السياسية - وكالات:

رأت صحيفة "هآرتس" أن رئيس الحكومة "الإسرائيلية" بنيامين نتنياهو عمل، على مدار أكثر من عقد، بشكل منهجي على تقويض العلاقة مع الحزب الديمقراطي وناخبيه، بل سعى إلى كسرها بالكامل، بينما أسهم اليوم بشكل كبير في التحوّل الجاري داخل الرأي العام الجمهوري أيضًا، علمًا أنه منذ عام 1948، اعتُبر دعم "إسرائيل" محلّ إجماع بين الحزبين في الولايات المتحدة، وقد عبّر الرئيس جون كينيدي عن ذلك عام 1962، حين شبّه "العلاقة الخاصة مع "إسرائيل"" بتلك التي تجمع الولايات المتحدة ببريطانيا.

"هآرتس" أشارت إلى أن إحدى اللحظات المفصلية في تصدّع العلاقة بين "إسرائيل" والحزب الديمقراطي كانت خطاب نتنياهو أمام الكونغرس عام 2015، حين دُعي من قبل الجمهوريين لمهاجمة الاتفاق النووي الذي توصّلت إليه إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، موضحةً أن "هذا الخيار "الواعي" بحرق الجسور مع الحزب الديمقراطي زرع بذور القطيعة التي بدأت "إسرائيل" تحصدها في عملية "حارس الأسوار" (سيف القدس) عام 2021، حين كشفت سلسلة من الاستطلاعات أن دعم "إسرائيل" بين صفوف الديمقراطيين انخفض للمرة الأولى إلى ما دون 50%، ومنذ ذلك الحين، يشهد هذا الدعم تراجعًا متواصلًا".

وقالت إن استطلاعًا أجراه مركز "بيو" في آذار/مارس أظهر تراجعًا ملحوظًا في مكانة "إسرائيل" لدى عموم المستطلَعين في الولايات المتحدة، مضيفة أنه على الرغم من استمرار الأغلبية الجمهورية في دعمها، فإن التحوّل يبرز بوضوح عند النظر إلى الفئات العمرية دون الخمسين. ففي عام 2022، أظهر استطلاع مماثل أن 63٪ من الجمهوريين تحت سن الخمسين يحملون نظرة إيجابية تجاه "إسرائيل"، أما اليوم، فلا تتجاوز هذه النسبة 48٪، فيما قال 50٪ إن لديهم نظرة سلبية.

وتابعت الصحيفة: "عندما أعلن الرئيس الديمقراطي جو بايدن دعمه الصريح والواضح لـ "إسرائيل" و"حقها في الدفاع عن نفسها"، واجه انتقادات من داخل حزبه، فبايدن، على غرار نانسي بيلوسي وتشاك شومر، يُجسّد روح جيل "طفرة المواليد" (البايبي بومرز) - تُطلق هذه التسمية على الجيل الذي وُلد بعد نهاية الحرب العالمية الثانية في الولايات المتحدة - الذي رأى في "إسرائيل" ديمقراطية صغيرة وشجاعة تستحق الدعم. وقد وصفها بايدن بـ"المعجزة". أما دونالد ترامب، فليس مثاليًا ولا عاطفيًا في موقفه من "إسرائيل"، لكنّه هو الآخر ينتمي إلى الجيل ذاته، ويُرجّح أن يكون آخر رئيس أميركي من هذا الجيل. أما الجمهوريون الذين ينتظرون دورهم، فهم يحملون رؤية مختلفة تمامًا".

وأردفت: "بعد مرور عقد على دخول ترامب إلى الساحة السياسية في صيف 2015 وإعادة تشكيله لسياسة الحزب الجمهوري الخارجية، باتت حركة "MAGA" التي يتزعمها تشهد نقاشًا محتدمًا حول "إسرائيل"، ورغم أن هذا النقاش بدأ منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، فإن غالبية قادة الحركة حافظوا على موقف ضبابي. غير أن العام الماضي، ومع تصاعد الحرب في الشرق الأوسط، شهد تحولًا تدريجيًا، إذ بدأت الحركة الترامبية تتناول الملف "الإسرائيلي" بصراحة أكبر".

ولفتت "هآرتس" إلى دراسة أجرتها جامعة "نورث إيسترن" كشفت أن الفجوة الجيلية باتت السمة الأبرز في المواقف من "إسرائيل" منذ هجوم حماس في تشرين الأول/أكتوبر 2023. وقد قارنت الدراسة بين فئة الشباب (من 18 إلى 24 عامًا) وكبار السن (65 عامًا فما فوق)، وأظهرت أن 43٪ فقط من الجمهوريين الشباب يدعمون "إسرائيل"، مقابل 72٪ من الجمهوريين الأكبر سنًا. أما بين الديمقراطيين، فلا تتجاوز نسبة الدعم بين الشباب 36٪، مقارنة بـ 56٪ بين كبار السن.

وقالت إن صحيفة "واشنطن بوست" نشرت مؤخرًا تقريرًا عن شباب جمهوريين انجذبوا في البداية إلى الخطاب الانعزالي الذي طرحه ترامب، لكنّهم باتوا يمرّون الآن بمرحلة مراجعة لمواقفهم تجاه "إسرائيل"، إذ قال جوسايا نيومان، وهو طالب مسيحيى ورئيس الفرع الجمهوري في جامعة كزافييه بولاية أوهايو: "أن تكون من أنصار "أميركا أولًا" يعني أن تسبق النجوم والخطوط (علم أميركا)، نجمة داوود". وأضاف أنه زار "إسرائيل" في طفولته، وكان يعتقد بأنها "أرض الشعب المختار". لكن منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، صدمته مشاهد غزّة التي رآها على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة بعدما أدرك أن القنابل المستخدمة أميركية الصنع.

وتابع: "بدأت أُري والديّ صورًا ومقاطع فيديو عن الأوضاع في غزّة"، متهمًا شبكة فوكس نيوز بـ "نزع الإنسانية عن الفلسطينيين". وأضاف: "حتّى والداي صُدما عندما شاهدا أشياء لم تُعرض يومًا في نشرات الأخبار على التلفاز: المجاعة الجماعية، وقف المساعدات الإنسانية، القصف المتكرّر حتّى لم يتبقَّ سوى الرماد. القلب ينكسر".