اليمن يفرض إرادته على القوى العالمية
السياسية : تقرير || صادق سريع*
"اتفاق أمريكا مع اليمن دون 'إسرائيل' يُؤكد أنه لا يمكن كسر اليمنيين بالقوة النارية، وأن استمرار العمل العسكري ضدهم سيُلحق الضرر بالمصالح والأمن القومي للولايات المتحدة"، هكذا قال موقع "إنرجي إنتليجنس".
وأضاف في تقرير بعنوان "مهمة مستحيلة: لماذا لا يمكن هزيمة اليمنيين في اليمن؟": "اليمنيون حاربوا أقوى جيوش العالم وفرضوا إرادتهم على الواقع الجيوسياسي العالمي، وخرجوا من الصراع مع أمريكا أقوى من أي وقت مضى، سواء من حيث الشرعية المحلية أو من المنظور الدولي".
وتابع، في التقرير الذي أعده الضابط السابق في استخبارات سلاح مشاة البحرية الأمريكية، سكوت ريتر: "أثبتت روح اليمنيين الراسخة أنها مشكلة مستعصية على الحل أمام الدول التي وجدت نفسها في مرمى إرادتهم في مقاومة الظلم، وأن محاولات إخضاعهم عسكريّاً أو سياسيّاً باتت أشبه بمهمة مستحيلة".
برأي ريتر، فإن جوهر صمود اليمنيين يرتكز على العقيدة الدينية، التي تقوم على مبدأ الوقوف ضد الظلم ورفض التبعية للخارج، ما يعكس طبيعة استقلالية قرارهم السياسي والعسكري، وقد ظهر ذلك بوضوح عندما قرروا استهداف السفن 'الإسرائيلية' في البحر الأحمر.
موقع "إنتليجنس" تطرق إلى فشل التحالف السعودي – الأمريكي في إخضاع اليمنيين منذ بدء العدوان على اليمن في 2015، وعلى الرغم من امتلاك دول تحالف العدوان ترسانة عسكرية متطورة وتقنيات متقدمة، فقد فشلت وأُجبرت الرياض على وقف عدوانها والتفاوض مع صنعاء.
وأشار إلى شن الولايات المتحدة وبريطانيا و'إسرائيل' عدوانًا جويًّا مباشراً بغارات جوية على اليمن منذ نهاية 2023، ضمن محاولات ردع اليمنيين، ومواجهات بحرية في البحر الأحمر مع القوات اليمنية المساندة لغزة، انتهى بالفشل، ما دفع الرئيس ترامب إلى طلب الاتفاق مع صنعاء بوساطة عُمانية، قضى بإعلانه في 6 مايو 2025 وقف العدوان الأمريكي الأخير على اليمن.
وأعتبر أن اتفاق صنعاء وواشنطن بدون وقف الهجمات اليمنية على 'إسرائيل' مؤشِّرٌ على إدراك الولايات المتحدة لصعوبة كسر إرادة اليمنيين عسكريًّا، وتعاظم مكانة قوات صنعاء في المنطقة.
والمؤكّد، في عقيدة خبرائه، أن اليمنيين خرجوا من المواجهة الأخيرة مع قوات واشنطن أكثر قوة وصلابة، وأثبتوا قدرتهم على تحييد أعتى آلة عسكرية في العالم، وفرضوا أنفسهم لاعبًا يصعب تجاوزه في المعادلة الجيوسياسية الإقليمية والدولية، معزَّزًا ذلك بـ"روح صلبة لا يمكن كسرها".
التحدي الأكبر لأمريكا
بدوره، أكد قائد القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، الجنرال مايكل كوريلا، أن اليمنيين يمثلون التحدي الأكبر للولايات المتحدة، بعد فشل عدوانها مع 'إسرائيل' في تدمير القدرات العسكرية للقوات اليمنية.
وأقرّ، في إحاطة أمام لجنة القوات المسلحة بالكونغرس الأمريكي، أن الولايات المتحدة و'إسرائيل' لم تنجحا في ردع أو القضاء على التهديد اليمني.
وأشار إلى أنه، وعلى الرغم من شنّ العدوان الأمريكي المكثف على اليمن، لا يزال اليمنيون مستمرين في إطلاق الصواريخ والمسيّرات على 'إسرائيل'، وحظر سفنها في البحر الأحمر.
الكابتن كوريلا، الذي يشغل منصب قائد الطراد الأمريكي الموجَّه "غيتيسبيرغ"، قال في تصريح سابق: "إن مهمة البحر الأحمر كانت مدهشة من نواحٍ كثيرة، تعلّمنا الكثير ولدينا الكثير لنشاركه مع الأسطول".
وأضاف: "لسنا متأكّدين مما يخبئه المستقبل، لكننا بحاجة إلى قسط من الراحة يشبه نوم الشتاء الطويل في منتصف الصيف".
إعادة تعريف المفاهيم البحرية
بدوره، أكد معهد الدراسات البحرية الصيني، في مقال بمجلة "البحرية اليوم" العسكرية بعنوان "دروس وأفكار من صراع السيطرة على البحر الأحمر" قائلا: "إن القوات المسلحة اليمنية أعادت تعريف مفاهيم السيطرة البحرية باستخدام أحدث الأساليب القتالية وتقنيات الطائرات المسيّرة والصواريخ المضادة للسفن في مواجهة القوى البحرية الكبرى، لفرض السيطرة البحرية في البحر الأحمر".
وأضاف: "أن تجربة القوات اليمنية كشفت عن نقاط ضعف هيكلية في السفن السطحية، التي يسهل تتبعها عبر رادارات متقدمة بسبب مقطعها الراداري الكبير، حيث تكون قدرتها الدفاعية محدودة لصد الهجمات المتكررة لمسيرات اليمن زهيدة التكلفة وعالية التأثير".
يُشار إلى أن القوات المسلحة اليمنية - بفضل الله وتأييده - أسقطت ثلاث طائرات من نوع "F-18" تابعة لحاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان" في معارك البحر الأحمر، و26 طائرة أمريكية من طراز "MQ-9" في أجواء اليمن؛ 22 طائرة منها في معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدّس" نصرةً لغزة، وأربع خلال العدوان الأمريكي - السعودي الذي بدأ في 26 مارس 2015 واستمر ثماني سنوات.
وقد استهدفت، منذ نوفمبر 2023، أكثر من 240 قطعة بحرية تجارية وحربية تابعة للعدو الأمريكي والبريطاني و"الإسرائيلي"، وأطلقت أكثر من 1,200 صاروخ ومسيّرة إلى عُمق الكيان، إسنادًا لغزة.