صراع سعودي إماراتي مفتوح ينذر بتصعيد عسكري وسياسي واقتصادي يفاقم المعاناة في المحافظات المحتلة
السياسية - متابعات :
دخلت الخلافات بين الاحتلال السعودي ونظيره الإماراتي مرحلة غير مسبوقة من التصعيد المفتوح، بعد التطورات الدراماتيكية في عدن والمحافظات الشرقية. التحركات العسكرية لأدوات الإمارات المتمثلة بما يسمى الانتقالي أفضت إلى اندفاع سعودي دبلوماسي وأمني واقتصادي، تُوّج بإجلاء حكومة الفنادق من عدن، وبدء دراسة إجراءات عقابية ضد مرتزقة أبوظبي على خلفية سيطرتهم على حضرموت والمهرة وإعلانهم تصعيداً سياسياً و"شعبياً" في عدن.
مصادر إعلامية أكدت أن أعضاء حكومة الفنادق غادروا عدن في ظل اضطراب كبير، عقب خروج قوات الاحتلال السعودي وتصاعد التوتر مع مليشيا الانتقالي. ونقلت رويترز عن ما أسمته قيادياً بارزاً في الانتقالي أن مغادرة حكومة المرتزقة تمت دون أن يطلب أدوات الإمارات ذلك، في إشارة إلى فقدان الحكومة السيطرة على مقراتها ونفوذها داخل المدينة، وأنها غادرت بتوجيه سعودي، وهو ما ينذر بمرحلة صراع جديدة تقودها السعودية، خصوصاً مع تصعيد إعلامي وسياسي سعودي واضح.
وتزامنت المغادرة مع سفر رئيس مجلس الثمانية الخونة المرتزق رشاد العليمي ورئيس حكومة الفنادق سالم بن بريك إلى الرياض قبل يومين، حيث شنّ الخائن العليمي هجوماً لاذعاً على أدوات الإمارات، واصفاً تحركاتها العسكرية في حضرموت والمهرة بأنها انقلاب كامل على ما يسمى الشرعية، ومطالباً بسحب قواتها فوراً بما يتوافق مع الموقف السعودي.
وبحسب تقارير، فإن الرياض تدرس فرض إجراءات عقابية، بينها خفض أو رفع الدعم الاقتصادي عن سلطات المرتزقة في المحافظات الجنوبية والشرقية التي تواجه أزمات خانقة، ما يجعل مليشيات الانتقالي أمام تحدٍّ صعب وقد تصطدم بسخط شعبي جراء المعاناة المعيشية التي يكابدها سكان تلك المحافظات، والتي قد تزداد سوءاً عقب التصعيد الاقتصادي السعودي.
وفي السياق نفسه، اتخذت السعودية خطوة مباشرة حملت طابع رسالة تحذير، بإغلاق المجال الجوي في عدن والمناطق المحتلة لفترة وجيزة، ما أدى إلى تعليق الرحلات من وإلى عدن، وفق ما أكدته وكالة أسوشيتد برس، التي نقلت عن مسؤول في حكومة الفنادق أن تحالف العدوان لم يصدر التصاريح اللازمة للطيران، فيما وصف المسؤول المرتزق الإجراء بأنه رسالة سعودية صريحة للانتقالي بعد توسعه العسكري الأخير في حضرموت، المحافظة الغنية بالنفط والمتاخمة للمملكة.
وبينما تقطعت السبل بمئات الركاب في مطار عدن لساعات، أعيد فتح المجال الجوي لاحقاً، لكن الخطوة كشفت حجم التوتر المتصاعد الذي بات يهدد بتقسيم اليمن بما يتواءم مع انقسامات الاحتلال السعودي الإماراتي.
ميدانياً، سيطرت القوات التابعة للإمارات على القصر الرئاسي في عدن خلال عطلة نهاية الأسبوع، وأجبرت الحرس على الإخلاء الكامل، وفق وسائل إعلام العدوان، في مؤشر على انتقال السيطرة الفعلية في المدينة إلى أدوات أبوظبي.
الخائن العليمي، الذي وصفته تقارير بأنه صنيعة الرياض، لجأ خلال الساعات الماضية إلى تحريك السلك الدبلوماسي الدولي عبر اجتماع عاجل مع سفراء الدول الراعية، متوسلاً ممارسة ضغط علني لإجبار ما يسمى الانتقالي على التراجع، في اعتراف صريح بعجزه عن اتخاذ أي قرار داخل المناطق التي يُفترض أنها خاضعة لسلطته.
وخلال الاجتماع، حذّر الخائن العليمي من أن استمرار تمرد الانتقالي سيقود إلى كارثة اقتصادية وإنسانية، مشيراً إلى أن اضطراب حضرموت والمهرة ستكون له انعكاسات خطيرة على صرف المرتبات وتأمين الوقود والخدمات، متناسياً أن المعاناة المعيشية لسكان المحافظات المحتلة كانت في الذروة، في محاولة لتحميل الاحتلال الإماراتي وأدواته المسؤولية.
وتأتي تحذيرات المرتزق العليمي بعد تقارير لوكالة رويترز نقلت عن ما أسمته مسؤولاً رفيعاً في فرع البنك المركزي بعدن قوله إن حكومة الفنادق تواجه أزمة مالية غير مسبوقة، ما يؤشر إلى تدهور متسارع في المؤشرات المالية داخل مناطق سيطرة تحالف العدوان على أعقاب انقساماته.
ويرى محللون أن التوتر بين قطبي تحالف العدوان والاحتلال سينعكس مباشرة على سعر الصرف والاقتصاد والخدمات، وسط توقعات بانهيار واسع في المناطق التي يسيطر عليها مرتزقة الإمارات نتيجة هشاشة الوضع المالي واعتماده الكامل على فتات الدعم الخارجي الذي لم يتمكن أساساً من السيطرة على الانهيار الاقتصادي والأمني والمعيشي.
وتحذر تقارير اقتصادية من أن تفاقم الصراع بين الاحتلال السعودي ونظيره الإماراتي سيؤدي إلى تدهور معيشي غير مسبوق، في وقت تعيش فيه عدن وبقية المناطق المحتلة أزمات خدمية متكررة وارتفاعاً حاداً في أسعار المواد الأساسية.
إلى ذلك، تشير التصريحات المنقولة على قناة الحدث السعودية إلى أن المرتزق العليمي بات يرفض أي منازعات داخل حكومة المرتزقة، داعياً لتدخل دولي لحماية حكومته من المجلس الانتقالي، في دلالة إضافية على انفراط عقد التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، وتحول أدواته إلى مراكز نفوذ متصارعة تفجّر الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي جنوب وشرق اليمن.
التطورات الميدانية والاقتصادية الأخيرة تعكس بوضوح أن انقسام أدوات العدوان ليس خلافاً عابراً، وإنما صراع نفوذ إقليمي محتدم يهدد بتمزيق ما تبقى من مؤسسات حكومة الفنادق، ويفتح البلاد على موجة جديدة من الفوضى والانهيار.
* المسيرة نت

