السياسية - وكالات:

أكد تصنيف دولي لانعدام الأمن الغذائي، اليوم الجمعة، تشارك فيه الأمم المتحدة، أنه رغم تحسن الأمن الغذائي والتغذية في قطاع غزة مقارنة بتحليل سابق رصد وجود مجاعة، فإن غالبية سكان القطاع في الشهرين الماضيين استمروا في مواجهة مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأوضح التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، نشره موقع أخبار الأمم المتحدة، أنه على الرغم من زيادة المساعدات الإنسانية منذ وقف إطلاق النار الذي أعلن في 10 أكتوبر 2025، بما في ذلك المساعدات الغذائية، إلا أنه يتم فقط تلبية الاحتياجات الأساسية للبقاء على قيد الحياة.

وأضاف أن البنية التحتية والخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية ومعالجة المياه والصرف الصحي، لا تزال غير كافية لدعم جميع السكان.

وتابع: "لا يزال العديد من الناس يعيشون في ملاجئ مؤقتة، مما يجعلهم عرضة لظروف الشتاء القاسية”.

والتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي هو مبادرة عالمية تضم وكالات من الأمم المتحدة وشركاء إقليميين ومنظمات إغاثة.

ويُصنف انعدام الأمن الغذائي في خمس مراحل، أشدها المجاعة التي تأتي في المرتبة الخامسة.

وكان التصنيف أكد في أغسطس الماضي حدوث المجاعة في محافظة غزة وتوقع انتشارها إلى محافظتي دير البلح وخان يونس بنهاية سبتمبر الماضي.

إلى ذلك علّق الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش على تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي في غزة، الصادر اليوم، قائلا: "لقد تراجعت المجاعة، ويستطيع عدد أكبر بكثير من الناس الحصول على الغذاء الذي يحتاجونه للبقاء على قيد الحياة".

لكنه حذر في تصريحات للصحفيين، من أن "المكاسب هشة، بل هشة بشكل خطير"، مضيفا: "يحزنني أن أرى الحجم المستمر للمعاناة الإنسانية في غزة، فالعائلات تتحمل ما لا يطاق، ويُجبر الأطفال على النوم في خيام غمرتها المياه، وتنهار المباني - التي تضررت بالفعل بسبب القصف - تحت وطأة الأمطار والرياح، ما يحصد المزيد من أرواح المدنيين".

وأفاد التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي الصادر اليوم، بأن أكثر من 500 ألف شخص واجهوا مرحلة انعدام الأمن الغذائي الحاد "الطارئ" (المرحلة 4 من التصنيف) وأكثر من 100 ألف شخص يعانون من ظروف كارثية (المرحلة 5)، خلال الفترة بين أكتوبر ونوفمبر.

وأكد التصنيف أن "سوء التغذية الحاد بلغ مستويات حرجة (المرحلة 4 لسوء التغذية الحاد على التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي) في محافظة غزة، ومستويات خطيرة (المرحلة 3) في محافظتي دير البلح وخان يونس”.

ووفقا للتصنيف، "واجه حوالي 1.6 مليون شخص (77% من السكان الذين شملهم التقرير) إجمالا مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة 3 أو أعلى من التصنيف)”.

وتوقع التصنيف أن يبقى الوضع حرجا - خلال الفترة بين 1 ديسمبر 2025 ، و15 أبريل 2026، حيث لا يزال حوالي 1.6 مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي في مرحلة الأزمة أو ما هو أسوأ.

وبحسب التصنيف، يشمل ذلك 571 ألف شخص في ظروف انعدام الأمن الغذائي الحاد "الطارئ" (المرحلة 4 من التصنيف)، وحوالي 1900 شخص في مرحلة الظروف الكارثية (المرحلة 5)، ما يعكس انخفاضا في أشد الظروف سوءا.

وحتى منتصف أكتوبر 2026، من المتوقع أن يعاني ما يقرب من 101 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 6 و59 شهرا في جميع أنحاء قطاع غزة من سوء التغذية الحاد ويحتاجون إلى العلاج، مع أكثر من 31 ألف حالة شديدة. وخلال الفترة نفسها، ستواجه 37 ألف امرأة حامل ومرضعة أيضا سوء التغذية الحاد وتحتاج إلى العلاج، طبقاً للتنصيف.

ونبه إلى أنه في ظل أسوأ السيناريوهات، والذي يشمل تجدد الأعمال العدائية وتوقف تدفق المساعدات الإنسانية والتجارية، فإن قطاع غزة بأكمله معرض لخطر المجاعة حتى منتصف أبريل 2026، مضيفا أن هذا يؤكد خطورة الأزمة الإنسانية المستمرة.


على صعيد متصل، لفت أمين عام الأمم المتحدة إلى "التدهور السريع" في الضفة الغربية، قائلا إن "الفلسطينيين يواجهون عنف المستوطنين الإسرائيليين المتصاعد، ومصادرة الأراضي، وعمليات الهدم، والقيود المشددة على الحركة".

وأكد أهمية صون القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وتنفيذ التدابير والقرارات التحفظية الصادرة عن محكمة العدل الدولية.

وأضاف غوتيريش: "كان الرأي الاستشاري للمحكمة الصادر في 22 أكتوبر 2025، واضحاً: إسرائيل ملزمة بالسماح بتسهيل المساعدات الإنسانية، والتعاون مع الأمم المتحدة في تنفيذ ولاياتنا، واحترام امتيازات وحصانات الأمم المتحدة وموظفيها، بما في ذلك في أوقات النزاع المسلح".

وجدد دعمه لوكالة الأونروا، مؤكداً أنها تقوم بدور لا غنى عنه في خدمة الشعب الفلسطيني، في غزة وفي أماكن أخرى في المنطقة.

وتابع الأمين العام للأمم المتحدة: "هذه أزمة ناجمة عن قرارات بشرية، ويمكن حلها بخيارات بشرية، إذا كانت هناك إرادة سياسية للتحرك"، داعياً إلى إنهاء "هذه المعاناة الجائرة طويلة الأمد".

وفي رده على سؤال صحفي عن المرحلة الثانية لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، قال غوتيريش:"من الضروري الانتقال إلى المرحلة الثانية، ولا أعتقد أنه ينبغي أن تكون لدينا أي ذريعة لتجنب ذلك".
وأوضح أن الأمر لا يقتصر على المرحلة الثانية فحسب، بل يشمل أيضا التأكيد على التنفيذ الكامل للمرحلة الأولى.

بدورها، علقت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) ومنظمة اليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية على نتائج التصنيف قائلة إن هذا التقدم المشجع لا يزال هشا للغاية، حيث مازال السكان يعانون من الدمار الهائل للبنية التحتية وانهيار سبل العيش والإنتاج الغذائي المحلي، نظرا للقيود المفروضة على العمليات الإنسانية.

وحذرت الوكالات الأممية من أنه بدون توسيع نطاق المساعدات الغذائية والمعيشية والزراعية والصحية بشكل مستدام وكبير، إلى جانب زيادة التدفقات التجارية، قد يعود مئات الآلاف من الناس بسرعة إلى حالة المجاعة.

ودعت المنظمات في بيان أصدرته اليوم الجمعة إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية والتجارية بشكل مستدام وآمن ودون عوائق وفي الوقت المناسب إلى جميع أنحاء غزة.

وطالبت برفع القيود المفروضة على الواردات الأساسية، بما في ذلك المدخلات الزراعية والسلع الغذائية ومستلزمات التغذية والرعاية الصحية وزيادة التمويل بسرعة للخدمات الأساسية، بما في ذلك الغذاء والتغذية والصحة والمياه والصرف الصحي والدعم الزراعي والمعيشي، لمنع المزيد من التدهور وتمكين إعادة التأهيل والتعافي.

كما طالبت بإعادة تنشيط الإنتاج الغذائي المحلي وسلاسل القيمة.

وحذر الوكالات الأممية من أنه بدون اتخاذ إجراءات حاسمة الآن، فإن المكاسب التي تحققت منذ وقف إطلاق النار قد تتبدد بسرعة.