اليمن يغلق بوابة "إسرائيل" الجنوبية
السياسية : تقرير || صادق سريع*
فشلت كل محاولات "إسرائيل" في إخفاء خسائر الحصار البحري المفروض من القوات المسلحة اليمنية على سفنها والمرتبطة بها في البحر الأحمر، وهجمات الصواريخ الباليستية والمسيّرات على ميناء أم الرشراش وإلى عمق الكيان، إسناداً لغزة.
وها هي "إسرائيل" تُجبر على إغلاق البوابة الاقتصادية الجنوبية إلى الشرق، بإعلان إغلاق ميناء أم الرشراش، الذي أعلن رسمياً إفلاسه واستسلامه ووقف عملياته بالكامل، وإغلاق بواباته يوم الأحد القادم، حتى إشعار آخر من صنعاء، والذي لن يتحقق إلا بوقف العدوان على غزة.
إدارة الميناء قالت لصحيفة "كالكاليست" العبرية: "سلطة الكيان ترمينا كالكلاب، هذا أمر فظيع، إنه انتصار لليمنيين في هذه الحرب ضد الميناء واقتصاد 'إسرائيل".
وأضافت: "نحن غاضبون من قرار الإغلاق، خلال أيام الكورونا، وقد أنقذ الكيان شركات الأزياء والطيران واليوم تحقق ارباح بالملايين، لكن بالنسبة لبنية تحتية وطنية حيوية مثل ميناء أم الرشراش لا أحد مستعد لدفع شيكل واحد".
وعقب إعلان الميناء إغلاق أنشطته بشكل كامل، فرضت سلطة بلدية أم الرشراش حجزاً قضائياً على حساباته المصرفية والبنكية.
وقبلها، أعلنت هيئة الموانئ والملاحة الإسرائيلية أن الميناء سيوقف نشاطه بالكامل يوم الأحد القادم، قائلة: "إن نتائج إغلاق الميناء تتجاوز الربح والخسارة الاقتصادية، إذ يُعتبر الميناء من الأصول الوطنية الإستراتيجية، ويشكّل البوابة الجنوبية لـ'إسرائيل'".
وأعلن اليمن في نوفمبر 2023 إسناد غزة عسكريًا بمعركة "الفتح الموعود والجهاد المقدّس"، وفرضت قواته المسلحة حصاراً بحرياً على سفن "إسرائيل" والمملوكة لها والمرتبطة بها، في بحار: الأحمر، والعربي، والأبيض المتوسط، والمحيط الهندي، حتى رفع الحصار ووقف العدوان الصهيوني على غزة.
اليمن ينتصر على "إسرائيل" بإغلاق الميناء
بدوره، أكد موقع "واللا" العِبري انتصار اليمنيين على "إسرائيل"، بعد نجاح هجماتهم بالصواريخ والمسيّرات في إغلاق ميناء أم الرشراش بالكامل ابتداءً من الأسبوع المقبل.
وفق "واللا"، حتى لو أن إدارة الميناء أرادت من الإعلان الحصول على مساعدات من حكومة الكيان، فإن ذلك يُؤكد فشل "إسرائيل" في القضاء على التهديد اليمني أو الحدّ منه، كما يؤكد أيضًا عجزها عن الحفاظ على الميناء الوحيد الذي يمثل بوابتها الجنوبية إلى شرق الكرة الأرضية.
يقول عضو الكنيست الإسرائيلي عوديد فورر: "إن إغلاق ميناء أم الرشراش دليل على فقر الحكومة الإسرائيلية، وفشلها في إزالة التهديد الموجه لخطوط الشحن إلى أم الرشراش، مما يؤدي عمليًا إلى اختناق البوابة التجارية الجنوبية لـ'إسرائيل'".
ويضيف: "إن هذه خسارة إستراتيجية فادحة، ليس فقط لسكان أم الرشراش، بل أيضًا للأمن الاقتصادي الصهيوني وأمن النقل في 'إسرائيل' بأكملها".
وتستمر القوات اليمنية بفرض الحظر الجوي بالصواريخ والمسيّرات على مطار اللد الدولي وميناء حيفا في "إسرائيل"، والحصار البحري في البحر الأحمر على سفنها، وقد أدى إلى إغلاق ميناء أم الرشراش، وإغراق أربع سفن: "روبيمار" في 18 فبراير 2024، و"توتور" في 12 يونيو 2024، ثم "ماجيك سيز" في 8 يوليو 2025، والأخيرة "إيترنيتي سي" في 9 يوليو 2025.
.. ويقطع الشريان الحيوي على الكيان
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أقرَّ الرئيس السابق لهيئة الشحن والموانئ في الكيان، ييغال ماور، بتأثير الحصار البحري اليمني على اقتصاد "إسرائيل"، وصعوبة استئناف الملاحة التجارية الإسرائيلية في البحر الأحمر، في ظل استمرار الهجمات اليمنية العنيفة والأكثر دقة.
وقال: "كان خاطئاً من كان يعتقد أن اليمنيين سيتوقفون، وقد بددت هجماتهم الأخيرة هذا التصور، ووضعت 'إسرائيل' أمام واقع بحري غير آمن يصعب تجاوزه في المستقبل القريب".
وأضاف لصحيفة "دافار" العِبرية: "إن الهجومين الأخيرين على السفينتين، 'ماجيك سي' و'إيترنيتي سي' في البحر الأحمر، أظهرا أن اليمنيين لا يواصلون عملياتهم فحسب، بل ينفذونها بأساليب متطورة وصواريخ دقيقة، ويتطلب التصدي لهذا النوع من التهديد بأنظمة دفاع جوي لا يمكن تركيبها على كل سفينة تجارية."
وإذ أكد عدم قدرة قوات البحرية الأمريكية والأوروبية المتواجدة في المنطقة على تأمين البحر الأحمر، قال: "حتى واشنطن، التي كانت لعقود تمثل دور الشرطي البحري، تبدو أقل حضوراً الآن، وسط ضغوط متزايدة على ميزانيات الدفاع".
لماذا أعلن ميناء أم الرشراش الإغلاق الكامل؟
أرجع موقع "واللا" أسباب الإعلان الرسمي بالإغلاق الكلي للميناء إلى الحجز الذي فرضته سلطة بلدية أم الرشراش على حسابات الميناء المصرفية، بعد تراكم الديون عليه بمبالغ تُقدّر بملايين الشواكل، بفعل استمرار الحصار البحري والهجمات اليمنية على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر المساندة لغزة.
ماذا يعني إغلاق هذا الميناء الحيوي؟
حسب الرسالة التوضيحية للهيئة الوطنية للطوارئ الصهيونية، سيؤدي إغلاق الميناء إلى إيقاف السفن والقاطرات التابعة له، وتتوقف المساعدة لسلاح البحرية في منطقة البحر الأحمر، ويعطّل خط أنابيب آسيا - أوروبا الذي ينقل النفط الخام من أم الرشراش إلى عسقلان المحتلتين، وسيلحق الضرر بتصدير البوتاس من مصانع البحر الميت، التي لن يكون التصدير ممكناً منها إلا عبر ميناء أسدود المحتل.
ما أهمية الميناء الاقتصادية لـ"إسرائيل"؟
وفق حديث الرئيس السابق لهيئة الشحن والموانئ، ييغال ماور، يشكل الميناء الشريان الإستراتيجي والحيوي لـ"إسرائيل"، والبوابة الاقتصادية ونقطة الدخول الرئيسية للمركبات القادمة من آسيا، ولا سيما من كوريا الجنوبية واليابان والصين، وأن تعطّله أجبر "إسرائيل" على الاعتماد بشكل أكبر على طرق بديلة عبر أوروبا، ما ساهم في رفع تكاليف بعض المنتجات، مثل الأدوية والماشية الحية.
يُشار إلى أن القوات المسلحة اليمنية أطلقت، بفضل الله وتأييده، أكثر من 1,245 صاروخًا ومسيّرة إلى عمق الكيان، واستهدفت أكثر من 245 قطعة بحرية تجارية وحربية تابعة لأمريكا وبريطانيا و"إسرائيل"، في البحار: الأحمر، والعربي، والمحيط الهندي.
وأسقطت ثلاث طائرات من طراز "F-18" لحاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان"، و26 طائرة من طراز "MQ-9"، منها 22 في معركة إسناد غزة، وأربع خلال العدوان الأمريكي - السعودي، منذ 26 مارس 2015 وحتى 2023.