الشرف والكرامة، ومن لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، والتاريخ لا يرحم الجبناء.

إلى الأنظمة العربيّة وكل العرب: "شرف الوقوف والدفاع عن غزّة كرامة لا ينالها أمثالكم، يا أقذر وأنجس ما أنجبته العرب. فلا تسألوا عن العمائم واللحى، ولا عن المصلّين، ولا عن العُبّاد في المساجد، ولا المتشدّقين بالأوطان، والمتقنين فن الكلام، بل اسألوا عن أهل الشرف والمروءة والرجولة، في زمن غاب فيه الحياء وحضر فيه الخذلان".

غزّة تئنّ وتموت عطشًا وجوعًا بين أمّة تملك ثلث ثروات الأرض، ويمثّلها مليارا مسلم، كلّهم خذلوا غزّة بشربة ماء، وحبّة دواء، وكسرة خبز، بينما ضيوف الرحمن، بثياب الإحرام، يؤدّون شعائر الركن الخامس في الإسلام.

غزّة تعيش وحدها، تُقبر وحدها، وتنتصر وحدها، وتهدي النصر للأمّة كلّها؛ لتبثّ روح الأمل من تحت ركام الألم، وتُخبر العالم أنها لا تحتاج لمن يشفق عليها؛ لأنها تعرف أن النصر لا يهبه أحدٌ سوى الله.

وكتب ثائر غزّاوي في دفتر اليوميّات: "ستبقى غزّة عصًا في وجه الأباطرة والمستكبرين، التي كشفت ضعف غلمانهم الحاكمين، وستبتلع رمالها كلّ غزاتها، وستنبت أرضها من عظام شهدائها فرسانًا يسطرون الملاحم، يعيدون أمجاد الفاتحين".

وقال آخر: "لن نسقط أمام العدو 'الإسرائيلي'، ولن ننحني للأمريكي، هذه أرضنا نعرفها وتعرفنا، لن يموت أحرارها حتى لو أغلقت كلّ الأبواب وسُدّت كلّ الطرق، غزّة شرف الأمّة وفاضحة العملاء".

وغرد صوت النصر، المجاهد أبو عبيدة، قائلًا: "بينما يؤدي ضيوف الرحمن فريضة الحج في مكة؛ نحن نؤدي فريضة الجهاد في غزّة ضد أعداء الله المحتلين نيابة عن أمّة الإسلام، وقد انطلقت 'طوفان الأقصى' من أجل ثالث الحرمين، والحجّ فرصة لتذكير أمّة الملياري مسلم بحقيقة صراعنا مع العدو".

وكتب الثائر الشيخ أبو محمود غازي على مدونة التواصل، مخاطبًا العرب: "غزّة قد أعذرت إلى ربها، ودافعت عن مسرى نبيّها بلحمها الحي، فماذا عنكم؟ ومتى تستيقظون؟ ومتى تنهضون؟ ومتى تنتفضون؟ فالناس غاديان، وكلّ الناس يغدو، فبائع نفسه فمُعتقها أو موبقها!".

وأضاف متسائلًا: "إلى متى تستسلمون للعجز، كأنكم مسلوبو الإرادة وعديمو الحيلة؟ وإلى متى تركنون للظلم، كأنكم من فرط عجزكم تبادلونه التحية والإشادة؟ أعجزتم عن خلق النصر - وهو بحول الله - ورضيتم بمتاع الحياة الوفيرة، وسكّنتم وخز الضمير بالهروب، وتسربلتم سرابيل الهزيمة في أضيق الدروب، وعشتم صورة الإسلام لا الحقيقة، وعظّمتم الجهاد وخذلتم طريقه!!".

وهكذا تُنهي غزّة الكلام بنشوة الانتصار: "سيأتي اليوم الذي تُتلى فيه سورة القمر في محراب بيت المقدس، ويشهد العالم بأعينهم النصر العظيم، يوم تُكسر شوكة الجبابرة، وينتصر الحق، ويُرفع صوته من جديد على الباطل:{وما ذلك على الله بعزيز}".