ما تفعله صواريخ اليمن الليلية بـ"إسرائيل"!
السياسية : تقرير || صادق سريع*
هكذا قال خبير معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى مايك نايتس: "اليمنيون عنيدون للغاية وأقوياء للغاية، ولديهم إمدادات لا نهاية لها من المقاتلين، وقوة ترسانة صاروخية متطورة تمثل تهديداً حقيقياً على 'إسرائيل'".
وأضاف لمجلة "تايمز أوف إسرائيل": "إن التهديد، الذي يشكله اليمن على 'إسرائيل'، يتفاقم بسبب بُعد المسافة وغياب المعلومات الاستخباراتية، مما يحد من فعالية الضربات الجوية للأهداف المحتملة".
وتابع: "الجبهة اليمنية تشكّل تحدياً مختلفاً تماماً ومن الصعب القضاء على قياداتها، والأهم من ذلك أن اليمنيين يمتلكون الدافع الديني والإنساني كواجب، واستعداد لا مثيل له بالتضحية بالموت كشهداء من أجل القضية الفلسطينية".
وإذ أكد نايتس، صمود صنعاء أمام كل الضغوط العسكرية والاقتصادية، رأى أن أقصر الطرق والأكثر وضوحاً لوقف هجمات اليمن على 'إسرائيل' هي عبر وقف العدوان على غزة.
التهديد المستمر
وأكدت المجلة العِبرية ذاتها، إن الجبهة اليمنية تشكّل تحدياً مختلفاً عن بقية أعداء 'إسرائيل'، بعقيدتها الصارمة التي لا تقبل التراجع أمام الضغوط العسكرية، وقد أظهرت مقاومة عنيدة أمام عمليات الردع لقوى الغرب.
وعلّقت مجلة "نيوز ويك" الأمريكية على الهجمات اليمنية على الكيان، بالقول: "ما تزال القوات اليمنية تتحدى 'إسرائيل' بمواصلة الهجمات على مطار اللد الدولي، على الرغم من هجمات الأخيرة على ميناء الحديدة".
وأضافت: "'إسرائيل' تواجه حالياً تهديد اليمن وحيدة بعد توقيع الولايات المتحدة مع صنعاء اتفاق وقف إطلاق النار، الذي أوقف العدوان على اليمن وحيّد قوات واشنطن في إسناد يافا المحتلة".
.. والتدهور النفسي
وتحت عنوان "مرت عقود ولم نصبح أكثر أماناً"، شبهت صحيفة "شينخوا" الصينية، الحياة اليومية في 'إسرائيل' بالجحيم المسكون بشعور التوتر والانهيار النفسي، بعد أن تحولت كل صافرة إنذار في ذهنية المستوطنين الذين أسرهم الخوف إلى فضيحة لكذبة الأمن الزائف الذي تروّج له سلطة الكيان.
وهكذا قال مستوطن صهيوني يُدعى ديفيد كان يرتشف القهوة في مقهى بالقدس المحتلة للصحيفة: "صفارات الإنذار تعطينا ثلاث دقائق فقط لنتساءل: هل نركض، أم نكمل شرب القهوة؟ مرّت عقود ولم نصبح أكثر أماناً".
.. والحرب الليلية
في السياق، اعتبرت صحيفة "جيورزاليم بوست" العِبرية، هجمات اليمن الليلية من أخطر أدوات الحرب النفسية المتطورة التي تُسبب الإرهاق النفسي التراكمي، الذي يؤثر على الروتين اليومي والانسجام الاجتماعي في المجتمع الصهيوني.
وقالت: "تأثير الهجمات اليمنية لا يقتصر على المستوى الداخلي فقط، بل يمتد إلى الساحة الدولية، إذ تعتبر الهجمات الليلية رسائل إعلامية تهدف إلى جذب انتباه الصحافة العالمية، خاصة الوسائل الإعلامية المتحالفة مع 'إسرائيل'".
وأضافت: "إن هجمات الصواريخ اليمنية تقوّض العلاقة بين قيادة الكيان والمستوطنين، فشعور الأخيرين بالضعف يدفعهم إلى انتقاد الأولى، ما يزيد الضغط على الحكومة للرد بفعالية وسرعة".
"جيورزاليم بوست" اعتبرت الردود السريعة من قوات صنعاء على هجمات العدوان الأميركي و'الإسرائيلي' بمثابة رسالة مفادها أن اليمنيين لم يرتعدوا، ما يُظهر قدراتهم على الردع وتعزيز حضورهم كلاعب رئيسي في المنطقة.
وأكدت أن تعزيز شعور الأمن والحد من الإرهاق النفسي للمستوطنين يمثلان تحدياً كبيراً لـ'إسرائيل' في ظل الصراع المتصاعد، الذي تحوّل إلى معركة نفسية ودبلوماسية وأصبح جزءاً من الحياة اليومية داخل الكيان.
.. وانهيار الطيران والسياحة
وكشفت صحيفة "معاريف" العِبرية عن انهيار قطاع السياحة في 'إسرائيل' بشكل غير مسبوق، بانخفاض بنسبة 69% في عدد الزوّار خلال شهر مايو 2025، مقارنة بالعام 2023، بسبب تردي الوضع الأمني وعزوف شركات الطيران العالمية.
وفي تقرير آخر، كشفت الصحيفة ذاتها عن ارتفاع نسبة المستوطنين الفارين من الكيان إلى الخارج بسبب الضربات اليمنية، إلى 28% مقارنة بالعام الماضي، إذ بلغ عدد المغادرين 718 ألفا و300 مستوطن خلال شهر مايو الفائت.
وعزت ذلك إلى الأوضاع الأمنية المضطربة وتراجع ثقة شركات الطيران العالمية وإلغاء رحلاتها إلى مطار اللد بيافا المحتلة، ما فاقم من عزلة 'إسرائيل' على المستوى السياحي والاقتصادي.
وأكدت صحيفة كالكاليست العبرية، الارتفاع الحاد في أسعار تذاكر الطيران خلال موسم الصيف الحالي، نتيجة هجمات صواريخ صنعاء المساندة لغزة.
.. والإسناد المستمر
وأعلنت صنعاء، يوم الثلاثاء 10 مايو 2025، في بيان عسكري استهداف مطار اللد بصاروخين باليستيين؛ الأول فرط صوتي نوع فلسطين 2، والثاني نوع ذو الفقار، تجاوزا منظومات الاعتراض وأصابا المطار بشكل مباشر، وتسببا في وقف حركته وإجبار ملايين الصهاينة على الهروب إلى الملاجئ "بفضل الله".
وإذ أكدت القوات اليمنية استمرار الحظر الجوي، جدّدت تحذيرها لبقية شركات الشحن الجوي والبحري بسرعة وقف رحلاتها من وإلى مطار اللد، والتعامل مع ميناء حيفا الذي أصبح ضمن بنك الأهداف.
وتواصل قوات صنعاء فرض حظرها الجوي والبحري على "إسرائيل"، بالصواريخ والمسيّرات على مطار اللد الدولي وميناء حيفا، في ظل استمرار حصارها البحري على سفن الكيان في البحر الأحمر، الذي أدّى إلى إغلاق ميناء أم الرشراش بشكل كامل.
وقد أطلقت، في معركة إسناد غزة "الفتح الموعود والجهاد المقدّس" التي أعلنتها في نوفمبر 2023 نصرةً لغزة وإسناداً لمقاومتها ضد العدوان الصهيوني، أكثر من ألف ومئتي صاروخ ومسيّرة إلى عمق الكيان.