فاطمة محمد

من الطبيعي أن ترى شخصاً يذكر بالثناء من كان له الفضل في إسعاده، أوإسداء معروف له، أو إنقاذه من مأزق أوشك بصاحبه على الهلاك؛ بل نرى في هذا الزمن بأُم أعيننا أُناساً يُسبحون بالحمد لمن يرفع معنوياتهم أو يُعطي لهم دفعة للحياة المشرقة، ولا أحد يعترض عليهم أو يستنكر تلك المبالغة العمياء، أو يرى ذلك معيباً
بغض النظر عما إذا كان ذلك الامتنان مبالغًا فيه، أو أن المشكور لا يستحق كل ذلك الثناء والإطراء بالنسبة إلى بساطة ما قدمه لكن…!

إلا أن هناك شخص لو تغنينا الدهر كله بمدحه ما أوفيناه حقه أو استكفينا من إعطائه مكانته، تعجز الألسن في ظل تزاحم المشاعر الحارة المحبة العاشقة له أن تبوح بما هو جدير به وما يليق بمقامه.

إنه لعظيم مني أن أتجاسر فأذكره وأمدحه وأُثني عليه ومن أنا أمام كبير مقامه وكريم خصاله وسمو معاليه؟ وهل يرقى الثرى للثريا؟

هو من شد قلبي وروحي وكياني وامتزج حبه بحشاشة قلبي، هو نور النور، بدر البدور، من استضاءت الدنيا بقدومه، وهلت البشائر بحلول مولده.

كيف لأحرفي ألا تشكر حبيبي ومهجة فؤادي ونور عيني: *رسول الله صلوات الله عليه وآله؟* به أنقذنا الله من غياهب الضلال إلى نور الهدى، ومن مزالق الظلمات إلى نور الدين والدنيا.

لذكري له وحبي إياه لا يجزي ماعاناه لأجل إبعادي من نار جهنم، وقلبه يتحرق ألماً على الذين آمنوا به ولم يروه.

ألا يعد من الأخلاق أن نشكر رسول الله على كل ما بذله من مجهود ليهدينا؟! وما حجم الشكر أمام ثلاث وعشرين سنة من الإعذار والإنذار قضاها نبي الهدى خلال فترة نبوة لم تخل من الاضطهاد والمحاربة؟

أيكون نبي الإنسانية جوادًا علينا بروحه حتى كاد يقطع نفسه ألما على هدايتنا (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَـمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا)

بينما لا نكلف أنفسنا أن نقدّر ولو نزراً يسيراً من جمائل *سيدي رسول الله* وهو والله حقير أمام جنابه، إن الروح تأبى إلا أن تفصح بالحب العميق، والوداد الكبير، والشكر الجزيل في يوم ميلاد النور .. مبعث الخير
لنبي الحياة ومشكاة الهداة فلعل ذكرنا له يقربنا من حضرته، ويدنينا من شخصه، ويجعلنا أكثر التحاماً بسيرته، والتصاقاً بمحبته
فلا تحلو لنا الحياة إلا بذكره، والإقتداء به، وشغل أوقاتنا بالصلاة والسلام عليه وآله..
وماهذا التعظيم والتبجيل والتعزير إلا تقديرًا للجميل.