إيران انتصرت ... فكيف سيكون الصدى في سورية؟
جمال واكيم*
لا شك أن نتيجة الحرب التي شنتها "إسرائيل" والولايات المتحدة ضد إيران كانت في صالح الأخيرة، على الرغم من التضحيات والخسائر التي تكبدتها. فالأمور تقاس بتحقيق الهدف السياسي من الحرب، وهو ما لم تتمكن "تل أبيب" وواشنطن من تحقيقه. فالهدفان المعلنان للحرب والمتمثلان بوقف البرنامج النووي الإيراني والبرنامج الصاروخي لم يتحققا، بل إن ايران ازدادت تمسكًا بهما.
أما الهدف غير المعلن، والذي تمت الإشارة إليه في معرض خطابات الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو فقد كان إسقاط النظام، بل إسقاط الدولة الإيرانية، وهذا ما لم يتحقق أيضًا.
لا شك أن نتيجة الحرب سيكون لها تأثير في التوازنات الإقليمية وبالتالي الدولية. فصمود إيران منع "إسرائيل" من تحقيق حلمها بالسيطرة المطلقة على "الشرق الأوسط"، وإعادة تشكيل خريطته السياسية بما يتلاءم مع مصالحها. هذا بدوره منع الولايات المتحدة من السيطرة الكاملة على المنطقة، ومنعها من الانطلاق نحو وسط آسيا لضرب روسيا والصين في خاصرتهما الرخوة هناك. وبذلك فإن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على فرض هيمنتها المطلقة على العالم، ما سيدفع النظام الدولي للانتقال من نظام أحادي القطب إلى نظام متعدد الأقطاب.
وفقًا لقواعد التوازنات الدولية، فإن الأنظمة الإقليمية تشكل انعكاسًا لتوازن القوى الدولي. من هنا، فإن النظام الدولي المتعدد الأقطاب سينعكس نظامًا إقليميًّا متعدد الأقطاب في "الشرق الأوسط" لا تعود "إسرائيل" تلعب فيه دور القطب المهيمن. هذا سيثير شكوكًا حول إمكانية فرض نتنياهو رؤيته لشرق أوسط جديد تحت الهيمنة الإسرائيلية، تكون مقدمته تعميم الاتفاقات الإبراهيمية على مجمل الدول العربية، بما فيها لبنان وسورية اللذين شكلا آخر بلدين عربيين يحاربان المشروع الصهيوني.
في هذا الإطار يأتي الخبر الذي نشر في صحيفة "يديعوت أحرونوت" "الإسرائيلية"، والذي يفيد بأن هنالك اتصالات بين الحكومة الإسرائيلية ورئيس السلطة الانتقالية في دمشق أحمد الشرع لتطبيع العلاقات بين البلدين، على أن يتنازل الشرع عن الجولان في مقابل تقديم "إسرائيل" ضمانات لبقائه في الحكم في دمشق. كذلك، فإنه في هذا السياق يأتي الحديث الأميركي عن ضم لبنان إلى الاتفاقات الإبراهيمية.
لكن إذا كان من الأرجح ألا تمر المخططات "الإسرائيلية" فسيكون هنالك احتمال عرقلة مساعي التطبيع هذه بين بيروت ودمشق من جهة والكيان الصهيوني من جهة أخرى. يمكن أن نفهم في هذا السياق إعلان حزب الله رفضه أي حديث عن إمكانية التطبيع بين لبنان و"إسرائيل" وإصراره على الإعلان عن أن بيروت هي عاصمة الشهادة والمقاومة لا عاصمة التطبيع. ولا ينطلق موقف حزب الله، وغيره ممن يتمسكون بخيار المواجهة مع الكيان الصهيوني فقط من أسس مبدئية ترفض الاعتراف بالعدو والتعايش معه، بل إن هذا الموقف يستند إلى سوابق تاريخية كانت تفيد بأن أي حدث إقليمي كبير في "الشرق الأوسط" كان دائمًا ما يجد له صدى في سورية.
على سبيل المثال، في العام 1956، وبعدما حقق جمال عبد الناصر نصرًا كبيرًا على قوى العدوان الثلاثي أي بريطانيا وفرنسا و"إسرائيل" وإفشاله لمخططات الأحلاف الغربية، فإن نصره وجد صدى في سورية التي انهزم فيها الفريق المؤيد للأحلاف، ما فتح الباب أمام الوحدة المصرية السورية في ما اعتبر نصرًا كبيرًا لعبد الناصر وللقومية العربية. واليوم، فإن نصر إيران ستتردد تصداؤه في سورية التي يرجح ألا تبقى أسيرة لجماعة تكفيرية تطرح الدين وسيلة ترهيب لتمنع أي معارضة لتوجهاتها التطبيعية. ويبقى السؤال، كيف سيتم ذلك؟
* المقال يعبر عن رأي الكاتب ـ موقع العهد الاخباري