السياســـية || صادق سريع*

تمكنت دول الاستعمار الغربي من غرس الكيان الصهيوني في قلب الأمة العربية، كقاعدة عسكرية دفاعية وهجومية وجيوسياسيّة وديمغرافيّة، لقمع الأنظمة العربية والأصوات المناهضة للاحتلال والوجود الصهيونيّ والغربي في المنطقة.

ونجحت أيضاً بتدجين أغلب العقول العربية من النُخب المثقفة والعامة بأعداد كبيرة، لتقدِّم لها خدمات جليلة تصبّ في توجيه وإقناع الرأي العربي بأن لا هدف للمشاريع الصهيونيّة في المنطقة غير حماية الأنظمة والشعوب والثروات العربية من خطر دول محور المقاومة العربية، وخطر إيران على وجه الخصوص.

وقد أصبحت مِنصات الإعلام والتواصل الاجتماعي، أبواقاً إعلامية تعج بحسابات نُخب مرتزقة العرب، وظيفتها الأساسية نقل رسائل سرديّات الروايات الغربيّة – الصهيونيّة لغزو عقليات المجتمعات العربية، مفادها أن إيران وجبهات المقاومة العربية هي الخطر القادم على الأنظمة والشعوب العربية، بينما "إسرائيل" هي حمامة السلام والمنقذ التوراتيّ الذي منحه الرب للبشرية، خاصة البشر القاطنين في جغرافيات الدول العربية والإسلامية.

يتضح ذلك الدور المشؤوم لمرتزقة الإعلام في التبرير المستمر للعدوان الصهيونيّ وحرب الإبادة التي تُرتكب بحق سكان قطاع غزة، وأبلسة دور حركات المقاومة الفلسطينية في مقاومة الاحتلال بغزة في سبيل تحرير الأرض، وصون العرض، وتطهير المقدَّسات من دنس الصهيونيّة، واسترجاع الكرامة، ونيل الحرية والاستقلال.

ينظر جيش البعوض الإلكتروني المستعرب للغرب و"إسرائيل" على أن امتلاك إيران القنبلة النووية سيحوِّلها إلى قوة مسيطرة على الدول والأنظمة العربية التي ترتمي في حضن أمريكا وكيانها اللقيط، يقابله غضّ الطرف عن خطر امتلاك معبودتهم "إسرائيل" قرابة 90 قنبلة نووية، بإعتبارها الدولة العربية الـ23 التي وهبها القدر لحماية الشعوب العربية من خطر النفوذ الإيراني.

الحبكة التي يجيدها مرتزقة الصهيونية تتمثل في شيطنة دور إيران في دعم جبهات المقاومة العربية لمساعدة العرب المتعطشين للحرية للخروج من تحت الهيمنة الغربية، واستعادة الكرامة العربية، ووقف نهب ثروات الشعوب العربية من أنظمة الغرب الاستعماريّة.

وقد قالها مستشار فريق وزير الدفاع الأمريكي السابق، ديك تشيني، في الشرق الأوسط، ديفيد وارمرز:"من ضمن خطتنا في المنطقة لا بُد أن ننتبه للإعلام، لأن الإعلاميين من الشعوب، والشعوب كلهم ضد الساميّة حسب ما دائماً يذكرون، يعني الشعوب دائماً ضد أمريكا وإسرائيل".

وأضاف: "بالتالي لا بُد لنا من أن نجد إسطبلاً من الإعلاميين العرب يشبه سفينة نوح، الأحصنة في هذا الإسطبل وظيفتهم أن يقولوا دائماً إن سوريا وإيران هما المشكلة، حيث إن الحَمير هم من يصدقوننا أننا نريد الديمقراطية، أما حظيرة الخنازير الذين يقتاتون على فضلاتنا فمهمتهم، كلما أعددنا مؤامرة، أن يقولوا: أين هي المؤامرة!؟".

إن هاجس الخوف لدى السياسيين والعسكريين في أمريكا و"إسرائيل" ودول الغرب، وأنظمة ومرتزقة العرب الحلفاء لهم، من امتلاك إيران أو أي دولة عربية وإسلامية قنبلة نووية، يجعل قرارات أعداء طهران متهورة وخارجة عن المنطق السياسي، والعُرف القانوني، والمعاهدات الدولية.

حقيقة ذلك الخوف تعني أن امتلاك إيران قوة ردع نووية سيُجهض المشاريع الاستعماريّة الصهيو- غربيّة، أبرزها إعلان مشروع "إسرائيل الكبرى"، واستمرار هيمنة الغرب على القرار العربي، وثروات الدول العربية الغنيّة بالنفط، والأنظمة الأليفة، والشعوب الخاضعة؛ فتلك المغريات تعتبر في نظر الأطماع الغربيّة غنيمة الزمان التي تحققت بفضل خيانة العرب ودعوة المسيح واستجابة الرب.

*المقال يعبِّر عن رأي الكاتب